الذي يحدث في الجوامع حرام!
رقم غريب كشفه المهندس ''عبد الله بن عبد الرحمن الحصين وزير'' المياه والكهرباء في المملكة .. أن نسبة هدر الكهرباء في جوامع المملكة تصل إلى 70 في المائة يهدرها ما يزيد على 20 ألف جامع. رقم آخر لا يقل غرابة أن جامع ''العريجا'' في ''الرياض'' يقوم بتبريده 28 مكيفاً، في حين يصل عدد المصلين إلى صف واحد أو صفين فقط!! وأنه أمام العدد غير الطبيعي، أجريت تجربة في الجامع وهي تشغيل ثمانية مكيفات فقط، بعد أن تم فصل التكييف عن الصفوف الأخيرة، دون أن يؤثر ذلك في الصلاة أو المصلين في الجامع. ولذلك سوف تعمم التجربة على جميع جوامع المملكة التي تكيَّف وتضاء بالكامل لفرد واحد أو عدة أفراد.
ودون تزييد فإن هذا يعتبر سفها في الاستهلاك دون ضرورة. فما معنى أن يضاء جامع بالكامل، ويكيَّف بالكامل، مع قلة عدد المصلين. إنه الإسراف .. وهل تقبل العبادة من مسرف!. إن الله لا يحب المسرفين. لقد صرح المهندس الحصين أن الزيادة السنوية في استهلاك الكهرباء في المملكة تصل إلى نسبة 10 في المائة، أي ما يعادل أربعة آلاف ميجا واط، وهي نسبة تعادل استهلاك بعض الدول.
وليس الهدر في استهلاك الكهرباء فقط، ولكن الإسراف امتد إلى استهلاك المياه أيضاً. ولقد كتبت من قبل عن الإسراف في استهلاك المياه في الوضوء في المساجد..
معروف أن المملكة تعاني شحا في موارد المياه، وهذا دفعها إلى استخدام تقنية متقدمة ومكلفة لتحلية مياه البحر للاستخدام البشري. في حين أشارت مجموعة من الدراسات إلى أن الطلب اليومي على المياه سوف يرتفع إلى 11 مليون متر مكعب، وأن الاستثمارات المطلوبة لتوفير المياه تصل إلى 300 مليار ريال، وأن الطلب على المياه في المملكة يرتفع بنسبة 6 في المائة سنوياً، كل ذلك يدعونا إلى إصدار تعريفة جديدة للمياه .. حتى تكون دافعاً لترشيد الاستهلاك. تعريفة تجعل المواطن يفكر في نقطة المياه التي يستهلكها، والتي يهدرها بلا فائدة. وإذا كانت الزراعة تستهلك 86 في المائة من إجمالي المياه المستهلكة في المملكة، فلا بد من استيراد المحاصيل الزراعية ذات الكفاءة المائية المنخفضة التي لا تستهلك قدراً كبيراً من المياه.
هنا لا بد من دخول القطاع الخاص في شراكة فاعلة مع القطاع العام، ليقوم بدوره في تنفيذ خطة التنمية التي أعدتها وزارة المياه والكهرباء. والقطاعان هما جناحا التنمية في المملكة. إن تنمية موارد المياه التقليدية وغير التقليدية، وتكييف أساليب ترشيد استخدامات المياه، والتوسع في تطبيق الأساليب والتقنيات المتطورة؛ كل ذلك يستدعي هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إننا أمام معركة حقيقية .. معركة الكهرباء والمياه، وهي معركة يشترك فيها الجميع، القطاع العام والخاص .. وفي مقدمتها المواطن الذي يجب أن يساعد على تحقيق خطة التنمية بترشيده في الاستهلاك، سواء في الكهرباء أو المياه. وتكفي هذه الأرقام الغريبة والمستفزة التي أعلنها المهندس ''عبد الله بن عبد الرحمن الحصين'' .. وإلا فإننا مقبلون على أزمة حقيقية، سوف يعانيها الجميع.