أهمية الإعداد الذهني للاعبي كرة القدم

إن التدريب في كرة القدم يهدف إلى الإعداد المتكامل للاعب بدنياً ومهارياً وخططياً وفكرياً وذهنياً ونفسياً لتحقيق أعلى مستوى بالأداء المتكامل الذي يحقق الإنجازات العامة والخاصة.. وكما هو معروف أن عملية التدريب عموماً بأنه عملية تهدف إلى تهيئة اللاعب لمواجهة ما يمكن أن يواجه في المنافسات والمباريات بصورة تؤمن له الحلول التي تمكنه من التعامل مع مجريات الأحداث في داخل الملعب وتطويع الظروف لتصبح في خدمته من أجل والوصول إلى غاياته وتحقيق النجاح، كما هو معروف يعتبر التدريب في مجال كرة القدم عملية تربوية مخططة مبنية على أسس عملية هدفها الوصول باللاعبين إلى أرقى المستويات الرياضية خلال تطوير والارتفاع بمقدرة اللاعب الفسيولوجية والوظيفية والفنية والنفسية والذهنية إلى أعلى درجاتها.
والتدريب في كرة القدم بهذا المعنى ومن هذا المفهوم يعد وسيلة وليس غاية في حد ذاته فهو يعمل على تحقيق أهداف مشتركة لكل من المدرب واللاعبين والإداريين من خلال تأدية واجباتهم بأعلى مستوى من الكفاءة أثناء تنمية وتطوير قدرات اللاعبين البدنية والفنية والنفسية والأخلاقية للوصول بهم إلى مستويات تؤهلهم تحقيق الانتصار والإنجاز في كرة القدم.
ويحدد التدريب في كرة القدم بمعناه الشامل بأنه العملية الكلية المنظمة والمخططة والموجهة للنهوض بمستوى اللاعبين من خلال مؤثرات منسقة تهدف من خلال تنمية الكفاءة البدنية والاستعداد لأداء الجهد ويصبح الإعداد الذهني هو الجزء المهم والمكمل للكفاءة البدنية والفنية للوصول لأعلى مستوى رياضي، وبالتالي تحقيق الهدف الذي يصبو إليه الفريق أو المنتخب.
إن الهدف العام للتدريب الرياضي في كرة القدم يتحقق من خلال التدريب المستمر والمنظم والعمل الهادئ للمدرب مع لاعبيه لتحقيق أعلى إنجاز واستخدام الخبرات الناجحة في تحقيق ذلك مع العمل على استكمال وتطوير الصفات البدنية التي تعكس إيجابيا على تنمية الصفات المعنوية والإرادية عن طريق الإعداد الذهني الصحيح لأعضاء الفريق مع اختيار أنسب طرق التدريب وأساليب الإعداد الذهني ومواقيتها المختلفة لأن الإعداد الذهني يعتبر كل ما يتخذه المدرب من إجراءات تجاه لاعبيه لإكسابهم القدرات التي تمكنهم من أداء المهام التدريبية بكفاءة عالية والتي ينعكس أثرها على تحقيق أفضل المستويات في مباريات ومنافسات كرة القدم.
ولرفع الإنجاز الرياضي لأقصى درجة يحتاج الرياضي إلى تنمية مقدرته الذهنية ويلعب الإعداد الذهني دوراً مهما في القدرة على التفكير السليم والتصرف الحسن للاعبين أثناء التدريب والمباريات وتزداد أهمية الإعداد الذهني كلما اشتد التنافس بين الفريقين وفي كل أوقات المباراة وخاصة في اللحظات الحرجة أثناء سير المباراة.
يجب على أي مدرب أن ينمي القدرات العقلية للاعبين لمساعدتهم على التفكير السليم والتصرف المناسب أثناء المباراة، وكذلك يجب على المدرب أن يكسب لاعبيه المعارف والمعلومات النظرية والتطبيقية مثل قواعد وقوانين اللعب والنواحي الصحية والخصائص البشرية بجانب النواحي الفنية والخططية الخاصة بكرة القدم. لمساعدتهم في تفهم مثل هذه الأمور والتعامل معها ذهنياً.
إن الشعور بالرهبة عند المواجهة يبقى مسيطراً، بل قد يصبح اعتقاداً وهاجساً يعيشه اللاعبون، والمدربون، والإداريون، والجمهور، وهو شبيه بالعادات والتقاليد السلبيّة في المجتمعات ومن الصعب إزالة الاعتقاد السلبي بمجرد التعرف عليه، وهنا يأتي دور الإعداد الذهني خلال فترات التدريب، والمباريات، لعلاج الحالات.. كل الحالات التي تطرأ على اللاعب بطرق علمية صحيحة لا تتناقض مع الطريقة التي تعلمها اللاعب خلال مراحل التطور.
يجب أن يعلم المدرب بأهمية الإعداد الذهني، وأن إهمال هذا الجانب يتسبب في عدم التصرف السليم للاعبين في المواقف الصعبة أثناء سير المباريات وقد يتسبب ذلك في إخفاق اللاعب بل ربما في إخفاق الفريق بأكمله، وقد تكون النتائج كارثة في بعض الأحيان السبب هو عدم عناية المدرب بالإعداد الذهني وتنمية القدرات العقلية للاعبين، خاصة أن الإعداد الذهني يعد واجبا مهما من واجبات المدرب التعليمية، لأن تنمية القدرات العقلية للاعب تجعله لاعبا خلاقا ذا مبادئ يعرف كيف يتحرك في الملعب بوعي، وكيف يستخدم المهارات الأساسية المناسبة التي يتمتع بها لمواقف اللعب المختلفة، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالإعداد الخططي. وهو إعداد مكمل للإعداد الخططي، والاثنان معا يمثلان مقدرة اللاعب على التصرف الخططي السليم، وقد حدث هذا في منافسات كأس آسيا الأخيرة، حيث خرجت منتخبات عريقة وأصيلة وكانت مرشحة للفوز بالبطولة لعدم إعداد اللاعبين الإعداد الذهني الصحيح بل لأن مؤشر القدرات الذهنية عن بعضهم يشير إلى الصفر، وبعكس ذلك ففي بطولة إفريقيا للاعبين المحليين التي أقيمت في السودان أخيرا تعامل بعض من مدربي المنتخبات العربية بصورة احترافية في الإعداد الذهني للاعبيهم مما حقق لهم النجاح والظهور أمام أسماء المنتخبات الإفريقية المرعبة ببسالة بل كان الختام فوز تونس بالبطولة.
وهناك بالطبع مكونات مهمة للمقدرة الذهنية للاعب كرة القدم والذي تتطلب التركيز في الانتباه والتركيز هو الشعور في شيء معين استعداداً لملاحظته أو أدائه لأن المباريات تستدعي أن يكون للاعب مقدرة ذهنية فتركيز الانتباه يؤثر تأثيراً مباشراً في أداء اللاعب أثناء المباراة التي تتغير فيها المواقف، فتارة يكون الفريق مهزوما وتارة أخرى يحقق التعادل أو الفوز وتارة تهبط معنويات الفريق وأخرى ترتفع تلك المعنويات وهي تناقضات قد تتعدد، لذا يلعب التركيز دوراً مهما وبشكل واضح أثناء المباراة فيتمكن اللاعب من الإدراك الحقيقي والدقيق للمواقف وإدراك اللاعب لمقدرة المنافس وللمسافة بينه وبين زملائه اللاعبين كذلك المنافسين ولاتساع الملعب ومكان الأهداف والزمن مثل الوقت الذي مضى والوقت الباقي من المباراة ووقت سكون الكرة في الهواء حتى تصل إليه كل ذلك له أهميته، حيث يستطيع أن يؤدي اللاعب العمليات الذهنية بالسرعة المطلوبة وبالطريقة السليمة، ولذلك يتم التدريب على تركيز الانتباه في أثناء التدريبات وأن يكون مستمراً من خلال وحدة التدريب، ولذلك تكون أهم متطلبات التدريب أن يركز اللاعب انتباهه خلال التوجيه الدائم لأهداف التدريب ومن خلال التفهم للواجبات المعينة التي يطلبها المدرب من اللاعب، وبالتالي يعتاد ذلك أثناء المباراة، ويكون فعلاً قد تفهم دوره من خلال التدريبات وما يجب عليه أن يقوم به في أثناء المنافسات أو المباريات ويعتبر الانتباه والإدراك الأساس الذي تقوم عليه سائر العمليات العقلية الأخرى فدونها لا يستطيع اللاعب أن يعي أو يتعلم.
وهناك الملاحظة والتي تعد أحد المكونات المهمة للمقدرة الذهنية فهي تعطي اللاعب المعلومات عن سير اللعب أثناء المباراة مما يكون له أثر كبير في تحركات وتصرفات اللاعب أثناء المباراة، وبالتالي على أدائه الفني واستغلال مهاراته الفنية في تنفيذ الحلول الفردية وعلى المدربين تنمية الملاحظة بالطرق المعروفة للتدريب على الملاحظة الذاتية أثناء التدريب أو المباريات التجريبية، ومن ثم ينفذها أثناء المباريات الرسمية.
ويأتي الدور المتعاظم وهو التفكير الذي يلعب دوراً مهما في أداء اللاعب أثناء المباراة وأثناء المباريات تكون هناك غرفة عمليات داخل ذهن اللاعب، فبالتفكير السليم يستطيع أن يدرك اللاعب المواقف المتعددة أثناء المباراة ثم يقوم بتحليلها ويعقب ذلك الاستجابة الخططية لهذه المواقف التي تستدعي سرعة تفكير اللاعب لاتخاذ القرارات الواجبة وتتوقف صحتها علي خبرات اللاعب السابقة أو المكتسبة بالإعداد الذهني وشدة تركيز انتباهه على ما يحدث في الملعب، ونلاحظ أن ذلك يتم ربما في دقائق أو ثوان معدودات؛ لذلك يجب على المدرب أن يعمل دائماً على وضع اللاعب أثناء وحدة التدريب في مواقف مختلفة تجعله يفكر في التصرف في تنفيذ الخطط المطلوبة، وأن يتم التكرار المستمر لهذه المواقف حتى تتم تنمية المقدرة على الفهم والإدراك الصحيح للمواقف المختلفة التي تنشأ أثناء المباراة وكيفية الاستجابة لها وبذلك يكتسب اللاعب قدرات ومعرفة تجعله قادراً على التفكير والتصرف السليم والسريع أثناء المباراة بالدقة والثبات والثقة والتوقيت السليم.
وهناك صفات أخرى يجب على المدرب تدريب لاعبيه عليها وهي المقدرة على الاستنتاج السليم واتخاذ القرارات أثناء التمرين حتى يتدربوا ويتعودوا ذلك، وبالتالي تسهل المهمة في لحظة الحاجة إلى ذلك وهو خلال سير المباراة، وإن اللاعب الذي تكون لديه المقدرة على الملاحظة ثم التفكير السليم لابد أن يعقبهما مقدرته على الاستنتاج السليم لما لاحظه حتى يتخذ القرار الصحيح فيما يجب عليه أن يفعله، وهناك تمرينات متنوعة خاصة بتنمية هذه المقدرة.
تتطلب مقدرة اللاعب علي هضم المعلومات التي تصل إليه عن طريق الملاحظة للمواقف المختلفة أثناء المباراة، وكلما كان اللاعب قادراً على سرعة الملاحظة للمعلومات وتفهمها متمكناً من التفكير السريع يستطيع أن يتصرف التصرف المناسب وفي الوقت المناسب، وبالتالي يؤدي أداء سليماً في المنافسة أو في المباراة وتقع على المدرب مسؤولية تعليم اللاعب كيفية المقدرة على سرعة فهم أوضاع اللعب وسرعة التصرف السليم واتخاذ القرار المناسب لتنفيذ أسلوب اللعب الأنسب لتلك اللحظة ومع تكرار التدريبات الخططية التي تشبه ما يحدث في الملعب وتنوعها يمكن تقصير زمن إدراك اللاعب للمواقف وزيادة مقدرته على التصرف السريع. ثم يأتي الدور المتعاظم لتدريب اللاعب على طرق تنمية المقدرة الذهنية، فالتعليم النظري قبل التدريب يتم ذلك من خلال الإرشادات النظرية التي تعطي خلال محاضرات تعليم خطط اللعب أو عند تقييم المباريات أو أثناء المناقشات النظرية الخاصة بشرح قوة أو ضعف الخصم وسبل الاستفادة من هذا الضعف، وذلك بهدف اكتساب اللاعب المعرفة الخططية والفنية بحيث يمكن تنظيمها والتي تعتمد على التكرار المستمر للتمرينات لتثبيت المعرفة وتنوع وكثرة شرح المشكلات التي قد تطرأ وسبل حلها ومنح اللاعب الفرصة لعمل محاولات ذاتية في المعرفة والمحاولة الدائمة في الابتكار والتصرف من دون توجيهات من المدرب، ومن أهم الأمور الأخرى هو إجراء القياس المنظم للمعرفة لدى اللاعب هو دوام ملاحظة تطبيقها أثناء التدريبات الإعدادية المباريات.
ونستعرض هنا أيضاً طريقة التوجيه النظري في أثناء أداء التمارين والتدريبات الإعدادية والتعلم النظري للاعبين الذي يمثل جزءاً مهما من التدريب الرياضي الحديث ويعطي العناية اللازمة لأن يتعلم اللاعب أن يعرف كيف ومتى يستخدم مهاراته وقدراته تبعاً للظروف والأحداث المتغيرة للمواقف الخططية، وعندما يبدأ المدرب الشرح يجب على اللاعب أن يبدأ بالتركيز في هذا الموقف محاولاً تفهم ما يرمي إليه المدرب ثم يفكر ليقوم باتخاذ القرار المناسب في أقل زمن ممكن، ومن هنا تتضح أهمية الإعداد الذهني في عملية اتخاذ القرار، ويتم ذلك باستثارة رغبة اللاعب خلال عملية التدريب فيقوم بتحليل ما يقوم به من نشاط ويوجهه ويكون ذلك عن طريق التطبيق العملي للمعرفة التي حصل عليها نظرياً من قبل، وأن يحاول التحقق من مقدرته الذهنية وتنميتها وتثبتها لأن الإعداد الذهني يرتبط ارتباطا مباشراً بالتدريب العملي، ولذلك فإن التوجيه يخدم عامة جوانب المعرفة والخبرات العلمية والفروق الفردية لكل لاعب.
ثم تأتي مرحلة تنظيم الإعداد الذهني بعد التدريب وهي مرحلة لا تقل أهمية عن المراحل الأخرى ولكنها تختص بأن المدرب يجب أن يعطي نشاطاً يسعى إلى تعليم المقدرة علي التطبيق عن طريق المناقشة الهادفة الدقيقة لواجبات اللاعبين مع وضوح الهدف من هذه المناقشة وتوجيه عمليات التفكير للاعبين في محاولة إيجاد الحلول للواجبات وتقييم النتائج وتوفير خبرات النجاح بهدف إيجاد الرغبة لدى اللاعب في التحسين بالارتقاء لما هو أحسن، فاللاعب المعد ذهنياً يكون له سرعة تلبية أسرع من غيره وسرعة التلبية تلعب دوراً مهما في أداء لاعب كرة القدم، وهي تعتبر حالياً من أهم مميزات لاعب كرة القدم الحديثة. وهناك عدم اهتمام من المدربين ببعض الأمور والتي تترتب عليها أسباب عدم تطبيق اللاعبين لما تم التدريب عليه هو إهمال المدربين تصحيح أخطاء تدريب اليوم الأول في وحدة التدريب لليوم الثاني واهتمامهم فقط بمحاولة تصحيح أخطاء المباراة فقط، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق، فالمباراة ما هي إلا استمرار لعملية التدريب والذي لا يطبق في التدريب لا يطبق في المباراة وعلى المدربين للارتفاع بالقدرات الذهنية والتي تساعد اللاعب في الارتقاء بقدراته العقلية، وهي من أهم العوامل التي تؤثر في حسن اتخاذ القرار الخططي أثناء المباريات.
