أود الكتابة عن بعضكم
أود الكتابة عنكم، عن بعضكم ممن يتواصل معي بالكتابة سواء عن طريق الإيميل أو بالطريقة المستحدثة، الجوال الذي يُحول إلى الإيميل ويجعلكم تدفعون رسماً على تعبيركم عن رأيكم بخدمة سريعة تصل مباشرة إلى الكاتبة. قد لا أفي من يثني أو يعبر إيجابياً عن رأيه حقه في التعليق اليوم، لأن شهادتي فيهم سوف تكون مجروحة، وإن كان دعم القراء هو ما يعين الكاتب على الصمود في أحيان كثيرة. ولكني أود الكتابة عن البعض الآخر، ممن يجدها فرصة للتعبير العشوائي كما أسميه، التعبير الذي لا يوصل إلى نتيجة وليس قائما على التفكير المنطقي في الحديث أو التعليق أو التعبير عن فكرة. أجدها مناسبة لأتناول نماذج من كتابات بعض القراء التي يطلقونها قذائف على أي كاتبة أو كاتب لا يتفقون معها أو معه في الرأي. يستفيدون من وسائل الاتصال الحديثة في الوصول إلى هذه الدرجة من التنفيس دون إدراك أنها تعزز من جبنهم من خلال ضمانها لسرية هويتهم وتواريها وراء أسماء وهمية أو رسائل من غير أسماء بالكلية.
ربما ليس من المفيد الإشارة إلى الرسائل التي تصل وتسفّ، فهذه يكفي تجاهلها، وإن كان ليس مؤكداً أن معنى التجاهل سيصلها، أو أن ذلك القارئ سوف يفهم أن الإسفاف صيغة من صيغ الجهل.
فعلى سبيل المثال هناك بعض الرسائل التي تحمل كماً من الأفكار غير المترابطة التي تخلو في نهايتها من المنطق، منتقلةً إلى نتيجة غريبة بناء على جملة أو فكرة طرحتُها من غير وجود علاقة بين هذه وتلك إلا ربما في ذهن هذا القارئ، ولاسيما إن كان ما أكتب فيه هو موضوع يخص المرأة، فعند ذاك تنهمر الرسائل المتحفزة للهجوم والنقد والتجريح على بريدي، هذه القضية الشائكة التي يجد كل رجل سعودي لنفسه الحق في البت والتدخل والحكم فيها وإصدار الأحكام الجاهزة بخصوصها، من فئة أن من تطلب تطبيق حق من حقوق المرأة الشرعية فهي تنادي بالتحرر المخلّ وتقليد الغرب وبالانحدار في مستنقعات الـ.... (جمل جاهزة ومؤذية) ثم يختمها بدعوة المرأة السعودية للنظر إلى ما أصاب الغربية من مشاكل ومساوئ نحن في غنى عنها والمرأة السعودية محمية منها، حتى نصل إلى النسب المئوية لحالات الاغتصاب التي تتعرض لها المرأة في الغرب في اليوم والشهر والسنة.. إلخ.. إلخ، من إحصائيات ومعلومات جاهزة جاهزية الجمل السابقة، مما نجده في الكتيبات التي تطبع مجاناً بمئات الألوف وتوزع في كل ركن مدرسة وجامعة وكلية ومعهد ومستشفى، دون توثيق علمي أو أحياناً شرعي.
وهناك القراء الذين يتفرغون للدعاء للكاتبة بما يعني أنها ضالة وتحتاج إلى الهداية على يديه، وكلها كما نرى، نتائج مبنية على افتراضات وهمية ينصّب فيها بعض القراء أنفسهم الحكم والقاضي والمفتي والمصلح والولي والنقي، لما تحمله هذه الدعوات من تلميح بالفوقية والأعلمية والأصلحية والأفضلية مما لا يفيد في تقديم أي نصيحة، ولاسيما عندما لا يكون في مكانه المناسب ومن مجهول هوية يجبن عن الإفصاح عن نفسه. وقد يكون من المفيد أكثر أن تقوم هذه الفئة من القراء بنصيحة نفسها والدعاء لها فهذا في حالات كثيرة، أجدى.
إن ما أجده جديراً بالتعليق هو توجيه نصيحة لمن يريد أن يدلي بدلوه ويعلق على أمر قرأه أو سمعه. وذلك بأن يبدأ بتحديد الهدف من تعليقه أو سؤاله، وإن كان يختلف مع الكاتبة أو الكاتب عليه أن يدفع بحججه وبراهينه حول عدم صواب هذا الرأي أو ذاك من غير أن ينال تعليقه من شخص الكاتب أو من النيات التي لا يعلمها إلا خالقها، بل يركز على الأفكار المطروحة في المقال أو في الرأي المنشور. ودفع الحجج الخاصة بإثبات أو ترجيح رأيه يحتاج إلى استخدام وسائل معروفة في التفكير والتعبير وهي أدوات المنطق بالتدرج في الطرح من عرض الموضوع إلى عرض الاختلاف وأسباب ذلك وسوق الحجج المنطقية الموثقة لدعم رأيه بلغة حيادية قدر الإمكان، وبعيداً عن الإكليشات من الجمل والتراكيب التي تفرغت من مضمونها.
من بعض بريدي الذي حيّرني أخيرا، رسالة لا أفهم الغاية منها ولا سبب تعنّي القارئ بأن يرفع قلمه ويسطر كلماتها. فحول موضوع حقوق المستهلك التي تناولتها في الأسبوعين الماضيين كتب قارئ قدم لنفسه بمديح، ثم ختمه بدعوته لي بأن أطرح مواضيع "ذات فائدة أكبر للقارئ". لا أشك في أن كثيراً من القارئات والقراء سوف يتحيرون كما تحيرت. فإن كان موضوعاً يتناول حقوق كل فرد فينا في معاشه وشأنه اليومي يجده أحد القراء غير مفيد، فما هو المفيد إذاً؟ هذا ما لم يتبرع بذكره وهو ما ينقص كذلك كثيراً من تعليقات القراء السلبية التي تنقد دون أن تقدم البديل أو مقترحها على الموضوع في حال تولت هي الكتابة.
وفي تعقيب على عدد من القراء يسألون عن الحقوق الثمانية للمستهلك التي أقرتها المنظمة الدولية لحقوق المستهلك، والتي كنت قد أشرت إليها في مقال سابق، وافترضت أن القراء قد اطلعوا عليها، أوردها أدناه، وهي:
1 ـ حق الحياة في بيئة صحية: وهي أن يكون للمستهلك الحق في أن يعيش ويعمل في بيئة نظيفة وخالية من المخاطر.
2 ـ حق الاختيار: إن من حق المستهلك أن يختار ويفاضل الاختيار بين السلع والخدمات وفق إمكانياته.
3 ـ حق الأمان: من حق المستهلك الحصول على سلع آمنة لا تضر بصحته وسلامته.
4 ـ حق الاستماع إلى الرأي: للمستهلك الحق في أن يؤخذ برأيه وتراعى مصالحه في أثناء اتخاذ أي قرارات تخصه.
5 ـ حق إشباع الحاجات الأساسية: إن من حق المستهلك الحصول على احتياجاته الأساسية كالغذاء والدواء والماء والمسكن والتعليم.
6 ـ حق التعويض: يحق للمستهلك الحصول على التعويض المناسب أو التبديل في حال حصوله على سلع وخدمات رديئة تعرضه للتضليل أو الغش.
7 ـ حق المعرفة: من حق المستهلك التزود بالحقائق والمعلومات الصحيحة غير المضللة التي تخص سلعه وخدماته.
8 ـ حق التثقيف: للمستهلك الحق في أن يكون مثقفاً وعلى دراية تامة بكل ما يخصه ويكسبه المهارات والمعرفة إذ إن عملية تثقيف المستهلك هي جزء من عملية بناء تطوري نحو مجتمع إنتاجي غير استهلاكي.