جدل اقتصادي حول تأثير زيادة تعريفة الكهرباء في الصناعات السعودية
في وقت أبدى فيه عدد من الصناعيين السعوديين تذمرهم واستياءهم من الزيادة الجديدة في تعريفة الكهرباء على القطاع الصناعي بواقع 9.6 في المائة، رأى خبراء اقتصاديون أن الزيادة خطوة جيده إلى الأمام في سبيل توفير الطاقة الكهربائية مستقبلاً بشكل مستدام.
وكانت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج قد أقرت الزيادة الجديدة التي ينتظر تطبيقها مطلع تموز (يوليو) المقبل، على ثلاثة قطاعات (الحكومي، الصناعي، والتجاري)، واستثنت القطاع السكني الذي يشكل أغلبية الاستهلاك بواقع 53 في المائة من إنتاج الطاقة الكهربائية.
ويتوقع الخبراء أن تنفق شركة الكهرباء أكثر من 340 مليار ريال في مجال الطاقة خلال السنوات الثماني المقبلة، ما يدعو إلى تمويل مزيد من الاستثمارات اللازمة لمواكبة النمو في الطلب، مؤكدين أن زيادة التعريفة الأخيرة لن تعوق القدرة التنافسية الصناعية، ولن تعوق قدرة السعودية على جذب الاستثمارات المباشرة الأجنبية.
وأكد المختصون أن حوافز الأسعار المتدنية يفترض فيها ألا تكون هي نقطة الاجتذاب الوحيدة للصناعات إلى المملكة، وأن عامل الجذب الحقيقي ينبغي أن يكون المكاسب في الكفاءة والإنتاجية، كما يتعين على الصناعات في السعودية أن تعتمد على مكاسب الإنتاجية بخلاف حوافز الكهرباء.
في الجانب الآخر، يرى صناعيون أن الزيادة الجديدة في التعريفة من شأنها التأثير في المقام الأول في قدرة الصناعات السعودية وتنافسيتها في الأسواق العالمية خصوصاً للشركات والمصانع التي تعتمد بشكل كبير على التصدير.
ولفت الصناعيون في حديثهم لـ "الاقتصادية" أن زيادة تعريفة الكهرباء الأخيرة ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف على المصانع المحلية من 3 – 5 في المائة، وهو ما سيدفع ثمنه المستهلك النهائي على حد قولهم.
#2#
وأوضح الدكتور جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي أن الزيادة في التعريفة هي خطوة جيدة إلى الأمام، ويفترض فيها أن تساعد الشركة السعودية الموحدة للكهرباء على زيادة إيراداتها السنوية وتعزيز ربحيتها.
وأضاف "الإيرادات من مبيعات الكهرباء لا تكفي لتغطية التكاليف التشغيلية للشركة وفي الوقت نفسه تمويل الاستثمارات اللازمة بفعل النمو في الطلب، كما أن الزيادة في السعر ستظل أدنى بنسبة 3.5 في المائة من تكلفة الإنتاج الفعلية، ومن المفترض أن الزيادة البالغة 9.6 في المائة في أسعار الكهرباء لن تعوق القدرة التنافسية الصناعية، ولن تعوق قدرة السعودية على اجتذاب الاستثمارات المباشرة الأجنبية."
وأشار سفاكياناكيس إلى أن حوافز الأسعار المتدنية من هذا القبيل يفترض فيها ألا تكون هي نقطة الاجتذاب الوحيدة للصناعات إلى المملكة، مبيناً أن عامل الجذب الحقيقي ينبغي أن يكون المكاسب في الكفاءة والإنتاجية، ويتعين على الصناعات في المملكة أن تعتمد على مكاسب الإنتاجية بخلاف حوافز الكهرباء.
وأردف "التحدي الماثل هنا هو أن تعرفة الكهرباء غير قابلة للاستدامة على الأجل الطويل، وذلك بالنظر إلى الطلب لزيادة القدرة الكهربائية، الإيرادات التي تحصلها الشركة من مبيعات الكهرباء لا تكفي لتغطية التكاليف التشغيلية للشركة وفي الوقت نفسه تمويل الاستثمارات اللازمة بفعل النمو في الطلب، وأتوقع أنه سيتعين إنفاق أكثر من 350 مليار ريال في الطاقة فقط خلال الفترة 2010 ــــ 2018 وتدعو الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات، كما يجب أن تصبح الصناعة ذات كفاءة أكبر من حيث الطاقة، مع ملاحظة أن فاتورة الكهرباء تشكل 1.3 في المائة من إجمالي التكلفة الإنتاجية لنحو 90 في المائة من الشركات الصناعية، ولا تستطيع الحكومة أن تستمر في تحَمُّل تعرفة الكهرباء المتدنية هذه إلى الأبد".
واعتبر كبير الاقتصاديين في البنك الفرنسي أن الخطوة المقبلة ستكون هي أن تصبح الأسر ذات كفاءة أعلى من حيث استهلاك الكهرباء، وقال "53 في المائة من استهلاك الطاقة يأتي من الأسر، حيث يشكل استخدام أجهزة تكييف الهواء نحو 65 في المائة من استهلاك الكهرباء."
#3#
من جهتها، حذرت ألفت قباني عضو اللجنة الصناعية في غرفة جدة ونائب رئيس اللجنة العليا لاتحاد المستثمرات العرب من تبعات رفع التعريفة الكهربائية على المصانع، مؤكدة أن القرار سيسهم في تحميل الصناعة الوطنية أعباء جديدة ويقلل من فرصها، في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع مساعدتها وتعزيز قدرتها على منافسة الصناعات الأجنبية التي تغزو السوق السعودية.
ووصفت قباني في حديثها لـ"الاقتصادية" قرار رفع التعريفة الكهربائية للمصانع المحلية بأنه غير واقعي، وتابعت "من الصعب أن تخفف المصانع أو تتوقف عن الإنتاج في وقت الذروة حيث إن التوقف وإعادة التشغيل يكلف المصانع مبالغ كبيرة, المصانع تعمل بشكل مستمر وأي توقف وقت الذروة بهدف التخفيف من الأعباء المالية وتخفيف الأحمال غير منطقي ويكبد المصانع خسائر كبيرة."
وتستطرد "الأمر نفسه ينطبق على المستثمر الأجنبي الذي سيتردد كثيراً في دخول السوق الصناعية المحلية بسبب المتغيرات الجذرية التي تطرأ بين وقت وآخر على التعريفة الكهربائية، ومن المهم أيضا إعادة النظر في تعريفة وقت الذروة بهدف التخفيف على المصانع وعدم تحملها تكاليف إضافية تؤثر في إنتاجها خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن المصانع تعاني شدة المنافسة المحلية والعالمية في ظل التأثيرات المتلاحقة بعد الأزمة المالية العالمية."
ورأت عضو اللجنة الصناعية في غرفة جدة أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة ستكون الأكثر تأثراًَ بالقرار، مطالبة هذه المنشآت بالاندماج والتكتل، ولاسيما بين المصانع السعودية.
ولفتت قباني إلى أن القرار الجديد سيؤثر في صادرات السعودية إلى الخارج، مضيفة "من الطبيعي أن يؤدي ارتفاع سعر التكلفة إلى رفع سعر المنتج، وهو الأمر الذي سيقلل من حظوظ المنتج الوطني في سوق عالمي يشهد منافسة شرسة وترمي فيه الدول الكبرى بثقلها وعلى رأسها الصين وكوريا ودول شرق آسيا".
#4#
إلى ذلك، عبر يوسف الغامدي عضو اللجنة الصناعية في غرفة جدة عن تذمر الصناعيين من التعرفة الجديدة وأنها ليس في مصلحة الصناعة الوطنية، وقال "من المؤكد هناك تأثير يراوح من 3 – 5 في المائة زيادة في التكاليف على المصانع المحلية وبالتالي سينعكس ذلك على المستهلك النهائي، كذلك نحن كشركة نصدر 50 في المائة من منتجاتنا للأسواق الخارجية فإن قدرتنا التنافسية ستقل وسيكون من الصعوبة لنا منافسة الصناعات العالمية المنافسة."
وقال الغامدي إن تكلفة الكهرباء في المجال الصناعي ثابتة وليست متغيرة وشركة الكهرباء لا تخسر من القطاع الصناعي، مطالباً بإعادة النظر في التعريفة الجديدة خدمة للصناعات الوطنية وقدرتها على الاستمرار.