موازنة 2011 تكبح انتقال الأزمة العالمية إلى الاقتصاد السعودي
أصدر معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود، تقريراً اقتصادياً يتمثل في قراءة تحليلية لميزانية المملكة لعام 1432/1433هـ (2011م)، ويؤكد التقرير أن هذه الميزانية تعكس ركائز السياسة الاقتصادية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين، خلال اجتماع مجموعة العشرين في تورنتو في كندا في حزيران (يونيو) 2010، التي تتوافق مع متطلبات رفع معدلات نمو الاقتصاد العالمي. وذكر التقرير أن الإجراءات التي اتخذتها المملكة في مجال السياسة المالية والنقدية لتحفيز الأداء الاقتصادي، ومنع حدوث انتكاسات جديدة كنتيجة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية. ففي مجال المالية العامة استمرت المملكة في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي، وذلك بإنفاق 400 مليار دولار على مدى خمس سنوات، ويعد هذا من أكبر برامج التحفيز التي أعلنتها مجموعة العشرين.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أصدر معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود، تقريراً اقتصادياً يتمثل في قراءة تحليلية لميزانية المملكة عام 1432/1433هـ (2011م)
وفيما يلي نص التقرير:
عكست ميزانية المملكة للعام المالي 1432/1433هـ (2011م) ركائز السياسة الاقتصادية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خلال اجتماع مجموعة العشرين في تورنتو في كندا في حزيران (يونيو) 2010، التي تتوافق مع متطلبات رفع معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
لقد اتجهت المملكة بالفعل لاتخاذ عدد من الإجراءات في مجال السياسة المالية والنقدية لتحفيز الأداء الاقتصادي ومنع حدوث انتكاسات جديدة كنتيجة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
ففي مجال المالية العامة استمرت المملكة في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي، وذلك بإنفاق 400 مليار دولار على مدى خمس سنوات، ويعد هذا من أكبر برامج التحفيز التي أعلنتها مجموعة العشرين.
كما أكدت السياسة الاقتصادية للمملكة أهمية المحافظة على استقرار سوق النفط العالمية، ومنع التقلبات الشديدة في أسعار النفط التي شهدها العالم في عامي 2008 و2009م، ولذلك تعمل المملكة على رفع طاقتها الإنتاجية للنفط إلى 12.5 مليون برميل يومياً، الأمر الذي ينعكس على زيادة إيرادات المملكة.
كذلك حرصت السياسة الاقتصادية للمملكة على دعم قضايا الإصلاح سواء إصلاح النظم المالية العالمية، والوطنية من أجل تفادي وقوع الاقتصاد العالمي في أزمات مالية جديدة، وحفاظاً على مستويات النمو الاقتصادي الحالية.
وتشير التقارير الدولية إلى تحقيق الاقتصاد السعودي نمواً في إجمالي الناتج المحلي الاسمي بمعدل 16.6 في المائة. ونمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بمعدل 3.7 في المائة، وارتفاع فائض الحساب الجاري بمعدل 9.1 في المائة والمحافظة على معدل التضخم مقاساً بالرقم القياسي لأسعار المستهلكين 5.2 في المائة، وهو ما يؤشر للانتعاش الاقتصادي وزيادة الطلب الكلي في المملكة.
#2#
إن ميزانية العام الجديدة (2011م) وهو العام الثاني لخطة التنمية التاسعة (2010 ـــ 2014م) تؤكد على تحقيق الأهداف الإستراتيجية للخطة التنموية العشرينية التي بدأت في 2005م وتنتهي في 2025م، وتسعى تلك الخطة للتحول نحو الاقتصاد المعرفي مدعومة بالتزام حكومي لتحقيق رؤية الاقتصاد السعودي ''رؤية 2025م'' وذلك من خلال تزايد معدلات النمو في الإنفاق الاستثماري الذي يتوافق كذلك مع التزام المملكة في قمة العشرين.
