أطفال ضحايا جوالات الآباء
من أكبر الظواهر السيئة في مجتمعنا، التي قد لا تجدها في المجتمعات الأخرى, ظاهرة استخدام الجوال, من قبل الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 سنة. تجدهم، في الغالب يحملون الجوالات من باب المفاخرة والمباهاة أمام أقرانهم, أو من باب التسلية, فقد حول معظمهم جواله إلى كمبيوتر ألعاب صغير, و قد يُسيء استعماله. نحن نعلم أن الهاتف المحمول وضِع أساساً ليحل محل الهاتف الثابت, لتسهيل عملية الاتصال في أي وقت وفي أي مكان وزمان، كذلك يجب استخدامه في حالة الضرورة فقط.
قد يُساء استخدام هذا الهاتف المحمول من قبل شاب مراهق لا يدرك مخاطره النفسية والاجتماعية والفسيولوجية, ناهيك عن التأثيرات المادية التي لا تدركها الأبصار ولكن تدرك ما في الجيوب! فقد يُفاجأ أب بفاتورة هاتف ابنه المحمول بآلاف الريالات، وهناك مشاكل أكثر خطورة مما سبق ذكره، إنها التأثيرات الصحية وما أدراك ما التأثيرات الصحية على شاب لا يزال في سن النمو!
أثبتت دراسة قام بها معهد أبحاث السرطان على 4 آلاف شخص من خمس دول أوروبية، واعتمدت على معطيات من بريطانيا, الدنمارك, فنلندا, النرويج, والسويد, وتعد هذه الدراسة من كبرى الدراسات التي أنجزت في هذا الموضوع، أن الهاتف المحمول لا يشكل خطر الإصابة بالسرطان خلال السنين العشر الأولى من استعماله على البالغين والذين أعمارهم فوق 18 سنة. شريطة أن يُستعمل الجوال لفترات قصيرة جداً ومتقطعة (لا تزيد على بضع دقائق). ولكن في الدراسة نفسها حذر الباحثون من استعمال الهواتف المحمولة للشباب الذين لا تتعدى أعمارهم 16 سنة. حيث أثبتت الدراسات أن الهواتف المحمولة لها تأثيرات كبيرة على العصب السمعي لدى الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة. فقد أوصت الدراسة بتجنب استعمال الجوّال إلا في حالات الضرورة القصوى لأن الأجهزة العصبية لدى الشباب لا تزال في طور النمو وقد تكون عرضة للإصابة بالسرطان (لا سمح الله).
أما بالنسبة للتأثيرات النفسية والفسيولوجية, فهي بسبب الرسائل التي يستقبلها هذا المراهق المسكين من جوّالات زملائه أو عن طريق الإنترنت. فقد يكون لها بالغ التأثير على حياته المستقبلية نتيجة لقلة خبرته في بعض الميادين والتي تتطلب العقل والحكمة والتروي. فقد يصاب هذا المسكين بصدمة نفسية عند رؤيته بعض المناظر المخلة بالأخلاق, وقد تجره إلى ما لا يحمد عقباه. فهل هذا بسبب جهل الآباء؟ أم أن الطفولة لا معنى لها في مجتمعاتنا!
ومن هذا المنبر(زاوية التقنية وحياتنا) أناشد الآباء والأمهات والمربين والعلماء ومن يملكون إمكانية التغيير, بحماية المجتمع على وجه العموم وحماية فئة الشباب على وجه الخصوص من هذه الأجهزة التي قد تدمر أبنائنا وفلذات أكبادنا نفسياً وصحياً ونحن السبب في ذلك. فلا نلوم أطفالنا ولكن نلوم أنفسنا.
قصة محزنة ومفيدة
وصلني على بريدي الإلكتروني رسالة مفادها أن هناك شابة في عمر الزهور ذهبت لمركز بيع الجوّالات لتصلح أو تستبدل جوّالها. كان البائع أجنبيا - من نفس جنسية السائق المرافق لها ولإخوانها الصغار ـ دون علم الفتاه, قام الفني بالدخول على ملفات الصور ونسخ بعض الصور الخاصة بها وبزميلاتها وأسرتها وبنقل بعض الرسائل المهمة, ومن ثم أعطاها السائق, ناصحاً إياه باستخدامها للضغط على الفتاة وابتزازها. قبل السائق الهدية وفرح بها، وبدء في مشوار الابتزازات اللا أخلاقية مع الفتاة. ولكنها (في هذا الموقف الصعب) كانت أكثر شجاعة وأقوى اتزانا. فقد تمالكت نفسها, وفضلت عقاب والدها ووالدتها (فهم أستر لها وأرحم بها) من أن تقع فريسة لمثل هذا السائق العديم الأخلاق. أطلعت والدتها على بعض من أسرار حياته والتي كانت تتمنى أن لا تعرفها أمها عنها, ومن ثم تدخل والدها في الوقت المناسب بعد أن شرحت له والدتها الموضوع بهدوء. كان متفهما للموقف وحيا في ابنته شجاعتها ومصارحتها والدتها ووالدها بمثل هذا الأمر الذي يمس سمعة العائلة بأسرها.
كم أتمنى من كل شاب وشابة أن يجعلوا آباءهم أصدقاءهم. الشباب يمرون بمرحلة حرجة لم يسبق لكثير من الآباء تجربتها. فيجب علينا الانفتاح والمصارحة مع أبنائنا وعدم تركهم ضحية للذئاب الجائعة والمسعورة التي تنتهز أدني فرصة للانقضاض على فريستها. ولعل في هذه القصة درسا لنا جميعاً.
نصائح وتحذيرات الخبراء
1. الخبراء ينصحون بالتقليل من استعمال الجوّال لفترات طويلة كإجراء وقائي حيث إن الدراسة لا تزال تحت المتابعة حتى يتم التأكد من زوال خطر السرطان بعد مدة أطول.
2. تنصح الحكومة البريطانية حاليا مستعملي الهواتف المحمولة بالتقليل من مكالماتهم.
3. تنصح الحكومة البريطانية الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم 16 سنة بتجنب استعمال الجوّال إلا في حالات الضرورة القصوى لأن أجهزتهم العصبية في طور النمو.