موضة الشركات المساهمة

في بداية التسعينيات الميلادية أتذكر أنه لم يكن لدينا شركات عقارية مساهمة عدا شركتي طيبة ومكة، وكان نطاق عملهما يقتصر على التطوير العقاري في المدينتين المقدستين وشركتين في الرياض بمشاريع محدودة وبتطور بطيء لا يحقق المأمول منهما، وكان العمل في المجال العقاري يعتمد على العمل الفردي أو العائلي الذي مازال سائدا إلى اليوم وإن كان هناك توجه لإشراك آخرين للاستثمار في هذه الشركات أو العمل على طرحها كشركات مساهمة في المستقبل، ومع الطلب المتنامي للمشاريع العقارية بالذات والتطور الذي حدث لصناعة التطوير العقاري بداية هذا القرن أصبح هناك حاجة لوجود أكثر من شركة وأعني شركة مساهمة بعيدا عن السيطرة والمركزية في العمل وأصبح من الضروري وجود شركات في المدن الرئيسية وكذلك بقية المدن والمحافظات لتلبية الطلب المتنامي على المشاريع السكنية والمكتبية والسياحية.
واليوم نرى الإعلان عن أكثر من شركة عقارية مساهمة وقد يشهد عام 2006م طرح العديد من الشركات العقارية للمساهمة العامة وهذا مطلب رئيس والجميع ينتظره بعيدا عن الدخول في مغامرات مع مؤسسات فردية، ولكن أكثر ما نخشاه أن يكون هذا التوجه هو الأسلوب الأمثل لتخلص بعض الشركات الخاصة من مشاكل وأعباء مالية وتراكمات حدثت لبعضها بهدف الحصول على سيولة مالية لتعويض النقص أو لتسويق بعض أصولها التي تمتلكها مثل الأراضي والمخططات التي لم تجد رواجا أو لعدم القدرة على مجاراة السوق واحتياجاتها وضعف التسويق والتركيز على المشاريع المجدية والاندفاع وراء مشاريع الوهم التي رأينا كثيرا منها خلال السنوات القليلة الماضية.
يجب أن يكون دخول الشركات الفردية أو المساهمة المحدودة إلى مصاف الشركات المساهمة مبنيا على قوة المركز المالي لهذه الشركات وقدرتها على الإسهام في التنمية من خلال مشاريع حقيقية وذات جدوى اقتصادية ويكون إضافة لما يحتاج إليه هذا القطاع الحيوي من كيانات تسهم في مواكبة النهضة والنمو الذي تشهده المملكة العربية السعودية، فالسوق فيها خير كثير لكل من يرغب أن يعمل برؤية واضحة وبشفافية ومصداقية وبأسلوب تكاملي بعيدا عن استغلال الفرص للمصالح الشخصية دون أدنى اعتبار للقطاعات المستهدفة والمستفيدة من هذا القطاع.
أتمنى شخصيا ألا يكون الركض وراء الموجة ومسايرة الموضة - موضة طرح الشركات المساهمة – وزيادات رأس المال والإعلانات التخديرية والإشاعات والحرص على اقتطاع أكبر حصة من الكعكة وبأسرع وقت ممكن - هو الشغل الشاغل بهدف الربح السريع دون حسابات المنافع المتبادلة خوفا من السقوط المريع الذي قد يحدث لهذا القطاع الحيوي الذي لم يتعاف بعد من داء المساهمات المتعثرة وتوظيف الأموال ومشاريع الوهم والأحلام الوردية من شركات المشروع الواحد والمخطط اليتيم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي