ارتفاع أسعار الذهب.. هل يدفع السعوديين إلى شراء العيارات المتدنية والفضة المطلية؟

ارتفاع أسعار الذهب.. هل يدفع السعوديين إلى شراء العيارات المتدنية والفضة المطلية؟

ربما يجد السعوديون المقبلون على الزواج أنفسهم أمام تحد حقيقي، خلال صيف هذا العام، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الذهب والمجوهرات في السوق المحلية، نتيجة ارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية، ما قد يدفعهم إلى شراء عيارات من الذهب تعتبر متدنية وأقل جودة كانت لا تجد حظها من الإقبال إلا من قبل أصحاب الدخل المحدود.
وتباينت آراء عدد من المختصين في سوق الذهب والمجوهرات في المنطقة الشرقية حول العوامل الحقيقية وراء ارتفاع أسعار الذهب محليا إلى ما يقارب 150 ألف ريال للكيلو الواحد "عيار 24" فمنهم من أرجعها إلى التطورات السياسية بين أمريكا وإيران، ومنهم من يرى أن الأزمة الاقتصادية والديون التي تواجهها اليونان وغيرها من الدول الأوروبية، تعد عاملا أساسيا في ارتفاع أسعار الذهب والمجوهرات محليا وعالميا، في حين ذهب فريق آخر إلى أبعد من ذلك عندما يؤكد على توجه بعض الدول ومن بينها الصين إلى زيادة احتياطيها من الذهب بعد التقلبات الكبيرة في أسعار العملات العالمية وأسواق النفط.
ويقول حسين العبد الوهاب مستثمر في سوق الذهب والمجوهرات لـ "الاقتصادية" إن الذهب أصبح اليوم يلقى اهتماما كبيرا من قبل المقبلين على الزواج من السعوديين والسعوديات، كما أن أسعاره صارت تهم أغلب المستثمرين في هذا المجال لارتباطه بالتطورات الاقتصادية بالدرجة الأولى في الأسواق العالمية، حتى أصبح الذهب ملاذا آمنا ليس للمستثمرين فقط، وإنما لكثير من الدول بعد تراجع أسعار النفط وأسواق وبورصات الأسهم.
ويشير إلى أن ارتفاع أسعار الذهب محليا لا يعود إلى سياسة العرض والطلب، وإنما للتطورات السياسية بين أمريكا وإيران والأزمة الاقتصادية التي ضربت اليونان وعددا من الدول الأوروبية ما أثر على سعر الذهب محليا، خاصة أن سوق المملكة مرتبطة ارتباطا وثيقا مع المنظومة العالمية وما يصاحبها من تطورات اقتصادية وسياسية.
وهنا يضيف علي العبد العزيز عضو لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة الشرقية ومستثمر في هذا المجال عاملا آخر أدى إلى زيادة ارتفاع أسعار الذهب عالميا المتمثل في توجه عدد من الدول منها الصين لزيادة احتياطيها من معدن الذهب حتى يصبح بالنسبة لها ملاذا آمنا بعد التقلبات التي شهدتها أسواق الأسهم العالمية والنفط.
ويشير العبد العزيز إلى أن نظرة السعوديين إلى الذهب تغيرت تماما كما كانت في السابق، فقد أصبح الفرد السعودي يقوم بشراء حاجته من الذهب خلال مناسبات الزواج بالدرجة الأولى، على عكس ما كان يحدث في السابق عندما كان الذهب يعد مصدر ادخار لكثير من الأسر السعودية والعربية أيضا، لافتا النظر إلى أن شراء الذهب حتى وقت قريب كان أقرب إلى المثل المعروف لدى السعوديين "الذهب زينة وخزينة"، أما الآن فأصبح للزينة فقط بسبب ارتفاع أسعاره.
ويقول العبد العزيز إن حركة الشراء في سوق الذهب ستفرضها الحاجة فقط من أجل المناسبات الاجتماعية، متوقعا ألا تكون حركة الشراء كما كانت في الأعوام الماضية، وسيكون هنالك ترقب لحركة الأسعار من قبل المستهلكين خلال الأيام المقبلة في السوق المحلية التي تحتل المركز السابع على مستوى العالم من حيث الاستهلاك.
ويعود العبد الوهاب ليؤكد أن ارتفاع أسعار الذهب لم يأت بين ليلة وضحاها وإنما أخذ فترة طويلة من الزمن حتى وصلت أسعاره إلى ما هي عليه الآن، مشيرا إلى أنه منذ بداية عام 2010 صارت هنالك قناعة لدى المستهلك المحلي مع هذه الارتفاعات والتكيف معها، حيث إن المستهلك بدأ يدخل السوق وهو مدرك تماما أن هنالك ارتفاعا كبيرا في أسعار الذهب، واستبعد العبد الوهاب فكرة أن يلجأ السعوديون إلى الأسواق الخليجية الأخرى لشراء حاجاتهم من الذهب والمجوهرات، مدللا على ذلك بأن هذه الأسواق تعتبر السوق السعودية منفذا لتصريف منتجاتها من الذهب والمجوهرات، مستفيدة من الكثافة السكانية في المملكة والمصحوبة بقوة شرائية كبيرة من قبل المجتمع السعودي، ولعل الدليل على ذلك وجود أنواع متعددة من الذهب البحريني والإماراتي والعماني في السوق المحلي، على الرغم من ذلك فإن المنتجات الخليجية من الذهب والمجوهرات لم تترك أثرا سلبيا على السوق السعودية من حيث الأسعار.
وبين العبد الوهاب أن المرأة السعودية تحرص كثيرا على اقتناء حاجتها من المجوهرات والذهب من السوق المحلية التي توفر لها تشكيلات متنوعة، بيد أن هنالك نخبة قليلة من السعوديات اللواتي يلجأن إلى شراء احتياجهن من الذهب والمجوهرات من أسواق خارجية أوروبية كانت أم خليجية.
ويضيف إن ارتفاع الذهب وفتح منافذ جديدة أمام المرأة السعودية كالرجوع إلى عيارات ذهب متدنية تصنع منها أشكالا حديثة من الذهب بأسعار معقولة أو الرجوع إلى خام أقل كالفضة التي تطلى بالذهب، مؤكدا أن هنالك أنواعا من الذهب تباع حاليا في السوق المحلية بأسعار رخيصة.
نافيا في الوقت ذاته أن يقود ذلك إلى تلاعب في نوعية وجودة الذهب المعروض بأسعار عالية في السوق بحكم أن هنالك توارثا لعائلات معروفة لصناعة الذهب في الشرقية التي تفرض فيها شروطا صارمة لمنع بيع عيارات متدنية على أنها عيارات جيدة، وحتى إن وجدت فتعتبر نسبة ضئيلة لا تعد خللا في صناعة الذهب في المنطقة، مؤكدا أن هنالك بعض الأشخاص الذين يقومون بترويج الذهب بصورة غير نظامية ولا يملكون محال مرخصا لها من قبل وزارة التجارة والصناعة، ويشير العبد الوهاب إلى أن سعر جرام الذهب في السوق المحلية يراوح بين 150 إلى 130 ريالا.
أما عبد اللطيف أحمد النمر عضو اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة في مجلس الغرف السعودية عضو لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة الشرقية فيؤكد أن هنالك اجتماعا عقد الأربعاء الماضي في غرفة الشرقية جمع تجار ومصنعي الذهب كافة في المنطقة للتباحث حول مستقبل صناعة الذهب والمجوهرات في المنطقة وتمت صياغة عدد من التوصيات سيتم رفعها إلى اللجنة والوطنية بعد دراستها من قبل لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة الشرقية التي يتوقع تشكليها خلال الأيام المقبلة، رافضا الإفصاح عن طبيعة هذه التوصيات، ولكنه أشار إلى أنها تهدف إلى إعادة الاهتمام بهذا المعدن النفيس وإعادة بريقه، بعد أن توجه المستهلكون إلى الذهب البديل "الأكسسوارات".
وبين أن سوق الذهب أمامها مستقبل كبير في ظل الارتفاع في الأسواق المحلية والعالمية، كما أن الشرقية ستظل المورد الأساسي للذهب لمناطق المملكة الأخرى رغم أن سكانها أقل اقتناء للذهب عن سكان المناطق الأخرى، حيث تأتي المنطقة الغربية في المرتبة الأولى نتيجة مواسم الحج والعمرة ثم منطقة الرياض بسبب كثافتها السكانية ثم المنطقة الشرقية، مؤكدا أن حجم الذهب في السوق المحلية يقدر بنحو 100 طن سنويا، ويشير إلى أن سعر الكيلو من الذهب الصافي عيار 24 يصل إلى 150 ألف ريال، أما الذهب عيار 21 فيبلغ سعر الكيلو 131 ألف ريال.

الأكثر قراءة