إن المتطلبات الذهنية مهمة جداً للاعب أثناء المباراة، وتزداد قيمتها وتظهر بوضوح كلما اشتد التنافس وبصورة خاصة في اللحظات الحرجة من المباراة، والإعداد الذهني هنا واجب مهم من واجبات المدرب التعليمية، وقد ظهر جلياً في عدد كبير من مباريات الفرق والمنتخبات العربية بأن المدربين لا يقومون بالمتطلبات الذهنية للاعب لاعتقادهم بعدم أهمية هذا الإعداد، ويجب أن يعلم أن الإعداد الذهني الذي يقوم به المدرب ليجعل كل لاعب وحدة عمل متكاملة لتنفيذ المطلوب بجدارة يعرف متى وكيف يحسن التصرف ويستغل مواهب واستعداده الذهني، والإعداد الذهني والتعليم النظري يمثل جزءا مهما دائما من التدريب الحديث، ويعد الإعداد الذهني من أهم واجبات عملية التدريب التي يجب أن يضعها المدربون نصب أعينهم وأهم القدرات العقلية المطلوب تبينها للاعب، ويستحق دائما من المدرب أن يعطيه العناية الكافية، وهذا الإعداد الذهني يعطى اللاعب الخبرة اللازمة والتي يمكن أن تفيد فريقه خلال الأوقات الحرجة من المباراة، ويلعب الإعداد الذهني دورا مهما في القدرة على التفكير السليم والتصرف الحسن للاعبين أثناء المباراة والتدريب، وتزداد أهمية الإعداد الذهني كلما اشتد التنافس بين الفريقين وخاصة في اللحظات الحرجة أثناء سير المباراة.
ما يجب على أي مدرب أن ينمي القدرات العقلية للاعبين لمساعدتهم على التفكير السليم والتصرف المناسب أثناء المباراة، وكذلك يجب عل المدرب أن يكسب لاعبيه المعارف والمعلومات النظرية والتطبيقية مثل قواعد وقوانين اللعب والنواحي الصحية والخصائص البشرية بجانب النواحي الفنية والخططية الخاصة بكرة القدم. والإعداد الذهني يعد واجبا مهما من واجبات المدرب التعليمية، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالإعداد الخططي وهو إعداد مكمل للإعداد الخططي، والاثنان معا يمثلان مقدرة اللاعب على التصرف الخططي السليم لأن الهدف من الإعداد النفسي هو المحافظة على توازن الأداء عند اللاعب أو الفريق بأكمله.
من هنا لابد لكل المدربين العرب الاهتمام الكامل بعملية الإعداد الذهني، ولا بد لنا أن نوضح نقطة مهمة وهي أن المفهوم العام وحسب المصطلحات العلمية وتعريف المختصين فإن الخبرة هي مصطلح عام الخبرة يختزل ضمنه مفهوم المعرفة أو المهارة أو قدرة الملاحظة، لكن بأسلوب فطري عفوي عميق، عادة يكتسب الإنسان الخبرة من خلال المشاركة في عمل معين أو حدث معين، وغالبا ما يؤدي تكرار هذا العمل أو الحدث إلى تعميق هذه الخبرة وإكسابها عمقا أكبر وعفوية أكبر. لذلك تترافق كلمة خبرة غالبا مع كلمة تجربة، وتترافق كلمة خبرة أيضا بشكل خاص مع المعرفة الإجرائية، أي معرفة كيفية عمل شيء ما وليس مجرد معرفة خبرية والخبرة هي المهارة في أداء الأعمال العملية أو الفكرية بجودة عالية وبسرعة وسهولة دون بذل مجهود كبير.
واكتساب الخبرة يتم نتيجة تعلّم الدماغ المهارة في تنفيذ الأعمال المطلوبة, بشكل يمكّنه من القيام بهذه الأعمال دون تدخل الوعي بشكل مفصل, فهو يقوم عندها بالإشراف ومراقبة التنفيذ والتدخل عند الضرورة أو عندما تكون المهارات المكتسبة غير كافية أو غير ملائمة, فيطلب المعلومات والمشورة من الذاكرة، لذلك غالبا ما يصف الفلاسفة الخبرة على أنها معرفة تجريبية. وفي الزمن الفائت كان اللاعب يكتسب خبرته عبر مشاركته في أكبر عدد من المباريات أو تقاس بعدد السنين التي لعبها في الملاعب، وكانت تقاس بقدرة اللاعب على ضبط النفس في مواجهة أحداث التدريب والمنافسات والتعامل معها بأسلوب يبعد اللاعب عن الاحتمالات التي تحدثها ظروف المباريات أو المنافسات الطويلة المدى مثل الدوري وغيرها من المنافسات والتي يحدث فيها الإحباط نتيجة لنتائج الفريق المخيبة الآمال أو لإصابته أو لمواجهة اللاعب مع الإعلام مما ترتب عليه انتقادات حادة وغيرها. ولكن في حالات الإحباط الآن يتم التعامل الذهني مع اللاعب بإعداده إعدادا جيدا في هذا المجال مما يخلق حالة هي مقاومة الإحباط بمعنى أن اللاعب يستطيع أن يبدد الآثار السلبية للإحباط وتحويلها لصالحه وتجعله يصمد أمام الضغوط دون فشل في التوافق النفسي وتحمل الضغوط.
كل هذه الأشياء كان اللاعب يكتسبها بحكم طول فترة لعبه أو وجوده في الملاعب وما تمر به من أحداث، وكانت الحلول الفردية هي التي تتحكم في أداء اللاعب لأن الخطط لم تكن تفي بحاجة الفريق بل يحتاج إلى مهارات لاعبيه وكأن يقال إن هذا اللاعب يراوغ خمسة وستة لاعبين ويحرز بعدها الهدف، ولكن الآن وبحكم خطط اللعب الحديثة التي طغت في معظم مفرداتها على الأداء الفردي والاعتماد على الأداء الجماعي دون الاستغناء عن الحلول الفردية وهي متعة الساحرة المستديرة، وأصبحت الخطة تعتمد على أسس علمية واقعية من خلال النظريات العلمية والفرضيات الواقعية لتمكن من استخلاص نتائج إيجابية دون الوقوع بمشكلات تعجز من تحقيق الأهداف الموضوعة بأقل جهد ووقت ومال، حيث تكون أكثر واقعية بتوفير كل مستلزمات الخطة وإمكانيات تنفيذها من ناحية الأجهزة والتجهيزات الضرورية، كما أصبحت الخطط تختلف في المجال كرة القدم ومتطلباتها من حيث الأهداف الواجب الوصول إليها وتوضع خطط طويلة الأمد متوسطة الأمد وقصير الأمد، وأصبحت عملية التدريب تتطلب الوصول للمستويات العليا هو الإعداد لسنوات عديدة، وهذا لا يأتي مجازفة وإنما يأتي عن طريق التخطيط القائم على أسس علمية سليمة تتضمن الوصول بعملية التدريب إلى أفضل النتائج وأعلى المستويات، وليس معنى ذلك أن التخطيط يرتبط دائما بفترات طويلة، لكن يحتم ضرورة التخطيط لفترات قصيرة أن يحتوي على تحديد الأهداف وواجبات التفصيلية لكل مرحلة، ولكن يصبح التخطيط جيدا يجب أن يرعى أن يكون شاملاً على تحدد الهدف المراد الوصل إليه وتحديد الواجبات المنبثقة من الأهداف المطلوب تحقيقها وتحديد أسبقية كل منها وتحديد مختلف الطرق والنظريات التي تؤدي إلى تحقيق أهم الواجبات بجانب تحديد التوقيت الزمني للمراحل المختلفة.
ثم يأتي الإعداد البدني الذي يؤهل اللاعب بدنياً، حيث يؤدي المباريات والتدريبات من دون الشعور بالإرهاق مما يوفر على اللاعب الكثير من الجهد الفردي الذي كان يبذله في السابق، ويستفيد من هذا الإعداد البدني في تطبيق أنظمة اللعب الجماعي. وأصبح من واجبات المدربين أيضاً إعداد اللاعب بجانب الإعداد المهاري والإعداد البدني يأتي دور الإعداد الذهني وإعداد اللاعب الذهني يمنحه الثقة والإمكانيات الذهنية الكبيرة لاكتساب المعرفة أو المهارة أو قدرة الملاحظة وحسن التصرف في المواقف الصعبة والحرجة، وهذا فعلاً ما يقوم به اللاعب صاحب الخبرة إذا يمكن إكساب اللاعب حتى لو كان صغيراً في العمر أو حديث العهد في الملاعب الخبرة اللازمة عن طريق الإعداد الذهني والذي يمكن عن طريقه أن يمتلك اللاعب الإحساس به يلعب منذ سنوات طويلة، وأصبحت الأمور تعالج وتطبق في التدريبات، حيث إن اللاعب يصبح مهيأ لأداء المباراة من كل النواحي البدنية والفنية والذهنية والنفسية ممل يشكل بالنسبة له خبرة غير مكتسبة بالأداء بل بالإعداد الذهني. ربما تواجه فرقنا العربية مشكلة نفكر في حلها، ونأمل أن نجد لها الحل والمشكلة تتمثل في أن معظم المدربين للفرق والمنتخبات العربية هم من (الخواجات) والذي يقف عامل اللغة في كثير من أعمالهم لأن المترجمين مع احترامي لهم ربما يترجمون كلمة أو جملة ولكنهم لا يمكن أن يترجموا مشاعر والإعداد الذهني للاعب يحتاج إلى تبادل في المشاعر بين اللاعب والمدرب والأمان والثقة التي يكسبها المدرب للاعب عن طريق الإعداد الذهني تكون أغلبها نابعة من قلب لقلب وأيضا من قلب لعقل فكيف يوصل هذا (الخواجة) هذه المشاعر؟. وإذا كان الإعداد البدني يتمّ التدريب عليه من خلال التحكم في أحمال التدريب من ناحية درجة الجهد المبذول ومقدار الراحة المناسبة ومعرفة تأثيرهما على أجهزة الجسم المختلفة للاعب، فإن الإعداد الذهني يتم التدريب عليه من خلال مساعدة اللاعب في السيطرة على أفكاره وتركيز انتباهه والتحكم بالانفعالات وعدم التوتر أو الخوف الزائد من المنافسة وتتطلب طبيعة المستويات الرياضية العالية من الفرد الرياضي ضرورة استخدام قدراته البدنية والمهارية والخططية والنفسية بصورة متكاملة، وذلك لمحاولة إحراز أفضل مستوى ممكن، وأصبحت تمثلّ بعدا مهمّا في إعداد اللاعبين فهي تؤدي دورا أساسياً في إكساب اللاعب الخبرة اللازمة، وعلينا إجراء الدراسات حول طرق وأساليب جديدة في الإعداد حتى يتناسب مع إمكانيات المدربين اللغوية ومع إمكانيات اللاعبين لتطويرها والوصول إلى الآلية في الأداء من خلال التطبيق الصحيح للجوانب المهارية وبرمجة العمليات الفكرية للاعبين.
أما المدربون العرب فعليهم بذل الجهد والاطلاع والدراسة وعقد ورش العمل الخاصة بأمور الإعداد الذهني مع الأطباء النفسيين وعلماء علم النفس الرياضي من أجل بلورة أساليب الإعداد الذهني للشباب العربي، حيث يكون لها الدور الكبير والفعال في تغطية النقص الذي يحدث الفارق دائماً في النواحي البدنية والمهارية بينهم وبين أقرانهم في الدول المتقدمة كروياً، وأن نجعل من الإعداد الذهني وسيلة من الوسائل التي تصنع للاعب العربي شخصية اعتبارية تساعده في مواجهة الفرق ذات الصيت والإمكانيات والأسماء الرنانة في عالم كرة القدم دون أن يترك ذلك أثرا سلبيا على اللاعب. أرجو أن أكون قد أوضحت للإخوة والأحباء المدربين أهمية هذا الجانب، وأن نعمل معا من أجل إكمال العمل الفني بجميع جوانبه البدنية والفنية والذهنية والنفسية حتى نستطيع أن نجاري العالم، وأن نحقق النجاح بالمنافسة في البطولات العالمية بل ولاعتلاء منصات التتويج العالمية والقارية، وأنا على ثقة بأننا إذا تنازلنا عن كبريائنا واتبعنا الطرق والسبل العلمية كما ذكرتها فإننا سنصل ـــ بإذن الله ـــ لمبتغانا في تحقيق النجاح والإنجاز.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي