دول الخليج في تقرير الاستثمار العالمي 2010

كشف تقرير الاستثمار العالمي لعام 2010، الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) قبل أيام، عن تباين نتائج دول مجلس التعاون الخليجي الست فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. من جملة الأمور المثيرة، تراجعت قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة في أربع دول, أي ثلثي أعضاء مجلس التعاون الخليجي. في المقابل، نجحت قطر بالدرجة الأولى وتلتها الكويت في استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة.
وليس من الخطأ ربط هذا التطور غير العادي بتداعيات الأزمة المالية العالمية, حيث يشير التقرير إلى نتائج 2009, وهي أول سنة كاملة تجرب سلبيات الأزمة المالية. وكانت الأزمة المالية تعززت في النصف الثاني من عام 2008 في أعقاب الكشف عن معضلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة. حقيقة القول، ما حدث لأغلبية دول مجلس التعاون يعد امتدادا لما كان عليه الحال على المستوى العالمي, حيث تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة بنحو 37 في المائة في العام الماضي إلى 1.1 تريليون دولار.

صعود وهبوط
في كل الأحوال، حافظت السعودية على مكانتها كأكبر مستقطب للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لمنطقة غرب آسيا, التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي, فضلا عن تركيا. في التفاصيل، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 35.5 مليار دولار من أصل 68.3 مليار دولار القيمة الكلية للاستثمارات الواردة لمنطقة غرب آسيا, أي نحو 52 في المائة من المجموع لعام 2009. وكانت السعودية استحوذت على 42 في المائة من قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة لمنطقة غرب آسيا في عام 2008، حيث حدث هذا التغيير النسبي على خلفية هبوط الاستثمارات في الدول المشمولة في المنطقة.
في المقابل، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للدول الخمس الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مجتمعة نحو 15.3 مليار دولار في عام 2009, أي 43 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في السعودية.
وفيما يخص أداء بقية دول مجلس التعاون الخليجي، لا مناص من الإشارة إلى أداء قطر بعد أن نجحت في الاستحواذ على المركز الثاني على حساب الإمارات. فقد زادت قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة لقطر في عام 2009 أكثر من الضعف إلى 8.7 مليار دولار. وفي الفترة نفسها، هبط حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة للإمارات من 13 مليار دولار في 2008 إلى أربعة مليارات دولار فقط في 2009. وليس من المستبعد أن تواصل قطر أداءها الإيجابي في ظل تبني سياسات تؤكد فتح القطاعات الاقتصادية للمستثمرين الدوليين.

نجاح السعودية
عودة إلى السعودية, حيث يعيش اقتصادها العصر الذهبي فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية، رغم انخفاض قيمتها بنحو 7 في المائة في العام الماضي. بالعودة إلى الوراء، استقطبت السعودية استثمارات أجنبية بقيمة 38.1 مليار دولار في 2008 مقابل 24.3 مليار دولار في 2007 و18.3 مليار دولار في 2006 و12 مليار دولار في 2005. حسب (الأونكتاد)، بلغ متوسط قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى السعودية 245 مليون دولار سنويا للفترة الممتدة من 1990 إلى 2000.
من جملة الإيجابيات، نجحت السعودية في السنوات القليلة الماضية في استقطاب استثمارات أجنبية في قطاعي العقارات والبتروكيماويات. لا شك يعود جانب من هذا التطور الإيجابي كانعكاس لانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية في نهاية 2005 وما صاحب ذلك من تحسينات وتطويرات للقوانين والتشريعات الاقتصادية للمملكة, التي شملت فتح قطاع الخدمات المالية أمام المنافسة الأجنبية.
على سبيل المثال، قررت السلطات السعودية تقليل عدد الأنشطة المحظورة للمستثمرين الأجانب, فيما يعرف بالقائمة السلبية. بيد أنه لا تزال السلطات تمنع المستثمرين الأجانب من الاستثمار في بعض القطاعات الحيوية مثل صناعة النفط بخصوص الاستكشاف والتنقيب, فضلا عن تصنيع المعدات والمعدات والأجهزة العسكرية. وبخصوص قطاع الخدمات، تشمل الأنشطة المستثنية الاستثمار العقاري في كل من مكة المكرمة والمدنية المنورة, وهي مفهومة نظرا إلى المكانة المقدسة لهاتين المدينتين, فضلا عن خدمات الإرشاد السياحي ذات العلاقة بالحج والعمرة، خدمات السمسرة للعقار، الخدمات الصوتية والمرئية, إضافة إلى صيد الثروات المائية الحية.

تطلعات المستثمرين الدوليين
تعرف الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتلك الطويلة الأجل، وعلى هذا الأساس لا يدخل الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم ضمن هذا التعريف لأنه قابل للتغيير في أي لحظة. يشكل الاستثمار الأجنبي مقياسا على وجود ثقة من قبل المستثمرين الأجانب باقتصادات الدول الأخرى. تعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في أي بلد ما.
حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس، هناك عوامل رئيسة تجذب المستثمرين, خصوصا وجود البيئة التجارية وحجم السوق ونوعية البنية التحتية المتوافرة وإنتاجية العمالة. يشمل مفهوم السوق المحلية إمكانية الوصول إلى الأسواق الإقليمية؛ ما يؤكد الحاجة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي من خلال مشروع السوق الخليجية المشتركة, الذي دخل حيز التنفيذ مطلع 2008.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي