رسالة إلى إرهابي

<a href="mailto:[email protected]">alamiaa@yahoo.com</a>

لا أعلم - أيها المختبئ في أحد جحور الجاهلية - إذا كنت تقرأ، فالله وهبك نعمة البصر إلا أنك اخترت أن تكون أعمى البصر والبصيرة فلا تقر لك عين إلا بمشاهدة صور أشلاء الأبرياء. لا أعلم إذا كنت تصغي أو تسمع، فالله وهبك نعمة السمع إلا أنك اخترت سماع نعيق الغربان على صفاء صوت الأذان. لا أعلم إذا كانت لديك حاسة الشم فأصبحتَ لا تميز بين رائحة البارود والنار والبعير وبين شذى ورود الطائف وأبها وعسير. لا أعلم إذا كنت تتذوق أي شيء غير طعم الدماء فقتلت الأطفال وذبحت النساء. أشك أنه قد بقي لديك أي شعور أو إحساس غير شعورك بالنشوة والفرحة بقتل الناس.
آخر مغامراتك كانت يوم الجمعة الماضي عندما هاجمت عصاباتك الملثمة بنوايا المجرمين مجمعاً نفطياً آمناً باسم "القضاء على الصليبيين". هل تعلم أنه قد استشهد خلال "غزوتك" المشينة اثنان من رجال الوطن أحدهما مري والثاني دوسري وقد خلفا سبعة أيتام؟ قدم الشهيدان أرواحهما في سبيل الدين ثم الوطن وكانا سبباً - بعد قدرة الله - في الحيلولة دون حدوث كارثة اقتصادية وبيئية فيما لو نجحت في تحقيق غايتك القذرة. لَعِبْتَ بعقول شباب الجوف والطائف والباحة ورغدان وزهران وحي البديعة فدفعتهم للهجرة إلى جحور التدريب على الاغتيال. ماذا تقول لسلمان وخديجة أبني أحد المطلوبين الذي قُبِضَ عليه في أبها؟ ماذا تقول لسعد وسعيد وفارس ولبنى أولاد أحد المطلوبين الآخرين؟ كل هؤلاء وغيرهم سيشهدون عليك يوم لا يبقى إلا وجه الله ذي الجلال والإكرام.
منذ أن خططت بما تبقى من عقلك المريض لاقتحام مجمعات "الحمراء" و"إشبيلية" و"المحيا" والمجمعات السكنية الآمنة الأخرى وأنت تتخبط بين التهجم على الأجانب والمقيمين تارة وتفجير المباني الحكومية وقتل أطفال المدارس تارة أخرى. عندما فشلت في تحقيق أية مكاسب ميدانية أو شعبية لما تقترفه يداك الملطختان بالدماء بحجة إخراج "المشركين" من جزيرة العرب واعتمادك على مذكرات المقدسي البالية في تكفير ولاة الأمر، قررت أن تهاجم المصالح الاقتصادية مصدر رزق الأجيال.
حاولت استدراج علماء ومشايخ هذا الوطن بنهجك المتطرف وحملك الفكر التكفيري وإلقائك الخطب التحريضية، فبصقوا في وجهك لأن إيمانهم بالله ثم ولاءهم للوطن أكبر من حجمك الصغير. ازددت غيظاً فهاجمت علماء الدين عبر المنشورات التحريضية وعبر مواقع الإنترنت ونَصَبْتَ "المفتين الشرعيين" من أعوانك من مرشدي جماعات التكفير والتفجير ليحرضوا البسطاء وصغار السن فيغرروا بعقولهم ويعدوهم بصكوك الجنة. كان يمكن لهؤلاء الشباب أن يسهموا في مسيرة بناء الوطن لكنك سرقت منهم أحلامهم أن يكونوا يوماً ما مهندسين ومدرسين وعلماء وأطباء.
أيها القابع في جحور الجاهلية ويدك ملوثة بدم الشهداء. هل تتذكر الشهيد الرقيب فرحان الشمري الذي استشهد خلال تبادل إطلاق النار مع إرهابيي عمليات ينبع؟ هل تتذكر الشهيد رقيب أول محمد القحطاني الذي توفي أثناء مطاردة الإرهابيين بالرياض الجمعة 18 حزيران (يونيو) 2004م، وغيرهما من عشرات شهداء هذا الوطن من المدنيين والمجاهدين والأطفال والنساء؟ لا بد أنك قد أصبت باليأس والهوان بعد أن وقف لك أبناء هذا الوطن بالمرصاد وتَمَكَنَتْ أجهزة الأمن من إحباط عملياتك الإرهابية. لا بد أنك شعرت بالخذلان والهوان بعد أن تم القضاء على فئرانك من الخلايا الإرهابية في مزارع واستراحات الرياض والقصيم والشرقية. لا بد أن الفزع قد أصابك بعد أن عثرت قوى الأمن على مستودعاتك في باطن الأرض من الأكياس المملوءة بخلائط كيماوية لتصنيع المتفجرات.
كل أحياء وأشجار ورمال وسواحل هذا الوطن تشهد على جرائمك العفنة، من شبرا في حي السويدي إلى إسكان مستشفى الملك فهد في جازان ومن شواطئ الخير وأحياء جدة والمجمعة إلى ضواحي شقراء والدمام، وحتى مكة الطاهرة والمدينة المنورة لم تسلما من عبث عصاباتك الماجنة. أحد سكان بقيق قال هذا الأسبوع: "قبل النفط لم يكن هناك شيء، ما تراه هنا كان مجرد صحراء منبسطة مع قليل من الأغنام والإبل..الآن يوفر النفط الوظائف لنا ولأولادنا وأحفادنا." أيها الإرهابي المختبئ هناك تحت الأنقاض.. نحن وأولادنا وأحفادنا لك بالمرصاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي