تقليل اختلالات سوق العمل يخفض البطالة

بيانات الهيئة العامة للإحصاء للربع الأول من عام 2025 أظهرت انخفاض معدل البطالة الإجمالي لسكان المملكة إلى 2.8% مقارنة بـ 3.5% في الربع الأخير من 2024، مسجلة تراجعاً بنسبة 20%.

يعكس هذا الانخفاض تحسنا في الأداء الاقتصادي ونجاحا في سياسات سوق العمل وهذا المزيج ما بين الأداء الاقتصادي وسوق العمل يسهم في تحقيق التوازن بين زيادة فرص العمل الناتجة من النمو الاقتصادي وتخصيص الوظائف النوعية للسعوديين من خلال برامج التوطين، ويتماشى مع توجيهات سمو ولي العهد لتعزيز جودة الوظائف.

لا شك أن التكامل بين سياسات الاقتصاد الكلي ومنظومة سوق العمل، لا سيما برامج التوطين والدعم المقدم للقطاع الخاص، إلى جانب الأطر التنظيمية المرنة التي قدمتها وزارة الموارد البشرية، قد لعبت دوراً محورياً في خفض معدل البطالة بين السعوديين من 7.6% في الربع الأول من 2024 إلى 6.3% في 2025، محققاً انخفاضاً بنسبة 17.11% وهو أدنى مستوى تاريخياً، متجاوزاً هدف رؤية 2030 المحدد عند 7% قبل الموعد المحدد.

وفي سياق هذه الإصلاحات لسوق العمل، ارتفعت مشاركة النساء السعوديات في القوى العاملة إلى 36% وهو مؤشر على الظروف المواتية التي خلقتها سياسات التحول الاقتصادي والاجتماعي التي تشجع على عمل المرأة وتدعم تمكينها، كما أن مشاركة الرجال استقرت عند 66.4% مع استفادتهم من فرص جديدة.

انخفاض معدل البطالة بين السعوديين وزيادة إسهامات المرأة، يشيران إلى أن إصلاحات سوق العمل نجحت في تصحيح المسار نحو معالجة البطالة الهيكلية وذلك من خلال ردم فجوة مهارات وقدرات طالبي العمل وبين خصائص الوظائف المتاحة، أي أننا أمام زخم جديد من التوافق بين المهارات واحتياجات سوق العمل.

تؤكد النظرية الكلاسيكية أن تقليل اختلالات سوق العمل يسهم في خفض معدلات البطالة، وقد تجلى نجاح المملكة في هذا السياق من خلال تحقيق مستهدفات رؤية 2030 مبكراً، لتصبح الإنجازات أساساً متيناً تنبى عليه الأهداف والأرقام المستقبلية لتعزيز استدامة النمو في سوق العمل.

يشهد سوق العمل السعودي تكيفاً سلساً مع السياسات الداعمة لتوطين الوظائف مع محافظته على زخم مشاركته في تعزيز الاستثمارات الجديدة أو التوسعية، ويظهر ذلك جلياً في أن البطالة أقل بكثير من معدلاتها الماضية إلى جانب استمرار تنافسية الأعمال وارتفاع مستوياتها في السوق، ويتضح ذلك من خلال ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأنشطة غير النفطية بنسبة 4.9% في الربع الأول من 2025، إضافة إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي، بلغ 22.2 مليار ريال سعودي بزيادة قدرها 44% مقارنة بالربع الأول من 2024

أخيرا: اليوم، لا تكتفي السعودية بتحقيق أهداف رؤية 2030 قبل موعدها، وتسجل أدنى مستويات البطالة تاريخياً، بل تقدم أنموذجاً رائداً للدول الغنية بالموارد، يُظهر كيف تُصاغ سياسات سوق عمل مرنة توازن بين النمو الاقتصادي المستدام ومعالجة البطالة الهيكلية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز جودة الوظائف للمواطنين وربط السياسات بالنتائج لا بالوعود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي