البطالة وفائض الميزانية

<a href="mailto:[email protected]">Hatoon-alfassi@columnist.com</a>

كنت أريد أن أتحدث عن بعض المواضيع الخفيفة والسفر والإجازات، وإذ بي أصطدم بعدد من الرسائل التي جاءتني، والتي تبدو وإن كانت في غير سياقها ولا صلة لها بالموضوع المعروض للتعليق، إلا أنها كانت تعبر عن معاناة وإحباط جعل المرسل لا يهمه ما الموضوع المطروح، فما يهمه هو أن يصل صوته إلى أي كان ممن يعتقد أنهم قد يكونون مسؤولين أو يمكن أن يوصلوا صوته إلى المسؤولين. كانت هذه رسائل من شباب عاطلين عن العمل يطلبون وظيفة. هكذا. لا شيء آخر، ومنهم من يشير إلى معدلاته العالية التي لم تجد لها قبولاً في جامعة وتركته كذلك عاطلاً عن العمل.

من السهل أن أحيل القراء إلى وزارة العمل لكني وجدت أنه من الحريّ أن أوجههم إليها مع رسالة مني أضيف فيها بعض التساؤلات، التي لا شك أن هؤلاء الشباب والشابات يسألونها، كما يسألها المواطنون من كل الفئات الذين أصبحت حالة البطالة تمس كلا منهم من خلال ابن أو ابنة أو قريب أو قريبة. السؤال الرئيسي هو كيف يمكن لدولتنا التي حققت في العامين الماضيين فائضاً من مليارات الريالات بلغ عام 2005، 214 مليار ريال، ويتوقع أن يفيض عام 2006 إلى 55 مليار ريال، مع أن الأرجح أن يعلو الرقم كثيراً، نظراً لارتفاع أسعار النفط أكثر من العام الماضي، مما يجعل الفائض قريباً إن لم يتجاوز رقم العام المنصرم، بينما حالة شبابنا العاطل كما هي؟

أنا أفهم أن هناك خطة استراتيجية للعمل تتطلب عدداً من السنوات حتى يمكنها حل مشكلة البطالة ومنها؛ تأهيل الشباب وتدريبهم وإعادة تأهيل مقررات الجامعات والمعاهد والكليات ومواءمتها مع حاجة السوق.. إلخ، مما أصبح معروفاً وتعمل عدد من الجهات، وإن كان ببطء شديد، على الاستجابة لها. ولكن لا بد أن يرافق الخطة طويلة المدى هذه خطة مرافقة قصيرة المدى لحل مشكلة الشباب الآنية. فعلى سبيل المثال، ماذا فعلت وزارة العمل مع الأربعة آلاف وخمسمائة شاب ممن تبقوا من المقدمين لوظيفة جندي في إدارة الجوازات منذ شهر؟ وماذا فعلت مع الستمائة فتاة ممن تقدمن لخمس وظائف أمن وسكرتارية في جامعة الملك سعود منذ عام، وماذا فعلت للخريجين السابقين سواء من المدارس ولم يجدوا في الجامعات قبولاً أو خريجي الجامعات ممن لم يجدوا وظائف في السنوات الماضية ممن تراكموا وتراكمن ألوفاً مؤلفة؟

لا شك أن هناك كثيراً من المعوقات التي تقف أمام عمل المرأة على سبيل المثال، ولكننا ما زلنا لا نرى من الوزارة حزماً في قطع الطريق على المعوقين وفي حماية القرارات القيادية، ونبقى نسمع إشاعات واجتهادات حول طريقة تطبيق هذا القرار وذاك، وحول تأهيل الشابات لدخول سوق العمل وعدم وجود تدريب لهن وغير ذلك من أمور متعلقة بالدرجة الأولى بفتح المجال للنساء للعمل في بيع المستلزمات النسائية، والتي كما تعلم الوزارة والوزير أنها ليست الغاية والمنتهى في عمل المرأة، وليس هذا هو العمل الذي سوف يقضي على مشكلة البطالة، فهذه قناة واحدة لكن لا بد من العمل على العديد من القنوات الأخرى ليخرج المجتمع من هذا القمقم.

إن أي تأجيل في حل هذه المشكلات التي تتطلب حلاً عاجلاً لا يؤدي إلا إلى إطلاق قنابل موقوتة في المجتمع باتجاه الانحراف، الجريمة، العنف، الاستغلال، التطرف وغيره مما أصبحنا نشهده ليس في صحفنا فحسب بل وحوالينا أيضاً. وهل يُلام هؤلاء الشباب فيما لو اختاروا أياً من هذه الطرق ملاذاً؟ لا أعتقد. وهي ليست دعوة مفتوحة للشباب العاطل للانحراف وإنما هي رسالة بصوت عال إلى وزير العمل وغيرها من الوزارات ذات العلاقة لأن يحسنوا حمل الأمانة ويقدروا خطورتها ومسؤوليتهم الممتدة أمام البشر وأمام خالق البشر.

لا أعتقد أننا يمكننا أن نبني وطناً كريماً بالسائلين والمستجدين بأبواب المتنفذين أو بمن أسلنا كرامتهم على أعتاب المسؤولين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي