إجازة وضع المرأة العاملة ورعاية الطفل
تحدثنا في مقال الأسبوع الماضي عن إجازة الحداد للمرأة العاملة المتوفى عنها زوجها في ضوء أحكام نظام العمل السعودي والشريعة الإسلامية. وفي هذا المقال نسلط بعض الضوء على إجازة أخرى تخص المرأة العاملة وهي إجازة الوضع حيث نظمت المواد من (151) إلى (157) من نظام العمل السعودي الأحكام المتعلقة بهذه الإجازة. ويستخلص من نصوص هذه المواد ما يلي:
أولا: للمرأة العاملة الحق في إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع توزع على فترتين، قبل الوضع وبعده. فتستحق المرأة العاملة إجازة لمدة الأسابيع الأربعة السابقة على التاريخ المحتمل للوضع، ثم تستحق إجازة لمدة ستة أسابيع بعد الوضع والولادة. ويحدد التاريخ المرجح للوضع بوساطة طبيب المنشأة أو بموجب شهادة طبية مصدقة من جهة صحية. ويحظر تشغيل المرأة خلال الأسابيع الستة التالية مباشرة للوضع. ويعتبر هذا الحظر قاعدة عامة آمرة بمعنى أنه لا يجوز لصاحب العمل تشغيل المرأة العاملة خلال الأسابيع الستة التالية مباشرة للوضع، ولو كان ذلك بناء على طلبها أو موافقتها، والحكمة من هذا الحظر واضحة، فهذه الإجازة قررها المشرع لحماية صحة المرأة العاملة من جهة، ورعاية مولودها من جهة أخرى.
ثانياً: على خلاف إجازة الحداد الخاصة بالمرأة العاملة المتوفى عنها زوجها، والتي قرر نظام العمل السعودي أن تكون في جميع الأحوال بأجر كامل، فإن إجازة الوضع ليست بأجر كامل في جميع الأحوال، فالمادة (152) من نظام العمل فرقت بين ثلاث حالات، الحالة الأولى إذا كانت خدمة المرأة لدى صاحب العمل من سنة إلى ثلاث سنوات فإنها تستحق هذه الإجازة بنصف الأجر، والحالة الثانية إذا كانت خدمتها لدى صاحب العمل ثلاث سنوات فأكثر، فإنها تستحق هذه الإجازة بأجر كامل، بيد أن هذه المادة (152) ربطت بين إجازة الوضع والإجازة السنوية فقررت ألا يدفع صاحب العمل الأجر للمرأة العاملة أثناء إجازتها السنوية العادية إذا كانت قد استفادت في السنة نفسها من إجازة وضع بأجر كامل ويدفع إليها نصف الأجر أثناء الأجازة السنوية إذا كانت قد استفادت في السنة نفسها من إجازة وضع بنصف أجر. والحالة الثالثة إذا كانت خدمة المرأة لدى صاحب العمل أقل من سنة فإنها لا تستحق إجازة وضع. ودعا بعض شراح نظام العمل السعودي إلى تعديل نص المادة (152) على النحو الذي يمنح المرأة التي تكون مدة خدمتها أقل من سنة إجازة وضع لمدة تتناسب مع مدة خدمتها أسوة بما قرره بالنسبة للإجازة السنوية.
ثالثاً: يرى بعض فقهاء القانون أن المرأة العاملة تستحق الحصول على إجازة الوضع في حالة الإجهاض لأن العلة في تشريع هذه الإجازة هو توفير الراحة للمرأة العاملة بعد آلام الوضع، وهذه العلة تتوافر أيضاً في حالة الإجهاض. لأن الإجهاض هو في الواقع وضع مبكر يجب بعده أن تنال المرأة قسطاً من الراحة من آلامه. ومن ناحية أخرى، تجدر الإشارة هنا إلى أن بعض شراح نظام العمل السعودي لاحظوا أيضاً أن هذا النظام لم يضع حداً أقصى لعدد مرات حصول المرأة العاملة على هذه الإجازة، على عكس قانون العمل المصري، الذي نص على منح المرأة العاملة هذه الإجازة ثلاث مرات فقط طوال مدة خدمتها.
رابعاً: ألزمت المادة (153) من نظام العمل صاحب العمل بتوفير الرعاية الطبية للمرأة العاملة أثناء الحمل والولادة ومنحت المادة (154) من النظام المرأة العاملة الحق، عندما تعود إلى مزاولة عملها بعد إجازة الوضع، أن تأخذ بقصد إرضاع مولودها فترة أو فترات للاستراحة لا تزيد في مجموعها على الساعة في اليوم الواحد، وذلك علاوة على فترات الراحة الممنوحة لجميع العمال، وتحسب هذه الفترة أو الفترات من ساعات العمل الفعلية ولا يترتب عليها تخفيض الأجر.
خامساً: ألزمت المادة (157) من نظام العمل المرأة المتمتعة بإجازة وضع بألا تعمل أثناء الإجازة لدى صاحب عمل آخر وإلا سقط حقها فيما تستحقه من مزايا وفقاً لأحكام الباب التاسع من نظام العمل المتعلقة بهذه الإجازة، ولصاحب العمل الأصلي أن يحرمها في هذه الحالة من أجرها عن مدة الإجازة أو أن يسترد ما أداه لها. ويرى بعض فقهاء قانون العمل أن هذا الحرمان لا يشمل حرمانها من فترة الراحة المخصصة لإرضاع المولود، لأن هذه الفترة قررها المشرع لمصلحة المولود في الدرجة الأولى.
سادساً: منعت المادة (155) من النظام، صاحب العمل من أن يفصل المرأة العاملة أو إنذارها بالفصل أثناء تمتعها بإجازة الوضع كما قررت المادة (156) من النظام بأنه لا يجوز لصاحب العمل فصل العاملة أثناء فترة مرضها الناتج عن الحمل أو الوضع، ويثبت المرض بشهادة طبية معتمدة على ألا تتجاوز مدة غيابها 180 يوماً، ولا يجوز فصلها بغير سبب مشروع من الأسباب المنصوص عليها في نظام العمل خلال 180 يوماً السابقة على التاريخ المحتمل للولادة.
سابعاً: أخيراً تجدر الإشارة إلى أن المشرع السعودي فرض في المادة (159) من نظام العمل التزامات أخرى على صاحب العمل تتعلق برعاية أطفال النساء العاملات حيث قررت هذه المادة ما يلي:
1ـــــــــ على كل صاحب عمل يشغل 50 عاملة فأكثر أن يهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات، لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات، وذلك إذا بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر.
2ــــــــــ يجوز لوزير العمل أن يلزم صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة فأكثر في مدينة واحدة أن ينشىء داراً للحضانة بنفسه أو بالمشاركة مع أصحاب عمل آخرين في المدينة نفسها، أو يتعاقد مع دار للحضانة قائمة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات وذلك أثناء فترات العمل. وفي هذه الحالة يحدد الوزير الشروط والأوضاع التي تنظم هذه الدار كما يقرر نسبة التكاليف التي تفرض على العاملات المستفيدات من هذه الخدمة.
تلكم هي أحكام نظام العمل السعودي المنظمة لإجازة وضع المرأة العاملة ورعاية طفلها، ولعلي ببيانها استطعت أن أجيب عن تساؤلات أثارها بعض القراء بعد نشر مقال الأسبوع الماضي.