تقليص الفجوة بين المعاشات وضمانات الشيخوخة

يمكن للحكومات اللجوء إلى المعاشات الاجتماعية بدلاً من أنظمة الاشتراكات وذلك بالحفاظ على المزايا الممنوحة للمشتركين الحاليين، وتحويل الأصول القائمة إلى ملكية الدولة، وصرف مبلغ شهري للمشتركين الجدد عند تقاعدهم. ولضمان استدامة المالية العامة، يمكن تخصيص أموال من الضرائب المباشرة لدعم المعاش الاجتماعي المقترح. ويتعين على الدولة القيام بما يلي:
(أ) فرض ضرائب على الدخل (أو غيرها من الضرائب المباشرة) أو زيادة هذه الضرائب بصورة طفيفة وضخ إيرادات إضافية في صندوق خاص لاستخدامه في المعاشات التقاعدية الاجتماعية، (ب) تحويل جميع مساهمات الدولة المقررة للمشتركين الجدد إلى الصندوق لاستخدامها بعد 40 عاما من تنفيذ المعاش الاجتماعي الجديد، (ج) تحسين إدارة وأداء الأنظمة الحالية.
هناك خيار آخر على مستوى السياسات، يتمثل في استحداث حسابات التقاعد الفردية الذي يتضمن تقديم حوافز ضريبية لتشجيع المدخرات التكميلية التي تؤدي إلى زيادة المزايا والمبالغ التي يتم الحصول عليها عند التقاعد. وتوفر المعاشات التقاعدية الطوعية مزايا لمجموعات خاصة من المشتركين، وهي أسهل في الإدارة والتعامل، كما تعمل على تحسين النتائج الاقتصادية طويلة الأجل من خلال زيادة الكفاءة، فضلاً عن خفض المخاطر التي تواجه العمالة بدلاً من الاعتماد على الحكومة، مع ضمان أساليب أكثر عدلاً وإنصافاً لصرف المزايا والمستحقات.
وتتمثل التدابير الأخرى الداعمة في خفض إعانات الدعم وتوسيع القاعدة الضريبية و"فرض ضرائب على المواد المضرة" (التبغ والمشروبات الغازية والوقود الأحفوري إلخ) وإلغاء النفقات الضريبية لتمويل المعاشات الاجتماعية.
مزايا اعتماد هذه السياسات لتحسين منظومة المعاشات التقاعدية:
أولا: التغطية الشاملة التي تضمن العدالة والإنصاف وشمول الجميع دون تخلف أحد عن الركب.
ثانيا: زيادة السخاء والإنصاف والثقة دعماً لتجديد العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة.
ثالثا: زيادة سن العمل (عدم وجود حوافز للتقاعد المبكر) وزيادة قدرة العمالة على الانتقال (خاصة بين القطاعين العام والخاص).
رابعا: تحسين القاعدة الضريبية والقدرة على الاستمرار في تحمل أعباء المالية العامة والديون، حيث إن التصميم الذكي لمنظومة المعاشات الاجتماعية سيعمل على تجنب الضغوط المتزايدة على المالية العامة بسبب أنظمة الاشتراكات غير المستدامة.
خامسا: زيادة القدرة التنافسية بسبب انخفاض تكاليف العمالة (استقطاعات المعاشات التقاعدية) التي قد تجتذب مزايا تنافسية جديدة.
سادسا: زيادة الحوافز نحو التوظيف في القطاع الرسمي.
هناك تحديات تواجه هذا النظام المقترح: حجم الاقتصاد غير الرسمي في معظم البلدان النامية يفرض ضرورة اعتماد التوسع العملي في أنظمة المعاشات التقاعدية غير القائمة على الاشتراكات أو المعاشات الاجتماعية، ولكن النمو المتوقع في عدد كبار السن سيتطلب إدارة دقيقة وواعية وحريصة كي تكون البرامج مستدامة.
يهدف هذا الاقتراح إلى تحقيق التغطية الواسعة، والكرم اللائق، واستدامة المالية العامة، وبالتالي تقليص معدلات الفقر، والحد من المعوقات التي تحول دون إضفاء الطابع الرسمي. ومع هذا يجب:
أولا: ضمان أن تعمل المعاشات التقاعدية الاجتماعية مع حوافز المدخرات الخاصة على تيسير الاستهلاك والإنفاق عند التقاعد على نحو كاف.
ثانيا: تطبيق الضرائب المباشرة لضمان الاستدامة المالية العامة على نحو يدعم المعاشات الاجتماعية المقترحة.
ثالثا: تقليل الحوافز التي تشجع المشتركين الحاليين وقدامى المشتركين في منظومة المعاشات التقاعدية على تقليل اشتراكاتهم ومشاركتهم في سوق العمل.
تهدف الإصلاحات المقترحة إلى استشراف مستقبل تكون المعاشات التقاعدية اللائقة حقيقة واقعة للجميع. كما أنها لا تعالج أداء أنظمة المعاشات فحسب، بل تسهم في جعل النظام الضريبي أكثر عدلاً وكفاءة في توفير الإيرادات. ومن خلال تنفيذ هذه التغييرات، يمكن للحكومات، خاصة في البلدان مرتفعة الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تقليص الفجوة بين وعود المعاشات التقاعدية وأدائها، وضمان مستقبل عادل ومستدام للجميع في سن الشيخوخة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي