توقعات بضخ سيولة إضافية في سوق الأسهم في النصف الثاني
رجحت مصادر اقتصادية ضخ مزيد من السيولة في سوق الأسهم السعودية خلال النصف الثاني من العام الحالي، في ظل الركود الذي يعانيه قطاع العقار، الذي وصل إلى مرحلة الانخفاض في كثير من مناطق المملكة.
وقالت المصادر ذاتها تأكيدا على ما ذهبت إليه إن هنالك نموا في حجم السيولة في سوق الأسهم السعودية خلال الربع الأول من العام الحالي وصل في بعض الأحيان إلى ستة مليارات، في حين أن الربع الأخير من عام 2009 كانت السيولة فيه في حدود ثلاثة مليارات فقط، ما يعني أن هنالك توجها من قبل المستثمرين نحو سوق الأسهم الذي يتوقع أن تستقطب سيولة إضافية قد تصل إلى ثمانية مليارات مع نهاية العام الحالي، في حال لم تحدث تطورات اقتصادية في الأسواق العالمية.
عودة السيولة للسوق
وقال لـ "الاقتصادية" حمد العنزي - اقتصادي سعودي - إن الربع الأول من عام 2010 شهد ركودا كبيرا في قطاع العقار، ربما يعود ذلك لسياسة التهدئة التي يتبعها العقاريون في حال طرأ أي انخفاض في أسعار العقار، والانتظار لحين صعودها مجددا، رغم أن ـ العنزي ـ يرى أن هذا الأمر مستبعد في الوقت الحالي، على اعتبار أن الارتفاعات التي شهدها قطاع العقار في الأسعار خلال العام الماضي تعد غير مبررة.
وبيّن أن قطاع العقار شهد خلال فترة الأشهر الثلاثة الماضية ركودا يميل إلى درجة الانخفاض في عمليات البيع والشراء، في وقت حققت فيه سوق الأسهم ارتفاعا ملحوظا وزيادة في حجم السيولة المتداولة، ما يعني أنها مؤشرات مبكرة لإعادة توجيه السيولة التي كانت مستثمرة في قطاع العقار نحو سوق الأسهم، مشيرا إلى أن السوق أغلقت أغلب تداولاتها اليومية خلال الأشهر الماضية عند مؤشر 6900 بارتفاع ما بين 5 و6 في المائة للمؤشر.
ويرى العنزي أن العلاقة العكسية بين سوق الأسهم وقطاع العقار بدأت في الدوران مجددا، حيث إن عام 2006 والذي شهد انهيار سوق الأسهم بشكل كبير، شهد فيه سوق العقار ارتفاعا طفيفا سرعان ما بدأ بالارتفاع الكبير حتى نهاية عام 2009.
واستبعد العنزي أن تكون المزايا والخدمات التي قدمتها البنوك أخيرا بهدف تحريك السيولة لديها سبب في زيادة السيولة في سوق الأسهم، مؤكدا أن البنوك ما زالت متحفظة إلى حد كبير في منح قروض التمويل، سواء للأفراد والشركات، مؤكدا أن السيولة التي دخلت السوق خلال الربع الأول مع العام الحالي ليست (سيولة صناعية) نتيجة سياسة البنوك التمويلية، إنما هي سيولة حقيقية وجدت طريقها للسوق بعد موجة الركود التي عاناها قطاع العقار مع بداية مطلع العام الحالي، لافتا النظر إلى أن التداولات اليومية في السوق أصبحت تبدأ منذ الساعة الأولى من افتتاح السوق بأكثر من مليار ريال، في حين أن هذا الرقم كان يصعب تحقيقه خلال العام الماضي، إلا بعد مضي نحو أربع ساعات من بدء عمليات التداول. وتوقع أن يرتفع حجم السيولة في السوق خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي إلى نحو ثمانية مليارات ريال.
السوق مغرية وجاذبة
يؤكد ناصر القرعاوي ـ اقتصادي سعودي ـ أن قطاع العقار يمر بأزمة اختناق نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي خلال عامي 2008 و2009، حيث ارتفع العقار بشكل غير مبرر من الناحية الاقتصادية، مشيرا إلى أن ملاك العقار استغلوا عدم وجود ضوابط صارمة أو آلية تنظيمية لكبح جماح الأسعار، والوصول بأسعار الأراضي إلى مستويات غير منطقية.
ويرى القرعاوي أن وتيرة ارتفاع أسعار العقار تسير بشكل تدريجي وبشكل أسرع من الهبوط، وأن هذا ما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية، ما جعل هنالك عزوفا عن شراء الأراضي، خاصة المساحات الكبيرة منها، ما أدّى إلى تجميد مليارات الريالات في هذا القطاع.
وأوضح أن كثيرا من المستثمرين خلال فترة انهيار سوق الأسهم بدأوا في الاستثمار في المراكز التجارية والوحدات السكنية داخل المدن والشوارع الرئيسة، ما زاد من حجم المعروض، يقابله ضعف في الطلب، خاصة في جدة والدمام والخبر والرياض التي يتوقع أن تشهد بنهاية هذا العام زيادة ملحوظة في العروض من المشاريع العقارية الخدمية التي تستهدف الشركات والمؤسسات، على اعتبار أن التوجه حينها كان منصبا نحو هذا الاستثمار بشكل أكبر من الاستثمار في الوحدات السكنية.
وأشار إلى أن هناك فئتين لقطاع الإسكان، الأولى فئة المشاريع التي لا تزال تحت التنفيذ من المطورين والشركات في أحياء متناثرة من المدن الرئيسة والفئة الثانية الخاصة، وهي محدودة جدا، من أصحاب الأراضي الصغيرة الذين قاموا بشرائها كمنتج نهائي بنظام "التقسيط"، مؤكدا أن الفئة الثانية ستجد نفسها أمام مشكلة كبيرة خلال السنوات المقبلة، عندما تتوصل إلى قناعة تامة أن قيمة هذه الوحدات السكنية الصغيرة التي تم شراؤها بمبالغ كبيرة، أقل من ذلك بكثير، في ظل عدم وجود رغبة لشراء الوحدات السكنية الصغيرة خارج الأحياء السكنية في المدن الرئيسة، نتيجة ارتفاع أسعارها. أما الآن ومع دخول عام 2010 ومع ما شهده من ركود في قطاع العقار، بدأ العقاريون يفكرون بشكل جدي في العودة مجددا لسوق الأسهم، التي بدأت تحقق مزيدا من الأرباح، لعلها تكون المنقذ لهم من خسائر محتملة بسبب هذا الركود، وهو ما أدى إلى زيادة السيولة في سوق الأسهم خلال الربع الأول مع العام الحالي، طمعا في الاستفادة من التحسن الكبير الذي طرأ على السوق.
ويعتقد القرعاوي أن وضع سوق الأسهم في الوقت الحالي يعد مغريا وجاذبا لدخول مزيد من الاستثمارات بدلا من الاستثمار في قطاع العقار الذي أصبح شبه مجمّد في الوقت الحالي.