صندوق النقد: الأزمة العالمية «فرصة اقتناص» للصناديق السيادية الخليجية
أكد صندوق النقد الدولي، أن صناديق الثروة السيادية الخليجية في موقع أفضل للاستفادة من الفرص المتولدة عن الأزمة الاقتصادية العالمية، وإدخال تطويرات في بنية مخاطرها الاستثمارية.
وأرجع الصندوق ذلك إلى كون هذه الصناديق تعمل في بيئة اقتصادية آخذة في الانتعاش وداعمة لنموها، كما أظهرت حساسية أكبر أثناء الأزمة تجاه اختيار الاستثمارات الملائمة، علاوة على كون أموالها تتشكل في الغالب من أموال سائلة أو شبه سائلة.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أكد صندوق النقد الدولي، أن صناديق الثروة السيادية الخليجية في موقع أفضل للاستفادة من الفرص المتولدة عن الأزمة الاقتصادية العالمية، وإدخال تطويرات في بنية مخاطرها الاستثمارية.
وأرجع الصندوق ذلك إلى كون هذه الصناديق تعمل في بيئة اقتصادية آخذة في الانتعاش وداعمة لنموها، كما أظهرت حساسية أكبر أثناء الأزمة تجاه اختيار الاستثمارات الملائمة، علاوة على كون أموالها تتشكل في الغالب من أموال سائلة أو شبه سائلة. وأفاد الصندوق في تقرير صدر حديثاً، بأن ما تشهده دول مجلس التعاون من تغيرات سريعة وجذرية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد يدفع باتجاه تفادي الآثار السلبية للعوائق الاقتصادية أمام تدفق التجارة السلبية والخدمية والاستثمارات الخارجية، مشيراً إلى أن توجهها لإزالة هذه العوائق وإقامة تكتلات اقتصادية وتنويع خدماتها وتقليل تكاليفها ما يحقق الانتشار على الصعيدين المحلي والأجنبي.
وأكد التقرير، أن عدد صناديق الثروات السيادية فاق الـ38 صندوقاً في الوقت الحاضر، منها 30 صندوقاً قامت الدول النامية المصدرة للمواد الأولية بإنشائها؛ وذلك من أجل توفير الأموال للأجيال المقبلة واستخدامها عند الحاجة من أجل إضفاء الاستقرار على برامج التنمية الاقتصادية. ويقدر الصندوق النقد حجم أموال هذه الصناديق بنحو ثلاثة تريليونات دولار، وهي بذلك تزيد على حجم صناديق التحوط التي يقدر حجم موجوداتها بنحو 1.9 تريليون دولار، كما أنها تمثل نحو نصف في المائة من حجم الاستثمارات الخارجية للحكومات في العالم.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من استمرار الهواجس والمخاوف لدى الدول الغربية تجاه صناديق الثروات السيادية، إلا أن التطورات الأخيرة على صعيد الاقتصاد العالمي، خصوصاً إثر أزمة الرهن العقاري في أمريكا وما خلفته من خسائر هائلة لكثير من المؤسسات المالية الأمريكية والأوروبية، فضلاً عن تزامنها مع اتجاه الاقتصاد الأمريكي إلى الركود، أدت هذه العوامل مجتمعة - بحسب ما يبدو - إلى مراجعة الدول الغربية مواقفها تجاه صناديق الثروات السيادية.
ويؤكد تقرير صندوق النقد، أن هناك مزايا عدة ناجمة عن استثمارات صناديق الثروات السيادية، من أهمها أنه لم تسجل أي ممارسة سلبية في سجل هذه الصناديق حتى الآن، وأن ما تمثله هذه الصناديق في الوقت الحاضر لا يصل إلى أكثر من 2 في المائة فقط من نحو 165 تريليون دولار حجم الأسهم المتداولة عالمياً، أي أنه حتى لو افترضنا أن هذه الصناديق أرادت أن تحرك استثماراتها بشكل مفاجئ، فإن ذلك لن يكون له تأثير يذكر، وبالتالي فإن المخاوف من مثل هذا التحرك مبالغ فيها إلى حدٍ كبير. ومن المزايا أيضاً أن هذه الصناديق تمثل مستثمراً طويل الأجل، مستعداً لتحمل تقلبات السوق القصيرة الأجل، ما يمثل عامل استقرار للأسواق المالية، إضافةً إلى كونها مستثمراً مسالماً يوفر أموالاً كبيرة، من دون الإصرار على التمثيل في مجالس الإدارة أو حتى التأثير في الإدارة أو تغيرها أو طرد موظفيها، إلى جانب أن هذه الصناديق بما تمثله من أموال كبيرة تعتبر عاملاً مساعداً في معالجة الاختلالات المالية على الصعيد العالمي، وذلك من خلال نقل الأموال من دول الفائض إلى الدول التي تعاني عجزاً مالياً وتحتاج إلى مثل هذه الأموال، هذا عدا عن كونها عاملاً مهماً في زيادة تكامل الاقتصاد العالمي وزيادة الشراكة وربط المصالح المشتركة.
وبشأن الرقابة على أنشطة صناديق الثروات السيادية، ذكر التقرير أن الدول الغربية لديها ما يكفي من القوانين التي تحكم عمل الاستثمارات الأجنبية، إذ إن هناك مثلاً حدوداً لملكية المصارف بحكم كون الدول في الغالب الضامن لودائع البنوك، وهذا التحديد ينطبق أكثر على تكنولوجيا الدفاع وحتى شركات المرافق؛ لذلك ليست هناك حاجة إلى وضع دليل جديد لتحديد دخول وتحرك استثمارات صناديق الثروات السيادية، حيث لا يجب أن يكون هناك تمييز ضد نشاط هذه الاستثمارات التي ستخضع بالضرورة للقوانين نفسها التي تسري على غيرها من الاستثمارات من دون تفرقة.
ويؤكد التقرير أهمية الحاجة إلى حملة للتوعية بالدور الإيجابي لهذه الصناديق على مستوى الاقتصاد العالمي، والتأكيد على الشفافية والإفصاح عن عمل هذه الصناديق. وفي هذا السياق، فإن المطلوب في مجال الإفصاح ليس التطرق إلى تفاصيل الصفقات الاستثمارية، بل المطلوب هو الإفصاح عن الأهداف والسياسات العامة، الذي يعتبر ليس مشروعاً فقط، بل مطلوب حتى على الصعيد المحلي، كما أن الحصول على الدعم والمساندة ينبغي أن يستند إلى التواصل والمكاشفة. وتحتاج الصناديق في هذا المجال أيضاً إلى تحديد مسؤوليات الشركاء ومسؤوليات الإدارة، وأن ممارسة الإفصاح والشفافية من قبل إدارة هذه الصناديق من شأنه خلق طمأنة واستقرار للأسواق المالية، إضافة إلى أن من شأن ذلك خلق انضباط مطلوب بشأن إدارة هذه الصناديق. وكذلك تحتاج الصناديق السيادية إلى تجنب الضجة بشأن الشركات التي تمثل رموزاً وطنية، وبالتالي قد يكون من الأسلم أيضاً تجنب امتلاك حصص استراتيجية والاكتفاء باستثمارات متواضعة في عدد أكبر من الشركات وفي قطاعات أوسع، تحقيقاً لتنوع محفظة الاستثمار وتقليلاً لتركز المخاطر.
وأوضح معهد صناديق الثروات السيادية في تقرير صدر أخيراً ارتفاع أصول الصناديق السيادية العربية إلى 1.64 تريليون دولار نهاية الربع الأول من العام الجاري، بزيادة قدرها 200 مليار دولار عن قيمتها نهاية العام الماضي. وأظهرت البيانات أن أصول الصناديق السيادية الخليجية بلغت 1.3 تريليون دولار، وهو ما يشكل 79 في المائة من إجمالي أصول الصناديق العربية كلها، ونسبة 47 في المائة من إجمالي أصول الصناديق السيادية في العالم كله، التي بلغت 3.5 تريليون دولار نهاية الربع الأول من العام الجاري. وأرجع محللون هذه الزيادة في ارتفاع قيمة أصول الصناديق السيادية الخليجية إلى تحسن أسواق الأسهم العالمية؛ وهو ما رفع من قيمة الاستثمارات الخليجية فيها، وكذلك إلى تحسن أسعار السلع، إذ يمتلك الكثير من الصناديق السيادية استثمارات في السلع، إلا أنه يصعب تحديد حجم هذه الاستثمارات.
وأكد التقرير، أن استثمارات الصناديق السيادية الخليجية ما زالت في أوضاع مطمئنة، رغم الظروف الاقتصادية العالمية الحالية التي عصفت بالأسواق المالية نتيجة لأزمة الديون اليونانية، لكن الإشكالية الكبرى المتعلقة بالصناديق السيادية الخليجية هي أن غالبيتها لم يعلن عن رؤية واضحة فيما يتعلق بطبيعتها أو كيفية استثمارها للأصول التي تديرها؛ لذلك أصبح دورها محصوراً في إدارة الثروات.