احتراف الحكام .. هل هو الحل الأمثل لأزمة التحكيم؟

عصر الاحتراف.. هذا العصر الذي يمنح السيطرة للمال والإعلام والتفرغ الكامل وامتهان كرة القدم.. كمهنة يجنى منها المال نظير ما يقدمه من فن وإبداع داخل المستطيل الأخضر.. كلمة احتراف.. هذه الكلمة البسيطة في أحرفها الكبيرة في معانيها.. أصبحت من أكثر الكلمات تعبيراً عن مهنة جديدة تتردد على مسامعنا فتدخل الأمل والرجاء، بل أصبحت حلماً من أحلام اليقظة للاعبي كرة القدم .. إنه تعبير واضح يرغمنا جميعاً على الاتفاق على اعتبار الاحتراف في جميع مجالات الحياة هو المفتاح الذي يمكننا أن نفتح بهِ أبواب النجاح والشهرة والمال لأن نظام الاحتراف من الأنظمة المتكاملة التي تعطي مرونة في العمل وآلية في التنفيذ. وبعد أن أثبتت التجارب العالمية للبلدان المتقدمة في مجال صناعة كرة القدم، والتي استطاعت أن تُطبق الاحتراف والوصول إلى التكامل الرياضي من جميع الأوجه الذي تَمثل في بناء شخصية وثقافة اللاعب والحكم والإداري الاحترافية التي تتكامل مع البني التحتية والمنشآت الرياضية وكل ما يحتاج إليه الرياضي في عملية الإعداد، فعملية الاحتراف كمنظومة يمكن أن تكون أداة فعاله بإيجاد عامل التنظيم الذي يحكم هذا الاحتراف وفق معطيات واضحة من خلال الحقوق والواجبات وسن القوانين المنظمة لهذه العملية، وأن نضع المعايير لقياس عملية النجاح أو الفشل في تلك العملية لأن هذا يرتكز إلى الحقوق والواجبات المترتبة على جميع الأطراف، واستبدال روح الهواية بروح الاحتراف التي تحكم العاملين في هرم قيادة العمل الرياضي وفق المنظومة الاحترافية. في عالم الاحتراف الحقيقي يعد اللاعب أو الحكم أو الإداري المحترف موظفاً له حقوق وعليه واجبات. واحتراف تحكيم كرة القدم يراد به امتهان التحكيم كمهنة وليست هواية حيث يقوم بواجبه بتنفيذ مهام محددة وفق برنامج عمل يتم الاتفاق عليه حسب البرنامج الزمني للمنافسات أو المباريات الداخلية والخارجية، ووفق عقد مبرم مدفوع الأجر فيه لأن العلاقة بين الحكم المحترف واتحاده المحلي ستكون علاقة أساسية محكومة وفق نظم محددة لا يمكن التنصل منها من قبل الطرفين. وهذا الأمر يساعد على النجاح في العمل التكاملي الاحترافي.
وفكرة احتراف الحكام هي فكرة جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي منذ أن كان أميناً عاماً للاتحاد الدولي لكرة القدم، وكانت الفكرة تتبلور في العمل على توفير إعداد احترافي للحكام من الناحية البدنية، والفنية، والنفسية.. ولكن الضرورة تقتضى الآن أن يتم تطبيقها الفعلي على الرغم من الصعاب التي قد تواجه تطبيقها. وفي رأيي أنه سينحصر الأمر في موضوع إعداد صيغ لاحتراف التحكيم. وحتى تكتمل الصورة لدينا علينا استعراض ما يحتاج إليه الحكم المحترف من أمور مساعدة أخرى تساعد في الوصول بمستواه إلى الصورة المتكاملة عن الاحتراف وبالتالي تسهم في رفع مستواه ومنها:
1- اكتساب الحكم لثقافة الاحتراف كمنظومة عمل.
2- تفهمه لعملية الاحتراف، وكيفية دراسة وتطبيق عقود الاحتراف.
3- اكتساب ثقافة التعامل الاجتماعي وفق الظروف والمعطيات الجديدة.
4- إتقان الحكم للغات الحية مثل الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية.
5- تعلم التعامل بجرأة في كل الأمور التي تخص التعامل مع اللاعبين والإداريين والجماهير. إن احتراف الحكام وخاصة الحكام المميزين الذين يملكون الموهبة والتميز من خلال الانتقاء السليم لهم وتفرغهم كحكام محترفين احترافاً كاملا أو احترافا جزئيا عن طريق إعارتهم أو انتدابهم من جهات عملهم لمدة محدودة، مما يساعدهم على صفاء فكرهم للتحكيم فقط والعمل على محاولة كل حكم الرفع من مستواه، على أن يتم إنهاء الإعارة للحكم غير المتجاوب مع التطوير والهدف الذي فرّغ من أجله. وبذلك أصبح لزاماً على قيادات الاتحادات ضرورة العمل على دخول عصر الاحتراف في جميع مجالات كرة القدم ـ خاصة الإدارية وفي مجال التحكيم ـ من أجل تحقيق تطور حقيقي وفق معايير احترافية. ويقودنا هذا إلى البحث في مميزات ومواصفات الحكم الناجح والتي تحتاج إلى التفرغ الكامل لها من أجل الإتقان والإبداع وهي تنحصر في:

فهم القانون:
على الحكم أن يدرس باستمرار مواد قانون كرة القدم ومتابعة وتطبيق التعديلات التي تطرأ عليها بين حين وآخر، لأنه دون فهم القانون فهماً واضحاً ودقيقاً لا يمكن لأي حكم أن ينجح في مهمته. وهذا الفهم لا يمكن إلا بدخول الحكم دورات تحكيمية دولية ومحلية ودورات الصقل. ويجب على الحكم مشاهدة مباريات كثيرة في دول العالم المتقدمة كرويا عبر القنوات الفضائية أو أشرطة الفيديو أو الأقراص المدمجة لمشاهدة ومتابعة حركة الحكم وتصرفاته داخل الملعب، والاستفادة من كل المميزات التي يمتاز بها.

اللياقة البدنية:
أصبحت اللياقة البدنية للحكم تشكل أهمية قصوى وأولوية تتقدم على الصفاء الذهني، فتطور كرة القدم هذه الأيام وخاصة من ناحية سرعة الأداء والحركة الدائبة للاعبين داخل الملعب وسرعة نقل الكرة بين اللاعبين، تتطلب أن يتمتع الحكم بلياقة بدنية عالية وسرعة في الحركة لكي يكون قريبا من الكرة وحتى لا تفوت عليه أي هفوة قد تفسد جو المباراة.

الحزم وقوة الشخصية:
على الحكم الناجح أن يكون حازماً وجريئا لاتخاذ القرار، وأن يفرض شخصيته القوية من خلال ثقته بقراراته الصحيحة وإشاراته الواضحة وتواجده قرب الكرة في المكان الذي يجب أن يتواجد فيه داخل الملعب.

التحضير التقني:
نظرا لنمط المباريات الآخذ في التسارع، فعلى الحكم تعلم التحضير التقني قبل المباريات ومعرفة تكتيك الفرق المتوجهة، لكي يعرف مسبقاً ماذا ينتظره على أرض الملعب، فمثلاً التحكيم لفريق يلعب بثلاثة مدافعين يختلف عن آخر يعتمد على أربعة مدافعين، والضغط في خط الوسط على حامل الكرة يختلف عن اللعب على الأطراف. مما يشكل لدى الحكم فكرة عن أداء الفرق وخاصة الفرق التي تعتمد في تكتيكاتها على تطبيق خطط التسلل... إلخ مما يتطلب تواجد الحكم في الملعب حسب هذه المعطيات.

العلاقات مع اللاعبين:
اعتمد بعض الحكام الناجحين على إقامة علاقات جيدة مع اللاعبين كي ينال ثقتهم وبالعكس، وبناء نوع من الود يذوّب جليد الحساسية المعروفة بين الحكام واللاعبين، وأن يختار الحكم الأساليب الجميلة في توجيه اللاعبين أو حتى في طريقة إنذارهم، فاللاعب بشر يمكن أن تستثيره بكلمة، وعليه أن يعرف كيف يمتص غضب وحماس وانفعال اللاعبين داخل الملعب.
الصفاء الذهني:
يجب أن يتمتع الحكم بصفاء ذهني كامل حتى ترتفع نسبة التركيز لدية إلى 100 في المائة، وهذا يأتي دائماً براحة البال وراحة الجسم وهذا يوفره الاحتراف.
ولندخل في صلب الموضوع مباشرة، فإن عدم تطبيق قانون لاحتراف الحكام الكامل أو الجزئي سيضر حتما بوضع التحكيم بصورة عامة. وأبسط ما يمكن أن نقدمه للحكم هو مساواته بنظيره اللاعب المحترف، وهذا الاحتراف سيكون سبباً رئيساً للنهوض بالرياضة عن طريق تحسين أداء الحكام بتفرغهم الكامل واكتساب الخبرات والمهارات الرياضية التي تحقق لهم الإبداع الرياضي، لأن الحكام يتعرضون للإرهاق الكبير من دون أن يشعر بهم أحد، بل يحاسبهم الجميع على أقل الأخطاء والهفوات.. ولو نظرنا سنجد المدرب والإداري واللاعب ينالون قسطاً من الراحة ما عدا الحكم الذي يخرج من عمله إلى الملعب مباشرة وربما لا يتناول وجبة غداء أو وجبة خفيفة وهو في طريقه للملعب. وإذا وضعنا في الحسبان الظروف التي تمر بالحكم أثناء أداء عمله فقد تكون عائقاً عن تقديم المستوى المطلوب خاصة
إن كانت هناك مشكلات متعلقة بالعمل أو الوظيفة أو ضغوط العمل الأخرى والتي ربما تؤثر سلباً في معنويات ونفسيات الحكم فيدخل المباراة وهو مشغول البال .. شارد الذهن بسبب هذه المشكلات وحتى الإرهاق الجسماني الذي ينتج عن الصحيان المبكر ومعاناة الوصول إلى مكان العمل من زحمة السير وخلافها. وبالتأكيد تؤثر تأثيراً كبيراً في لياقة الحكم البدنية والذهنية. وإذا أردنا أن يؤدي حكامنا بشكل أدق وأفضل .. علينا أن نقطع كل الأسباب التي تحول دون إعطائهم الفرصة للإبداع وتقديم المستوى المطلوب منهم. وأفضل وسيلة لذلك هي الاحتراف مثلهم مثل اللاعب والمدرب. على الرغم من التوجه الذي يبدو أنه بات مؤكداً من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم في اعتماده فقط على الحكام المحترفين من دون غيرهم في النهائيات العالمية.. وسيدفع هذا التوجه الاتحادات الوطنية إلى السعي نحو دراسة الآلية المناسبة لضمان الإبقاء على حكامها في كأس العالم المقبلة، ولا سبيل لذلك إلا باحترافهم التحكيم.
وواحدة من الوسائل المهمة لتطوير التحكيم في العالم وإحدى الوسائل الفعالة للارتقاء بالتحكيم ونحو تحقيق مستوى عالٍ من الأداء والإنجاز الرياضي الأفضل في هذا المجال، هي أن ينخرط في هذا السلك اللاعبين القدامى لأن نسبة 99 في المائة من اللاعبين القدامى ينخرطون في سلك التدريب للميزات الكثيرة جداً التي تتوافر للمدربين لأن لاعب الكرة السابق يعرف أسراراً وخبايا الساحرة المستديرة، وربما يقدّر بعض المواقف فقد تكون قد حدثت له من قبل في إحدى المباريات وبالتالي تكون ثقافة التحكم في مثل هذه الأمور متوافرة لديه بالخبرة، وحتى مواد القانون سيتعامل معها بمرونة أكثر وبحزم في الحالات التي تحتاج إلى حزم لأنه يعرف تماماً مشاعر اللاعب وحالته النفسية في مثل هذه الظروف، بجانب معرفته ودرايته بكيفية المحافظة على لياقته البدنية وكيفية تطويرها. وفي السابق كنا نشاهد بعض اللاعبين المعتزلين ينخرطون في سلك التحكيم. ومن الأسباب الرئيسة التي أثرت بصورة مباشرة في عدم إقبال اللاعبين ذوي الخبرة في مجال التحكيم‏,‏ لهو عدم وجود أي حوافز أو مغريات تغريهم، فالمقابل المادي ضعيف فقد ابتعد الأكثرية منهم وأحجم معظمهم عن المشاركة لأن المردود المالي الضعيف والأجر الزهيد الذي يتقاضاه الحكم، والذي لا يتناسب مع متطلبات الحكم من حيث التدريب وشراء الملابس والمعدات اللازمة للتدريب‏,‏ ومصروفات العلاج علي حسابه الشخصي، إلى جانب الضغوط النفسية التي يتعرض لها. وهذا يقلل نسبة الدافعية للانخراط في سلك التحكيم لأن معظم الاتحادات المحلية لا تقوم على علاج الحكام الذين يصابون أثناء المباريات، ولأن استثارة الدافع للرياضي تمثل من 70 إلى 90 في المائة من العملية الرياضية، ذلك لأن التفوق في مجال معين في المنظومة الرياضية يتطلب اكتساب الحكم متطلبات الحكم الناجح، ثم يأتي دور الدافع ليحث الحكم على بذل الجهد والطاقة اللازمين لرفع مهاراته، وصقلها وإتقانها، علماً بأن عمر الحكم بالملاعب لا يتجاوز العشر سنوات لأن سن اعتزال الحكم 45 عاما… بخلاف المدرب الذي يعّمر طويلا ويتعاقد مع أكثر من فريق حتى أن بعض المدربين ظلوا يعملون حتى عمر 80 عاما .. إلى جانب أن التحكيم‏‏ أصبح معرضاً لضغوط كبيرة من قبل الإعلام‏,‏ وصار الحكم مادة ثرية للتحليل وتفنيد الأخطاء‏ في بعض القنوات والبرامج.,‏ وقلما تجد من يشيد بأداء الحكام‏,‏ ويلتمس لهم العذر‏,‏ إضافة إلى أن التحكيم كما هو معروف لدى الجميع أنه شماعة يعلق عليها اللاعبون والإداريون والمدربون أخطاءهم نتيجة لجهل معظمهم بمواد القانون أو تجاهل العارفين به من أجل التغطية على إخفاق ما. وأسهل طريقة للتغطية على هذه الأخطاء هو تعليقها في شماعة التحكيم.
وتطبيق نظام الاحتراف على الحكام له إيجابيات على كرة القدم تلك اللعبة الجماهيرية ذات الشعبية الواسعة في العالم، سيجعل الحكم بمنأى عن الإرهاق الذهني حياتياً, من خلال الراحة المادية نتيجة للأجور المريحة والمشجعة والمجدية والمغرية, حتى يبذل جهده في تقديم الأفضل , بدءاً من الاعتناء بلياقته، ومتابعته لقوانين التحكيم والتعديلات التي تحدث، ومشاهدته للبرامج التي تتحدث عن أخطاء الحكام والكثير الذي يمكن أن يكتب عن هذا الموضوع, خاصة في ما يتعلق بابتعاد الحكم عن التلاعب.. إلخ.. فالحكم هو أحد أضلاع المنظومة، وحينما يرى أن اللاعبين والمدربين يتمتعون بميزات مادية كبيرة .. يصاب بالقهر وربما الحقد لدى ضعاف النفوس فينعكس ذلك سلباً على أدائه وإضفاء روح المسؤولية التي تنبع من واقع أن هذا العمل أصبح يوفر لقمة العيش، وبالتالي يجب المحافظة عليه، ومتى وجدت الاتحادات الرياضية التي تسير وفق القواعد الجيدة والضوابط واللوائح التي تحكم ذلك، وتتبنى الأفكار الجيدة التي تنهض بنظام الاحتراف لتحققت الأهداف والغايات وأصبح الاحتراف صناعة يسير وفق ضوابط وشروط توفر لتعاقد الحكام المحترفين أرضية صلبة عبر صياغة الأسس التي تبين نوع هذا الاحتراف مما يشجع اللاعبين القدامى على الانخراط في سلك التحكيم من بوابة هذا الاحتراف. وسينعكس ذلك بالأثر الإيجابي في تحسن أداء الحكام وازدهار مستويات الأداء عند اللاعبين على حد السواء لأن اللاعب والإداري الذي يعرف ويتأكد أنه لا توجد شماعة لتعليق إخفاقه أو أخطائه عليها سيحسن من أدائه، وبالتالي يجعل الاحتراف من الرياضة حرفة لها مبادئ وغايات يحرص الحكام واللاعبون على تطبيق مبادئها ولوائحها والتقيد بأخلاقها السامية، وذلك للرقي بالرياضة العربية وازدهارها والوصول بها إلى العالمية. وحتى يتحقق حلمنا بأن نرى أكبر عدد من المنتخبات العربية في المناسبات العالمية مثل كأس العالم وأن نرى حكامنا يديرون المباريات النهائية في كأس العالم والمنافسات القارية ويذكرونا بالزمن الجميل وحكامنا الذين أداروا وشاركوا في إدارة مباريات كأس العالم ونذكر منهم: يوسف محمد حكم مساعد (مصر) 1934 - علي قنديل حكم ساحة / مساعد (مصر) 1966 ــ 1970، محمود مصطفى كامل حكم ساحة / مساعد (مصر) 1974، عبد الحليم محمد حكم مساعد (السودان) 1974، فاروق بوظو حكم ساحة / مساعد (سورية) 1978، هادي سويدي حكم مساعد (تونس) 1978، إبراهيم يوسف الدوي حكم ساحة / مساعد (البحرين) 1982، يوسف الغول حكم ساحة / مساعد (ليبيا) 1982، بلعيد لاركان حكم ساحة/ مساعد (الجزائر) 1982، جمال الشريف حكم ساحة/ مساعد (سورية) 1986 ــ 1990 ــــ 1994، علي بن ناصر حكم ساحة/ مساعد (تونس) 1986، فلاج الشنار حكم ساحة / مساعد (السعودية) 1986، ناجي الجويني حكم ساحة / مساعد (تونس) 1990 ــــ 1994، جاسم مندي حكم مساعد (البحرين) 1990، محمد حنصل حكم مساعد (الجزائر) 1990، علي بوجسيم حكم ساحة (الإمارات) 1994 ــ 1998 ــ 2002، يوسف الختان حكم مساعد (البحرين) 1994، الجيلالي غريب حكم مساعد (المغرب) 1994، عبد المجيد حسن حكم مساعد (مصر) 1994، جمال الغندور حكم ساحة (مصر) 1998 ــ 2002، سعيد بلقولة حكم ساحة (المغرب) 1998، عبد الرحمن الزيد حكم ساحة (السعودية) 1998، حسين غدانفري حكم مساعد (الكويت) 1998، محمد منصري حكم مساعد (تونس) 1998، سعد كميل حكم ساحة (الكويت) 2002، مراد الدعمي حكم ساحة (تونس) 2002، محمد الكزاز حكم ساحة (المغرب) 2002، علي الطريفي حكم مساعد (السعودية) 2002، عوني حسونة حكم مساعد (الأردن) 2002، وجيه فرج حكم مساعد (مصر) 2002، توفيق العجنقي حكم مساعد (تونس) 2002، حيدر قليط حكم مساعد (لبنان) 2002، عصام عبد الفتاح حكم ساحة (مصر) 2006، عيسى درويش حكم مساعد (الإمارات) 2006، خليل جلال الغامدي حكم ساحة (السعودية) 2010.
ولكي ينجح هذا الاحتراف ينبغي أن تكون لجان نظام الاحتراف ذات كفاءة عالية من الوعي الرياضي والتربوي كي تعالج السلبيات وتزيل العقبات التي ربما تعترض سبيل التطبيق السليم للاحتراف. وكبداية يجب أن تطبق الفكرة فقط على حكام الدول التي تمارس الاحتراف على أن يتم تطبيق ذلك في حكام من دول الهواية التي لا تمارس الاحتراف في مجال كرة القدم في المستقبل القريب، وأن يتم توقيع عقود بين الطرفين وهي عملية التزام بين الحكام والاتحاد الوطني ويمكن أن تنص صيغة هذه العقود على زيادة في المخصصات المالية للحكم، ورفع تعويضاته إلى مبالغ مجزية بجانب بدلات النقل والسكن وغيرها متى ما أثبت كفاءته ومقدرته على تطوير نفسه وتحسين أدائه الفني بجانب توقيع العقوبات المالية اللازمة في حالات الإخفاق أو الاستهتار في تطبيق الانضباط المطلوب على أن يراعى في ذلك أيضاً المؤهلات العملية والخبرات التراكمية في مجال العمل مع التأمين على الحياة وضد الإصابات حتى يحفظ الاتحاد بعضاً من حقوقه في حال ـــ لا قدر الله ــــ حدثت وفاة للحكم أو أصيب في إحدى المباريات. ويمكن أيضاً تطبيق الاحتراف بصورة جزئية أي بمعنى التعامل بما يسمى (شبه الاحتراف)، وشبه الاحتراف يعنى أنه يكون هناك دعم معنوي للحكم، حيث يتوافر له الوقت الكافي للتدريب، وكذلك الوقت الكافي للاستعداد للمباراة التي سيديرها، وكذلك يتمتع براحة بعد المباراة، قبل أن يباشر عمله اليومي هذا ما يسمى بالدعم المعنوي، وكذلك هناك دعم مادي وهو ما ذكرناه بخصوص المكافآت المجزية والامتيازات الأخرى. وفي ذلك يتم اللجوء لأسلوب الإعارة أو الانتداب من جهات العمل. وهناك تجربة عملية ومفيدة تشجعنا على احتراف الحكام العرب، حيث إن الحكم الدولي المغربي سعيد بلقولة وقع عقداً مع عصبة المحترفين لكرة القدم اليابانية في مدينة طوكيو باليابان، حيث أدار ما يناهز 20 مباراة في بطولة المحترفين، وكان أداؤه متميزاً، مما جعل الاتحاد الياباني يجدد التعاقد معه للمرة الثانية وفق برنامج مكثف يرمي إلى العمل المستمر والمثمر والمفيد للجانبين. واشتمل عقده حول إدارة المباريات في القسم الأول للمحترفين، وكذلك إعطاء دروس للحكام اليابانيين، والقيام بعدة تدريبات عملية على الميدان، وإعطاء كل السبل لتطور التحكيم في اليابان. ومن هنا تتأكد أهمية احتراف الحكام لأنها تعطي فوائد مزدوجة، فالحكم المحترف بجانب إدارته للمباريات يستطيع إعداد وصقل الحكام الجدد، و يستطيع أيضاً أن يسهم بهذا الجهد في الدول العربية التي لا تستطيع تطبيق الاحتراف وذلك عبر برتوكولات رياضية بينها وبين الدول المقتدرة المطبقة لاحتراف الحكام.
وحتى نحقق هذا الغرض بصورة علمية ووفق رؤى مدروسة، على لجان الحكام في الاتحادات العربية إيجاد آلية منظمة لصياغة شكل الاحتراف الكامل وشبه الاحتراف ومحدداته وفق الآتي:
1- الاهتمام بدراسة الظروف المعيشية والاجتماعية والعملية للحكام.
2-إعادة هيبة التحكيم وفق أسس منهجية.
3-وضع آلية لتنظيم عملية الاحتراف الكامل أو الجزئي بما يكفل الحفاظ على مستوى الحكام وتطوير مستواهم.
4-رعاية الخامات الموهوبة في مجال التحكيم وتهيئة وإنجاح عملية التأهيل والصقل.
5-استقطاب كفاءات جديدة للتحكيم من اللاعبين القدامى.
6- بناء لجان مختصة في مجال التحكيم ذات مواصفات عالمية تلبي طموحات الحكام.
7- دعوة الأكاديميين والمتخصصين والخبراء لرسم سياسة تستند إلى المقومات الفعلية والمنطقية في تطوير أسس وأساليب التحكيم وفق الظروف والمعطيات للحكام.
8-الاستعانة بالمختصين في هذا المجال من الشباب لبناء أفكار جديدة وجريئة.
9-على الاتحادات المحلية أن تمنح الثقة الكاملة للحكام، وأن تدافع عن حقوقهم، ومعاقبة من يسيء إليهم.
10-لجنة الحكام عليها وضع برنامج احترافي طموح لتطوير الحكام، وتعمل على استقطاب حكام جدد من خلال إنشاء أكاديمية تقوم بإعداد حكام على مستوى فني راق ووضع برنامج لتطوير الحكام ومتابعة تنفيذ خطة التطوير.
11-وعلى الإعلام تقع مسؤولية كبيرة من خلال دعم الحكم وإبراز نجوميته، واعتماد مبدأ النقد البناء الذي يدفع الحكم لتطوير نفسه.
12-وضع أسس واضحة لمرافقة لحكام للوفود عند المشاركات الخارجية على مستوى المنتخبات أو فرق الأندية.
13-العمل على استقطاب جميع الحكام الدوليين والمتقاعدين والاستفادة من خبراتهم التحكيمية وتشكيل روابط للحكام تدافع عنهم وتحفظ حقوقهم.
14-إعادة النظر بلوائح الحكام التنظيمية والعمل على تطويرها بما يتناسب ومستجدات اللعبة.
إن عنصر المبادرة في كل شيء يعطيك الأفضلية والأولوية، وعلينا أن نضع لوائحنا المنظمة لعملنا في اتحاداتنا المحلية، حيث تتواكب مع ظروفنا ومجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي ربما تحكمنا في بعض بنودها وألا تخرج عن الهيكل العالم الذي يضعه "فيفا" في هذا الأمر، وأن يتم الاتفاق والتنسيق مع جهات أخرى ذات صلة بالموضوع وخاصة فيما يشبه الاحتراف أو دعنا نسميه الاحتراف الجزئي، وهو الذي يمكن أن يتم بإعارة أو انتداب الحكم من جهة عمله للجهة الرياضية التي تفرغه للتحكيم تماماً.
وفي هذا الصدد يجب أن تقوم وزارات الشباب والرياضة وبإشراف مباشر من وزرائها، بدور الوسيط بين جهات العمل الأخرى والإدارات الرياضية من أجل تحقيق هذا الهدف وربما قد يحتاج الأمر إلى تدخل في سلطات أكبر كإصدار أمر جمهوري أو أمر ملكي أو أمر إداري حسب أنظمة الدول العربية المختلفة، ولكن في نهاية الأمر هو أمر يسهم في تطوير جهاز قضائي لمؤسسة رياضية ويساعد في دفع عجلة التقدم والازدهار فيها، مما يحقق الطفرة التي ننشدها باكتمال كل الأجهزة في منظومة كرة القدم باحتراف اللاعبين والحكام والإداريين ليتحقق الحلم الكبير الذي يرضي جميع الأطراف وهو المنافسة الفعلية على إحراز كأس العالم في قطاعات الكبار والشباب والناشئين، ويشارك حكامنا في إدارة نهائيات كأس العالم والمنافسات القارية وتستعين بهم الاتحادات القارية في إدارة مسابقاتها. وهذا الأمر لا يبدو بعيداً ولا هو حلم بعيد المنال إذا عزمنا على الأمر، وتوكلنا على الله، ورمينا الجبن الإداري الذي يلازمنا، وأخذنا عنصر المبادرة في كل أمورنا.
وهناك شماعة أخرى يعلق عليها أعداء التقدم والنجاح فشلهم إلا وهي الإمكانات المادية.. وبمنتهي البساطة على الاتحادات المحلية أن تضمن في عقودها مع الشركات الراعية لمنافساتها بنداً خاصاً باحتراف الحكام وشرح وتوضيح هذا الأمر، وإفهام هذه الشركات أهمية احتراف الحكام ودوره في إنجاح البطولة أو المنافسة لأنها أيضاً تدفع ويهمها نجاح المنافسة التي ترعاها.
نحن العرب ـــ حبانا الله بالنعم الكثيرة ولدينا من الإمكانات البشرية والمادية مما يمنحنا الأفضلية في تحقيق النجاح، ولكن مع الأسف فإن الجبن الإداري يجعلنا دائماً نجلس ونطالع تجارب الآخرين ومن ثم نطبقها، وفي ذلك الحين نجدهم قد ابتكروا شيئاً جديداً ونحن ما زلنا نغوص في وحل تجاربهم السابقة.
إن المفاهيم قد تغيرت وخريطة كرة القدم ستتغير رسمتها وخطوطها وألوانها، فلم تعد حكراً على الأوروبيين أو غيرهم والبقاء أصبح للأقوى والأشجع وقطر خير دليل على ذلك فانتزعت للعرب حقهم في تنظيم كأس العالم بقوة الإرادة والعزيمة وأخذ المبادرة.
ونود في الختام أن ننوه إلى شيء مهم وهو أننا يجب أن نعلم بأن احتراف الحكام لن ينهي أخطاء التحكيم نهائياً، ولكن ستقل هذه الأخطاء بمعدل كبير ومثلهم في ذلك مثل اللاعبين، فمثلاً رونالدو أغلى لاعب في العالم يضيع ضربة الجزاء ويخفق في إحراز الأهداف، ولكن احتراف رونالدو بلا شك طور مستواه إلى درجة كبيرة ورفع معدل الإنتاجية لديه من ما جعله يحقق النتائج الطيبة للفريق الذي يلعب له لأن الاحتراف يرفع درجة الانضباط لدى اللاعب لأعلى معدل فيها وبذلك تنتظم أموره البدنية والفنية والمهارية والخططية وسينطبق ذلك على الحكام أيضاً. نأمل أن يكون في هذا المقال رداً على السؤال : احتراف الحكام ..هل هو الحل الأمثل لأزمة التحكيم؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي