المسؤولية الاجتماعية للشركات
يرتبط مفهوم المسؤولية الاجتماعية بفلسفة المجتمع والأيدولوجية السائدة فيه وفي المجتمع الإسلامي.
المسؤولية الاجتماعية تقوم على ثلاثة أركان:
1- الرعاية وهي نابعة من الاهتمام بالجماعة المسلمة.
2- الهداية نابعة من الفهم للجماعة ودور الفرد المسلم فيها.
3- الإتقان هو المشاركة تقبلاً وتنفيذاً وتوجيهاً.
ويعد التكافل الاجتماعي من صور المسؤولية الاجتماعية ومن أهم الأسس التي يقوم عليها المجتمع في الإسلام والتي تضمن سعادته وبقاءه في إطار من المودة والأمن والوحدة والسلام.
والمعنى اللغوي للتكافل هو الانضمام وهو "ضم ذمة إلى ذمة لتتقوى إحداهما بهذا الضم". وبالمعنى المبسط أن كل فرد قادر من أفراد المجتمع يتعين عليه عون أخيه المحتاج حتى يضمن له على الأقل المستوى الأدنى من الحياة الكريمة وضمان وجود الاحتياجات الأساسية وذلك لجميع أفراد المجتمع دون التفرقة بين ديانة أو جنسية . والتكافل لا يعني فقط الشعور بالتعاطف السلبي والوقوف عند هذا الحد ولكن يجب أن يصاحبه الفعل.
ولقد أتى الإسلام بهذا المفهوم منذ 14 قرناً، لذا نحن كمجتمع إسلامي مطالبون بتطبيق هذا المبدأ
أول مبادرة جماعية في العالم للمسؤولية الاجتماعية هي مبادرة "الاتفاق العالمى " Global Compact بدأت جلوبال كومباكت بمبادرة من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في تموز (يوليو) 2000 قبل خمسة أعوام في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس, وأصبحت أكبر مبادرة بشأن مسؤولية الشركات في العالم. ودعا أنان القطاع الخاص إلى شن مبادرة دولية تضم القطاع الخاص وهيئات الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني.
ويسعى الاتفاق إلى تطوير مفاهيم وممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات. وتبنى عدد من أكبر الشركات التي لديها أنشطة متعلقة بمسؤوليتها الاجتماعية ميثاقاً أخلاقياً في مجالات حقوق الإنسان، وقواعد العمل، والحفاظ على البيئة، ومكافحة الفساد وذلك من خلال قوة دفع العمل الجماعي, ويهدف المؤتمر إلى زيادة الوعي حول المسؤولية الاجتماعية.
ويمكننا القول إن المسؤولية ترتبط وتتداخل وتتأثر وتتشكل من عدد من المفاهيم والأحكام منها:
1- الحقوق والواجبات.
2- الضميران الفردي والجماعي.
3- الهوية والمواطنة.
4- الأخلاق والقيم.
5- الإدراك الاجتماعي.
إن المسؤولية الاجتماعية للشركات تعني التزام منشأة الأعمال تجاه المجتمع باستخدام الأموال والجهود المبذولة من المنشآت للدعم والتطوير والتنمية للمساعدة بكل الطرق الممكنة والمتاحة والمطلوبة لجميع الجهات الأخرى المرتبطة بالمؤسسة والمجتمع وهي ليست التزامات منصوص عليها قانوناً.
وفي شباط (فبراير) 2004 قامت 55 شركة مصرية أغلبها من القطاع الخاص وتضم شركات من قطاع الأعمال العام بالانضمام إلى اتفاق المسؤولية الاجتماعية وأعلنت في المؤتمر عن التزامها بتطبيق مبادئ مبادرة الاتفاق العالمي Global Compact، ويهدف المؤتمر إلى زيادة الوعي حول المسؤولية الاجتماعية, إضافة إلى إشراك القطاع الخاص في حوار جاد لتحسين دوره في الإسهام في أولويات التنمية في مصر. ومن الملاحظ في المملكة ظهور اتجاه قوي لممارسة المسؤولية الاجتماعية وخاصة من الشركات السعودية الكبرى على سبيل المثال وليس الحصر برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، "صافولا" ، البنك الأهلي, "رامكو", وبعض الشركات العالمية مثل ، P&G، يونيلفر، ونستله.
.
كما تقوم بعض الشركات السعودية العائلية الكبرى بإنشاء مؤسسة متخصصة كوقف خيري لعائلة معينة أو شخصية محددة مثل مؤسسة الراجحي الخيرية ومؤسسة الشربتلي الخيرية وعدة مؤسسات لبعض الأمراء والأميرات من العائلة المالكة يعود ريعها لدعم الفئات المحتاجة في المجتمع وتنتشر هذه المؤسسات في جميع أنحاء المملكة.
إضافة, بالطبع, إلى الجمعيات الخيرية الأهلية المتنوعة الخدمات التي عددها تقريبا 330 جمعية في جميع أنحاء المملكة.
والمتوقع من الشركات السعودية لممارسة المسؤولية الاجتماعية بفعالية أكبر تبني التالي:
* إقامة منتدى أو مؤتمر سنوي على مستوى المملكة تشترك فيه جميع هذه الجهات لعرض خدماتها وتجاربها وإنشاء شبكة تهدف إلى تبادل المعلومات والخبرات والاستفادة من بعضها البعض لخدمة المجتمع بشكل أفضل.
* الاهتمام بمجالات المسؤولية الاجتماعية الأخرى مثل البيئة والعملاء والعاملون في الشركات, خاصة بعد دخول المملكة منظومة التجارة العالمية وتطبيق مبدأ المسؤولية الاجتماعية وتنوعها للشركات السعودية لا بد أن يتم بأسرع ما يمكن, فالمنافسة ستكون قوية مع الشركات العالمية ذات التاريخ والخبرة في هذا المجال, التي ستدخل السوق السعودية.
* تخصيص جائزة لأفضل أداء وبرامج المسؤولية الاجتماعية المطبقة في المجتمع التي تعتبر حافزا كي تقوم الشركات بتطوير برامجها باستمرار، فعالميا لعام 2005 فازت بجائزةCSR Management Award شركة Intel العالمية للتقنية التي تبنت ونفذت 50 برنامجا للمسؤولية الاجتماعية على مستوى العالم.
* التنوع الجغرافي لتغطية المواقع الأكثر حاجة في المملكة مثل القرى والهجر والأحياء الفقيرة في المدن.
* التنوع في نوعية البرامج المطروحة.
* مشاركة الشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة في برامج المسؤولية الاجتماعية كل حسب إمكانياته.
هذا كان ملخصا عن ورقة عمل قدمتها في ندوة "سبل تطوير دور القطاع الخاص في دعم مشاريع المؤسسات الخيرية" بإشراف المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية الصحية المنزلية فرع المنطقة الغربية وبرعاية برنامج ماستر فودز الاجتماعي.
ولا شك أن تبني وتطبيق مبدأ المسؤولية الاجتماعية يعتبر من أهم عوامل الجذب (السمعة الحسنة) لتحفيز المستهلكين لشراء خدمات ومنتجات الشركات المتبنية القضايا الاقتصادية والاجتماعية لتنمية المجتمع حيث يتم النظر إليها شريكا وصديقا.
**
مستشارة إدارية واقتصادية
[email protected]