ميزانية العام الجاري (2010م) وأهم مؤشرات الأداء الاقتصادي
في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية وتدهور أسعار النفط، قدرت ميزانية المملكة للعام الجاري 2010 الإيرادات بنحو 370 مليار ريال، والنفقات بنحو 540 مليار ريال، أي بعجز مقدر بنحو 70 مليار ريال، إلا أن حصاد العام الجاري كان أفضل كثيراً من التوقعات، فقد ارتفعت الإيرادات الفعلية للمملكة إلى نحو 735 مليار ريال، بنمو مقداره 99 في المائة، وكذلك النفقات الفعلية إلى نحو 626.5 مليار ريال بزيادة نسبتها 16 في المائة على النفقات المقدرة، وبفائض يقدر بنحو 108.5 مليار ريال، أي بزيادة 178.5 مليار ريال على المقدر في ميزانية 2010. هذا إضافة إلى إنفاق نحو 18.5 مليار ريال على المشاريع الممولة من برنامج فائض إيرادات الميزانية، وذلك من حساب الفائض المفتوح في مؤسسة النقد العربي السعودي لهذا الغرض.
وعلى الرغم من تسجيل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية انخفاضا نسبته 21.2 في المائة خلال عام 2009م، إلا أنه حقق معدل نمو بالأسعار الجارية نسبته 16.6 في المائة، ليصل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى نحو 1630 مليار ريال، ويرتفع الناتج بالأسعار الثابتة هو الآخر من نحو 849.8 مليار ريال، إلى نحو 934.9 مليار ريال وبمعدل نمو 3.7 في المائة. ويتماشى هذا الارتفاع في معدلات النمو مع معدلات النمو في دول الاقتصادات الصاعدة، حيث أكد البنك الدولي على أهمية النمو في هذه المجموعة من الدول وضرورته لنمو الاقتصاد العالمي وتعافيه من تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ويتوقع أن يحقق قطاع النفط نمواً بنسبة 2.1 في المائة، بينما ينمو الناتج المحلي للقطاع غير النفطي بنسبة 4.4 في المائة. كذلك يُتَوَقَّع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 5.9 في المائة بينما ينمو القطاع الخاص بنسبة 3.7 في المائة بحيث تصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 47.8 في المائة. ويتوقع أن يصل النمو الحقيقي في قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية إلى 5 في المائة، وفي قطاع الاتصالات والنقل والتخزين إلى 5.6 في المائة، وإلى 6 في المائة في قطاع الكهرباء والغاز والماء، وإلى 3.7 في المائة في قطاع التشييد والبناء، وإلى 4.4 في المائة في تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق، وإلى 1.4 في المائة في قطاع خدمات المال والتأمين والعقارات.
ويلعب الإنفاق العام دوراً مهماً في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في المملكة، فقد بلغ عدد العقود التي طرحت ومولت خلال العام المالي الجاري نحو 2460 عقداً تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 182.5 مليار ريال، مقارنة بنحو 145.4 مليار ريال في العام المالي الماضي 1430/1431هـ وبزيادة نسبتها 26 في المائة.
#3#
وفي إطار القطاعات الاقتصادية تقدر مؤسسة النقد العربي السعودي أن تصل الصادرات السلعية خلال عام 1431/1432هـ (2010م) إلى نحو 886.3 مليار ريال وبزيادة نسبتها 23 في المائة عن العام السابق 2009م. تمثل الصادرات السلعية غير النفطية نحو 124.2 مليار ريال بزيادة نسبتها 14 في المائة على العام السابق، ومع الارتفاع الأخير في أسعار النفط تنخفض نسبة ما تمثله الصادرات السلعية غير النفطية إلى 14 في المائة من إجمالي الصادرات السلعية. وفي المقابل لم ترتفع الواردات السلعية إلا بنسبة 0.7 في المائة عن العام السابق وبقيمة 326.2 مليار ريال. وعليه يصبح فائض الميزان التجاري في حدود 557.9 مليار ريال بزيادة نسبتها 41.4 في المائة عن العام السابق.
ويصل فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات ـــ الذي يتأثر بتحويلات العمالة الوافدة ـــ لنحو 260.9 مليار ريال في العام المالي الجاري 1431/1432هـ (2010م) مقارنة بفائض مقداره 78.6 مليار ريال للعام المالي السابق 2009 بزيادة نسبتها 32 في المائة.
وتوضح المؤشرات الكلية تراجع الدين العام للمملكة حيث انخفض الدين العام في نهاية 2009 إلى 225 مليار ريال وانخفضت نسبته إلى 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنسبة 82 في المائة في نهاية عام 2003، وقد واصل الدين العام بالمملكة انخفاضه حيث لم يصدر أي دين عام جديد خلال العامين 2009 و2010، وذلك بسبب رغبة حكومة خادم الحرمين الشريفين في تمويل عجز الميزانية من الاحتياطيات المتراكمة من الأعوام السابقة والعام الجاري، وقد بلغ الدين العام بنهاية العام المالي الجاري 1431/1432هـ (2010م) إلى نحو 167 مليار ريال وبنسبة 10.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2010. وتعد المملكة الآن الأقل في المديونية الخارجية من بين دول مجموعة العشرين، إضافة لامتلاك الحكومة أرصدة الاحتياطيات الكافية لسداد مديونياتها الخارجية، مما يعكس القدرة الكبيرة للسلطات النقدية على إدارة سياستها النقدية بكفاءة، وبخاصة أن مدفوعات الفائدة على أذون الخزانة والسندات الحكومية تدور حول 2.5 في المائة، ويعكس أيضاً الرغبة المتزايدة لدى المملكة في تعزيز استثماراتها الخارجية.
وتوضح المؤشرات المالية والنقدية للمملكة استمرار الحاجة إلى التحفيز ودفع النمو الاقتصادي، من خلال زيادة السيولة المتداولة وكمية وسائل الدفع، لتتكاتف السياسة المالية والنقدية في زيادة الطلب الكلي بالمملكة، وليواصل عرض النقود بالمعنى الواسع (ن3) نموه المرتفع وبنسبة 10.7 في المائة. وتجاوزت السيولة المتداولة مستوى تريليون ريال (1028.9) نهاية 2009، إلا أن الضغوط التضخمية التي ظهرت بوادرها مرة أخرى بالاقتصاد السعودي قد دعت إلى السيطرة على التوسع النقدي بخفض معدل النمو في عرض النقود حيث بلغ المعروض النقدي نحو 1050.9 مليار ريال وبمعدل نمو 1.48 في المائة خلال الربع الثالث من 2010م. ويبدو هذا الأمر جليا في انخفاض القاعدة النقدية بالمملكة من نحو 248.513 مليار ريال في نهاية 2009 إلى نحو 226.919 مليار ريال في الربع الرابع من 2010.
وتشير إحصاءات التضخم في المملكة إلى انخفاض ملحوظ في معدلات نمو الأسعار للعام الجاري 2010 مقارنة بالعامين الماضيين فقد وصل معدل التضخم هذا العام إلى 5.2 في المائة مقارنة بـ 8.0 في المائة و9.91 في المائة خلال العامين السابقين، والواقع أنه في ظل ظروف الركود الاقتصادي تتم التضحية بمعدلات التضخم المنخفضة ويصبح زيادة المعروض النقدي إحدى أدوات زيادة الطلب الكلي والانتعاش الاقتصادي. على أية حال فقد عرضت حكومة خادم الحرمين الشريفين ميزانية الدولة للعام المالي هـ1432/1433 (2011م) بنفقات تبلغ 580 مليار ريال أي بانخفاض في الإنفاق نسبته 8 في المائة عن الإنفاق الفعلي لعام 2010م وبزيادة عن الإنفاق المخطط في ميزانية العام الماضي نسبته 8 في المائة أيضاً، وقد قدرت الإيرادات في هذه الميزانية بنحو 540 مليار ريال وهي أدنى من الإيرادات الفعلية للعام الماضي (735 مليار ريال) بنحو 195 مليار ريال. وتجدر الإشارة إلى أنه يتم تقدير الإيرادات بطريقة متحفظة وغالباً ما تكون أقل من الإيرادات الفعلية كما هو الحال في ميزانية العام الجاري. وقد قدر العجز في ميزانية العام المالي 1432/1433هـ بنحو 40 مليار ريال، ويمثل هذا العجز ما نسبته 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1431/1432هـ (2010م).
وعلى الرغم من مواصلة المملكة هذا العام سياستها المالية التوسعية من خلال الاستمرار في برامج الإنفاق الحكومي المتزايد، إلا أن المخطط في ميزانية العام المقبل هو خفض الإنفاق المخطط عن الإنفاق الفعلي للعام الجاري، ويعكس هذا الاتجاه عدة حقائق، الأولى هي التقلبات الحادة لإيرادات المملكة، والأمر الثاني هو رغبة المملكة في تعزيز الاحتياطيات الرسمية من خلال المحافظة على الفوائض المتراكمة من السنة الماضية والسنوات قبل 2009، الأمر الثالث الذي تعكسه تقديرات الإنفاق العام هو التقديرات المتحفظة لأسعار النفط في ميزانية 2011، فقد تم تقدير أسعار النفط عند سعر أعلى من 50 دولارا للبرميل.
بينما تشير معظم التقديرات المعتمدة إلى أن سعر برميل النفط في حدود 85 دولاراً في المتوسط في 2011 وذلك بسبب التوقعات الكبيرة بزيادة الطلب العالمي بعد تخطي الركود في الاقتصاد العالمي، أي أن الإيرادات المتوقعة ليست كما هي في الميزانية الحالية عند 540 مليار ريال بل سوف تصل الإيرادات النفطية إلى 706 مليار ريال تقريباً، وبنسبة 59 في المائة أعلى من المقدر بالميزانية، فإذا أضيف إلى ذلك تقديرات الإيرادات غير النفطية (فوائد استثمارات مالية) بنحو 107.3 مليار ريال يصبح مجموع الإيرادات المتوقعة مع نهاية عام 2011م 813.3 مليار ريال.
#4#
التوزيع القطاعي لمخصصات ميزانية المملكة
استمرت أولويات المخصصات حسب القطاعات كما هو منوال الميزانيات السابقة للمملكة، وقد تم التركيز في ميزانية العام المالي المقبل 1432/1433هـ على مشاريع تعزيز النمو والتنمية المستدامة، وقد احتلت قطاعات التعليم وتنمية الموارد البشرية، والصحة والتنمية الاجتماعية، والمياه والصرف الصحي، والزراعة والتجهيزات الأساسية، وصناديق التنمية المتخصصة والخدمات الأمنية والشؤون البلدية، المراكز النسبية نفسها في مخصصات الميزانية، كما تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 256 مليار ريال.
أولاً: التعليم وتنمية الموارد البشرية
وتشمل مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية بنود الإنفاق المختلفة للتعليم العام، والتعليم الجامعي، والابتعاث الخارجي، والتدريب التقني والمهني. وقد بلغت مخصصات هذا القطاع في الميزانية الجديدة 150 مليار ريال مقارنة بنحو 137.6 مليار ريال في ميزانية عام 2010م وهو ما يمثل نحو 28 في المائة من إجمالي الإيرادات ونحو ربع المصروفات. وقد حافظت مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية على نصيبها النسبي سواء من الإيرادات أو من النفقات على مدار السنوات الخمس الأولى من الألفية الجديدة، وبمتوسطات تبلغ 28 في المائة و26 في المائة على التوالي. ويعكس الأمر تبني المملكة رؤية خادم الحرمين الشريفين في تحويل المملكة إلى مجتمع معلوماتي يعتمد على الاقتصاد المعرفي، حيث لم تتردد الحكومة في توفير المخصصات اللازمة لجهود التطوير والتحديث للمؤسسات التعليمية بمختلف مجالاتها ومستوياتها.
وتشمل مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية عددا من المشاريع وبنود الإنفاق المهمة مثل: استكمال تنفيذ مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم ''تطوير'' البالغة تكاليفه نحو تسعة مليار ريال وذلك من خلال شركة ''تطوير التعليم القابضة''.
مشاريع إنشاء 610 مدارس جديدة للبنين والبنات إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها حالياً البالغ عددها نحو 3200 مدرسة، إضافة إلى توفير وسائل السلامة لنحو ألفي مبنى مدرسي، وإضافة فصول دراسية جديدة لمدارس قائمة، وتأثيث المدارس القائمة وتجهيزها بالوسائل التعليمية ومعامل وأجهزة الحاسب الآلي.
وبالنسبة للتعليم العالي:
استكمال مشاريع إنشاء المدن الجامعية في عدد من الجامعات بنحو تسعة مليارات ريال، واعتماد النفقات اللازمة لافتتاح عشر كليات جديدة. تنفيذ مساكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بنحو 9.8 مليار ريال. برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بنحو 12 مليار ريال. هذا إضافة إلى اعتماد تكاليف إنشاء عدد من الكليات والمعاهد المهنية الجديدة وافتتاح وتشغيل عدد من المعاهد المهنية، والمعاهد العليا للبنات لزيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
ثانياً: الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية
تحتل مخصصات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية المركز الثاني بعد مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية بالميزانية الجديدة محافظة على مركزها النسبي في الميزانية على مدار السنوات العشر الأخيرة، فقد بلغت مخصصاتها في الميزانية الحالية 68.7 مليار ريال بزيادة نسبتها 12.3 في المائة على ميزانية العام الجاري الذي بلغت فيه 61.2 مليار ريال، وبما يمثل 12 في المائة من إجمالي الإيرادات، و11 في المائة من إجمالي المصروفات.
وقد ارتفعت مخصصات الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية خلال ميزانيات العامين الحالي والقادم بما يعكس زيادة اهتمام الدولة بهما، وتتضمن الميزانية عدداً من المشاريع مثل: استكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، مثل: إنشاء 12 مستشفى جديداً، وإحلال وتطوير البنية التحتية لـعدد أربعة مستشفيات، إضافة إلى استكمال تأثيث وتجهيز عدد من المرافق الصحية. استكمال تنفيذ 120 مستشفى جديدا في مناطق المملكة بطاقة سريرية تبلغ نحو 26.7 ألف سرير.
وفي مجال الخدمات الاجتماعية تضمنت الميزانية مشاريع جديدة لإنشاء أندية رياضية ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، ودعم إمكانات وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، إضافة إلى الاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر والاستمرار في رصده بناءً على التوجيهات الملكية الكريمة، والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات الضمان الاجتماعي.
ثالثاً: الموارد الاقتصادية (المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى)
بلغ المخصص لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية وبعض القطاعات الاقتصادية الأخرى في الميزانية الجديدة 50.8 مليار ريال بزيادة نسبتها 10 في المائة عما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي الجاري 1431/1432هـ (2010م) 46 مليار ريال وهو استمرار للنقلة الكبيرة في مخصصات هذه القطاعات، التي لم تتجاوز 21.7 مليار ريال في العام 2009. وتمثل مخصصات هذا القطاع المرتبة الثالثة في الأهمية النسبية في بنود الميزانية الجديدة للمملكة، وتضمنت الميزانية البنود المعتادة لمشاريع توفير مياه الشرب وتعزيز مصادر المياه، وتوفير خدمات الصرف الصحي، والسدود وحفر الآبار، واستبدال شبكات المياه والصرف الصحي، وترشيد استهلاك المياه والكهرباء، وإنشاء محطة تحليه الشقيق (المرحلة الثالثة)، وتطوير وتحديث وتوسعة محطات التحلية القائمة، وإنشاء صوامع ومطاحن جديدة وتوسعة القائم منها، وتغطية قنوات الري الرئيسية في الأحساء، والمصروفات التأسيسية والتشغيلية والدراسات وإنشاء مبان لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة. كما تتضمن البنود المعتادة لمشروعات مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين ورأس الزور للصناعات التعدينية.
رابعاً: صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية
تلعب برامج التمويل الحكومي دوراً مهماً في مجالات عديدة مثل التنمية العقارية، والتنمية الصناعية، والتنمية الزراعية من خلال الصناديق المتخصصة والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق الاستثمارات العامة وبرامج الإقراض الحكومي المختلفة وتبلغ مخصصات صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية نحو 47 مليار ريال خلال ميزانية العام القادم مقارنة بنحو 48 مليار ريال خلال ميزانية العام الجاري. وقد بلغت قيمة ما تم صرفه من القروض التي تُقَدَّم من قبل صندوق التنمية العقارية، وصندوق التنمية الصناعية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق التنمية الزراعية وصندوق الاستثمارات العامة وبرامج الإقراض الحكومي منذُ إنشائها وحتى نهاية العام المالي الجاري هـ1431/1432 أكثر من 414.3 مليار ريال وهو ما أضاف للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، وتقوم الصناديق المتخصصة بالمملكة بتطوير مجالات تغطيتها، فمع تزايد الاهتمام والدعم الحكومي لقطاعي التعليم الأهلي والخدمات الصحية الأهلية وتنميتهما بلغت القروض الحكومية المقدمة لهما حتى نهاية العام المالي الجاري 1431/1432هـ نحو 7.6 مليار ريال.
خامساً: النقل والاتصالات
على الرغم من زيادة مخصصات قطاع النقل والاتصالات من 23.9 مليار ريال في ميزانية العام المالي الجاري إلى نحو 25.2 مليار ريال في ميزانية العام المقبل 2011، بزيادة طفيفة نسـبتها 5 في المائة. ومحافظة على نسبة ما تمثله مخصصات هذا القطاع لإجمالي الإيرادات عند 5 في المائة، و4 في المائة من إجمالي المصروفات.
وتضمنت الميزانية مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع المعتمدة سابقاً للطرق والموانئ والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية، وتشمل الميزانية المشاريع التالية: تطوير مرافق الكهرباء. إنشاء أرصفة في بعض الموانئ. تطوير مطار الملك عبد العزيز في جدة وأربعة مطارات إقليمية.
اعتماد مشاريع جديدة لتنفيذ طرق سريعة ومزدوجة ومفردة مجموع أطوالها 6.6 ألف كيلو متر بقيمة تقديرية نحو 11.3 مليار ريال، منها الطريق الدائري الثالث في المدينة المنورة، واستكمال طريق القصيم ـــ مكة المكرمة المباشر، وطريق تبوك ـــ المدينة المنورة السريع، وطريق حائل ـــ الزبيرة ـــ حفر الباطن المباشر، والمرحلة الأولى من الطريق الساحلي السريع جازان ـــ الموسم ـــ الطوال، والطريق الذي يربط الباحة بطريق الرياض ـــ الرين ـــ بيشة،
استكمالات وإصلاحات لطرق قائمة،0 مع إعداد الدراسات والتصاميم لطرق جديدة أخرى يزيد مجموع أطوالها على 2.1 ألف كيلو متر، إضافة إلى ما يقارب 30.2 ألف كيلو متر يجري تنفيذها حالياً من الطرق السريعة والمزدوجة والمفردة، من أبرزها الطريق الدائري الثاني في مكة المكرمة (المرحلة الثانية)، واستكمال الطريق المؤدي إلى المنفذ الحدودي مع سلطنة عمان، واستكمال تحويل طريق جدة ـــ جازان الساحلي إلى طريق سريع.
سادساً: الشؤون البلدية والقروية
بلغت مخصصات وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات نحو 24.5 مليار ريال بزيادة نسبتها 13 في المائة عما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الجاري 1431/1432هـ نحو 21.7 مليار ريال، وبمعدل نمو نحو 13 في المائة، وقد ارتفعت مخصصات الشؤون البلدية والقروية النسبي سواء من الإيرادات أو من النفقات على مدار السنوات الخمس الأولى من الألفية الجديدة، فبعد أن كانت لا تزيد على 3 في المائة سواء من الإيرادات أو من النفقات على مدار السنوات الثماني الأولى من الألفية الجدية نجدها ترتفع إلى 5 في المائة من الإيرادات و4 في المائة من النفقات في ميزانية العام المقبل.
وفي إطار الاهتمام بهذا القطاع تضمنت الميزانية مشاريع بلدية جديدة وإضافات لبعض المشاريع البلدية القائمة تشمل تنفيذ تقاطعات وأنفاق وجسور جديدة لبعض الطرق والشوارع داخل المدن وتحسين وتطوير لما هو قائم بهدف فك الاختناقات المرورية، إضافة إلى استكمال تنفيذ مشاريع السفلتة والإنارة للشوارع وتصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول وتوفير المعدات والآليات، ومشاريع للتخلص من النفايات وردم المستنقعات وتطوير وتحسين السواحل البحرية، ومباني إدارية وحدائق ومتنزهات.
هذا إضافة إلى مخصصات القطاعات الأخرى، التي يمكن أن نذكر منها ما يلي: مخصصات مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء البالغة تكاليفه نحو سبعة مليارات ريال. مخصصات ''الخطة الوطنية للعلوم والتقنية'' التي تصل تكاليفها إلى أكثر من 8.3 مليار ريال. مخصصات ''المشروع الوطني للتعاملات الإلكترونية الحكومية'' بتكاليف بلغت ثلاثة مليارات ريال الذي يعد أهم روافد ''الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات''. وقد أسهم ذلك في تقدم المملكة في ترتيبها على الصعيد الدولي بمقدار 47 مرتبة دون أي تراجع، وأن تتبوأ المملكة المرتبة الأولى عربياً. وقد بلغ عدد الجهات الحكومية التي بدأت بالتحول إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية 156 جهة، كما بلغ عدد الخدمات الإلكترونية المتوافرة حالياً من خلال البوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية ومواقع الجهات الحكومية ألف خدمة الكترونية رئيسية وفرعية تقدم من 126 جهازاً حكومياً.
تطوير نظام السداد الإلكتروني لجميع الرسوم الحكومية من خلال نظام ''سداد'' فقد بلغ عدد الجهات التي تم ربطها بالنظام خلال العام المالي الجاري 1431/1432هـ نحو 16 جهة، ليصل بذلك عدد الجهات المرتبطة به إلى 100 جهة، منها 55 جهة حكومية.
تطوير صندوق الخدمة الشاملة للاتصالات بهدف الإسراع في تغطية خدمات الاتصالات في جميع المناطق.
خاتمة
تمثل الميزانية الجديدة العام الثاني لخطة التنمية التاسعة (2010 ـــ 2014م) التي هي جزء من الخطة العشرينية التي تحقق هدف ''رؤية 2025''، وتسعى ميزانية حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى استغلال الفوائض النفطية الهائلة في إحداث نقلة نوعية لاقتصاد المملكة بتطويره في مختلف المجالات، والاستمرار في منع انتقال تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية إلى اقتصاد المملكة. ومن أهم معالم الميزانية الجديدة ما يلي: المحافظة على استقرار هيكل الإنفاق العام بالمملكة في ظل التقلبات الشديدة في أسعار النفط التي يشهدها الاقتصاد العالمي منذ نهاية 2003م، ولذلك تعمل المملكة على رفع طاقتها الإنتاجية للنفط مع المحافظة على إيراداته.
تفعيل دور الاقتصاد السعودي في النظام الاقتصادي العالمي، من خلال تفعيل طموحات النمو والارتقاء بمستويات المعيشة ونوعية الحياة، والتنمية البشرية باعتبار الإنسان هو المحور الرئيس لعملية التنمية، والوسيلة والهدف النهائي لهذه الرؤية المستقبلية الطموحة.
ضمان استمرار التنمية المستدامة وتواصلها بمتطلباتها الطموحة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق التنمية المتوازنة لكافة المناطق والارتقاء بتجمعاتها السكانية الحضرية والقروية.
دعم التحول نحو اقتصاد المعرفة من خلال الزيادة المطردة في الإنفاق على قطاعي التعليم والصحة باعتبار أن العنصر البشري هو ركيزة المعرفة ومصدرها، وهو ما يتطلب ضمان زيادة الاستثمار البشري لتأهيل المواطنين وتدريبهم وضمان تعليمهم المتواصل بما يتوافق مع احتياجات الاقتصاد وسرعة إيقاع وتجدد المعلومات والمعارف والابتكارات.