مختص: نجاح الاستثمارات الزراعية السعودية في الخارج مربوط بـ 4 شروط

مختص: نجاح الاستثمارات الزراعية السعودية في الخارج مربوط بـ 4 شروط

نصح خبير اقتصادي، المستثمرين السعوديين الراغبين في الزراعة في الخارج، بالتأكد من أن هذه الاستثمارات لا تخل بحقوق الملكية للأراضي من السكان المحليين في الدول المستهدفة، تجنباً للانتقادات والدخول في متاهات قانونية، مبيناً أن ذلك يمكن أن يحقق أكبر عائد إيجابي من الاستثمارات الزراعية.
وأكد لـ''الاقتصادية'' الدكتور جون اسفيكياناكيس مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، أهمية الأخذ في الاعتبار عند الاستثمار في أي دولة النظرة إلى السكان الأصليين فيها حتى لا تنتهك حقوق ملكية الأراضي القائمة، وذلك لتفادي النظر إليها بأي حال من الأحوال بأنها الاستعمارية الجديدة، خاصة أن المملكة تتمتع بسمعة ممتازة في جميع دول العالم، ولها علاقات وثيقة بجميع الدول العربية والإسلامية، وينظر إليها على أنها الدولة الرائدة من جميع النواحي. وبيَّن أن الاستثمارات الأجنبية (بشكل عام) تكون أحياناً ذات مردود سلبي على الدول المتلقية لتلك الاستثمارات، وذلك عندما يتم تغليب المصالح الذاتية دون مراعاة لتأثيرها على السكان المحليين.
وتابع جون اسفيكياناكيس ''إن السباق بين الدول المستوردة للغذاء على الحصول على أراضٍ زراعية في الدول الأخرى لتعزيز أمنها الغذائي يهدد بخلق نظام استعماري جديد، وفي مثل هذه الحالة ينبغي على المملكة أن تضع هذه المخاوف نصب عينيها عند وضع سياساتها الاستثمارية''.
ولفت اسفيكياناكيس، إلى أهمية الأخذ في الاعتبار أن تكون الاستثمارات الزراعية السعودية بقدر يعزز الأمن الغذائي المحلي في الدول المستهدفة، وبالتالي يحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي في تلك المجتمعات، ومن ثم إنتاج فوائض للتصدير، والنظر بعناية في كمية المياه المتوافرة في تلك الدول لكي لا تواجه هذه الاستثمارات مشاكل في المستقبل، بمعنى ألا تجرى الاستثمارات الزراعية في المناطق التي يوجد فيها نقص محتمل في المياه أو نقص في الغذاء أو المجاعة الدورية مثل ما في بعض أجزاء من إفريقيا.
وقال اسفيكياناكيس ''إن أسعار المواد الغذائية عام 2008 شهدت زيادات سريعة في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وبقية دول العالم، وعلى الرغم من أن هذه الأسعار شهدت في الأشهر الماضية تراجعاً عالمياً - وذلك حسب مؤشر الفاو الغذائي - إلا أن الملاحظ استمرار تصاعدها في الوقت نفسه وبشكل لافت في المملكة''، مرجعاً هذا التصاعد في أسعار المواد الغذائية إلى النقص في إمدادات الغذاء، ارتفاع تكاليف الترحيل، والتركيز الشديد على الوقود الحيوي، إضافة إلى المضاربات على السلع.
وقال ''إنه لضمان نجاح الاستثمارات الزراعية في الخارج، خاصة أن تحقيق الأمن الغذائي بالنسبة إلى المملكة على المدَيين المتوسط والبعيد يبدو على قمة الأولويات السياسية لتفادي حدوث مشاكل مماثلة في المستقبل، فلا بد من التركيز على الدول الأكثر أماناً وأقل خطورة مع وضع اقتصادي ممتاز وصحي قبل استثمار الأموال في تلك الاقتصاديات، إلى جانب توافر البنية التحتية اللازمة لذلك. كما يجب توجيه الاستثمارات الزراعية نحو الدول التي تمتاز بحكومات مستقرة ويمكن التنبؤ بها، وسيادة القانون الأساس فيها ومحاكمها ذات استقلالية تامة تجعلها قادرة على معالجة الشكاوى أو القضايا المتعلقة بتلك الاستثمارات، مع أهمية التعرف على القوانين المتعلقة بالعمل، على اعتبار أنه في بعض الدول قد يكون من الصعب جداً فصل الموظفين، وهو ما يمثل في بعض الأحيان أحد العوائق أمام الشركات والاستثمار الأجنبي فيها. وتابع ''في المقابل فإنه على تلك الدول أن تكون مستقرة سياسياً ونموها الاقتصادي ممتاز، وأن توجد قوانين واضحة تحمي المستثمر وصارمة في نزع الملكيات، كما ينبغي النظر في أي بلد إلى الاحترافية في المشاركة في الأعمال الزراعية، وأيضاً إلى الاعتبارات البيئية وهي مهمة لحساب المستثمرين السعوديين''.
وحول أهم المناطق على المستوى العالمي عند الحديث عن الأمن الغذائي والاستثمار الزراعي، أكد اسفيكياناكيس أن القارة اللاتينية تكتسب درجة جديدة من الأهمية الاستراتيجية في هذا الجانب، معتبراً أمريكا اللاتينية، بالرغم من بعد المسافة مع المملكة، هي الخيار الأميز مع بعض الدول الأخرى مثل أستراليا وكندا للاستثمار الزراعي، خاصة عند النظر إلى أن كثيراً من واردات اللحم البقري تأتي من الأرجنتين والبرازيل. وأضاف ''إن الأعمال الزراعية في الأرجنتين والبرازيل واعدة جداً بالنظر إلى عوامل الطقس والظروف المناخية والتربة التي تخلق بيئة مثالية للمحاصيل والماشية، إضافة إلى أنهما تعدان من عمالقة الزراعة، حيث تمثل 80 مليار دولار من صادراتيهما العام الماضي 2009، إلى جانب أن أنظمتهما مستقرة ويمكن التنبؤ السياسي والاقتصاد فيهما''.
وبشأن سعي الحكومة السعودية لتنويع مصادر وارداتها الغذائية وأنها جعلت هذا الأمر ضرورة ملحة، شدد اسفيكياناكيس للحصول على أكبر عائد إيجابي من الاستثمارات الزراعية في الخارج على أهمية التخطيط بعناية لتلبية الاحتياجات الملحة للاقتصاديات اللاتينية السريعة النمو، للتأكد من عدم حدوث آثار مدمرة على تلك الدول بسبب الأنشطة الاستثمارية، مضيفاً ''بحيث يجب الإدراك بأن يكون للاستثمار الزراعي في الدول اللاتينية تأثيرات إيجابية على اقتصادياتها من خلال توفير فرص العمل للسكان المحليين وشراء البذور والأسمدة من الأسواق المحلية في تلك الدول بأكبر قدر ممكن، وبذلك يمكن أن تجد تلك الاستثمارات الدعم والقبول''.
وبحسب اسفيكياناكيس، فإن أمريكا اللاتينية أفضل من إفريقيا وغيرها من القارات من حيث البنية اللازمة للاستثمار الزراعي، فنجد البرازيل على سبيل المثال تنتج قصب السكر بتكلفة أقل من أي بلد آخر في العالم، وذلك بفضل مكاسب الإنتاجية مستمرة في زراعة على مدى السنوات الـ30 الماضية، في حين ارتفعت نسبة زراعة الذرة في الأرجنتين إلى حد كبير وبنسبة تصل إلى 50 في المائة تقريباً بين عام 1990 وحتى 2000 بسبب زيادة استخدام الأسمدة وإدخال البذور المعدلة وراثياً، واستعداد الشركات لتشجيع استخدام التقنيات الجديدة. كذلك نجد أن النظام المالي في أمريكا اللاتينية في تطوير سريع جداً، مقارنة مع بعض أجزاء من إفريقيا.

الأكثر قراءة