خبراء «الإسكوا» يدعون المؤسسات الصغيرة الخليجية للاندماج
أكد بدر الرافع الأمين التنفيذي لـ"إسكوا" أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من نسبة 90 في المائة من مؤسسات الأعمال في المنطقة وتمثل إحدى الدعائم الأساسية في بناء اقتصاد الدول في ضوء ما تحققه من خلق فرص عمل جديدة للشباب وخفض معدلات البطالة وزيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي. وأضاف أنّ "الإسكوا" تعطي أهمية خاصة لتمكين الشباب العربي وإعطائهم الفرص المناسبة للمشاركة الفاعلة في عملية التنمية وتحقيق التكامل الإقليمي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية. فمشكلة البطالة هي من الهموم الأساسية التي تواجه التنمية البشرية المستدامة في المنطقة. وقد جاءت الأزمة المالية في العامين الماضيين لتزيد من حدة هذه المعضلة.
جاء ذلك خلال اجتماع خبراء نظمته لجنة الأمم المتحدة الإقليمية لغرب آسيا "الإسكوا" لبحث موضوع الترويج لمشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تنفيذ مشاريع كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في بيروت.
وتقول المنظمة إن نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بلغت 94 في المائة من حجم القطاع الصناعي في الإمارات، و92 في المائة في كل من قطر وعُمان والبحرين و75 في المائة في السعودية و78 في المائة في الكويت.
وأوضحت أن عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة عالمياً، ومنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، ازداد حتى باتت تشكل ما نسبته 90 في المائة من إجمالي المشروعات الاقتصادية، وتشغل ما نسبته 50 إلى 60 في المائة من حجم القوى العاملة، فضلاً عن أنها تسهم بما لا يقل عن 45 في المائة من الدخل القومي لكثير من الدول.
ولفت خبراء حضروا اجتماع المنظمة إلى أن دول مجلس التعاون أولت أهمية كبيرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 1985 صدرت الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية لدول مجلس التعاون، وقد جاء من ضمن أولوياتها تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تحقق سد حاجة السوق المحلية والتي تهيئ مجتمع دول المجلـس للتحول إلى مجتمـع صناعي فنيا ونفسيا. وتم تشكيل اللجنة الفنية لتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة المنبثقة عن لجنة التعاون الصناعي بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وشهدت دول مجلس التعاون الخليجي منذ ذلك الحين جهودا متواصلة في مجال تنمية دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مثل تحديد النشاطات والمجالات الرئيسية ذات الأولوية في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والكشف عن الفرص الاستثمارية على أساس مشروعات صغيرة ومتوسطة في مجال الصناعات اللاحقة للصناعة الأساسية والصناعات المساندة لها، بما فيها خدمات الصناعة والصناعات الكثيفة المعرفة والخبرة. كما علمت دول المجلس على تشجيع إقامة مؤسسات وشركات استثمارية للإسهام في التوسع في إقامة المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة. كما أوصت السلطات النقدية على توجيه المؤسسات المصرفية (البنوك التجارية) لإعطاء الأهمية اللازمة لتوفير التمويل اللازم لمشروعات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ولا سيما تلك المشروعات ذات التقنية المتطورة أو المستخدمة لأساليب إنتاجية جديدة.
ويقول هؤلاء الخبراء إن جملة التحديات والمعوقات الموضوعية والذاتية التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي، تعتبر إجمالا بمثابة محفزات للاندماج والتكامل فيما بينها في الوقت نفسه. فتلك التحديات والمعوقات ترتبط إجمالا بمحدودية الإمكانات المادية والمالية والبشرية في مقابل بيئة اقتصادية سريعة الانفتاح وشديدة المنافسة.
ويوصي هؤلاء الخبراء بإنشاء جهاز خاص على مستوى كل دولة خليجية لدعم وتنمية الصناعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن بين مهامه العمل على توفير قاعـدة بيانات متخصصة ومتكاملة عن منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، حتى يمكن دراسة أوضاع هذه المنشآت، وتبادل الآراء بشأن مشكلاتها مع الغرف التجاريـة والأجهزة الحكومية المختصة. كذلك تقديم خدمات المشورة والنصح لهذه المنشآت سواء بالنسبة للمنشآت القائمة أو التي يعتزم إنشاؤها، بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المختصة، وذلك بتعريفها بالأهداف التي تتوخاها برامج خطـة التنمية، وبالتشريعات والتعليمات والفرص التجارية والتسويقية المتماشية مع ذلك. وهذه الخدمات الاستشارية مثل خدمات دراسة المشاريع واختيار الفرص التجارية ومعلومات عن الفرص التسويقية ومصادر الحصول على المعدات والتمويل وغيرها. كذلك حصر وتشجيع الاحتياجات التدريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تغطية هذه الاحتياجات عن طريق إعداد برامج دورات تدريبية مفصلة لتغطية هذه الاحتياجات. وفيما يخص مشكلات التمويل، تؤكد نتائج استبيان أعده مجلس الغرف السعودية لاستطلاع مشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية، أن 98 في المائة من المنشآت عينة الدراسة تتعامل مع البنوك التجارية، ولكن بالنظر إلى نوعية هذا التعامل لوحظ أن 89 في المائة من منشآت العينة تتعامل مع البنوك التجارية في شكل حسابات جارية مكشوفة باهظة التكاليف.
واتضح أيضا من نتائج عينة الدراسة أن 72 في المائة من منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة لا تتعامل مع مؤسسات التمويل المتخصصة، بينما هناك 28 في المائة تتعامل مع مؤسسات التمويل المتخصصة. ولوحظ أيضا أن 62 في المائة من مشروعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة تلجأ إلى الشراء الآجل للتغلب على صعوبات التمويل. لذلك يرى هؤلاء الخبراء أنه من الملائم التفكير في إنشاء صندوق متخصص أو هيئة متخصصة أو بنك متخصص تحت أي من المسميات، يتولى مسؤولية تقديم قروض بفوائد مدعمة للصناعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطـة في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، وأيضا يتولى مسؤولية تنفيذ أي برنامج حكومي للإعانات يقترح تقديمه للصناعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ويطرح هؤلاء الخبراء عددا من التوصيات الخاصة بتطوير استراتيجيات وبرامج وعمليات الاندماج والتكامل بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخليجية، ومن بينها تطوير التشريعات الخاصة بالاندماج والتكامل، حيث يقترح إضافة مزيد من المواد التشريعية والتنظيمية إلى قوانين الشركات، بهدف إبراز الاندماج والتكامل كنشاط اقتصادي قائم بذاته يجب أن يحظى برعاية واهتمام وتشجيع، كما تتعامل المواد المضافة مع حالات الإحالة إلى نصوص أخرى كحالة تملك شركة ما كامل رأسمال شركة أخرى وأثره في المركز القانوني للشركة الأخيرة، أيضا الإحالة إلى نظام الاستثمار في الحالة التي يتم فيها الاندماج مع شركات أجنبية. وكذلك إيجاد نصوص واضحة حول حوافز الاندماج، وأيضا النصوص الواضحة التي تحد من الاحتكارات التي قد تنجم عن الاندماج، وكذلك، إنشاء جهاز خاص يتبع الجهاز الحكومي المسؤول عن التنمية والاقتصاد الوطني غرضه تشجيع ورعاية وتنظيم عمليات الاندماج والتكامل.
كما يجب تعزيز الترابط والتشابك بين الصناعات الصغيرة والمتوسطة من جهة وبين المنشآت الكبيرة من جهة أخرى عن طريق توسيع وتطوير التعاقدات الفرعية بينها. ويمكن أيضا دراسة علاقات التشابك الصناعي داخل المناطق الصناعية لاستكشاف الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تصلح لدخول المشروعات الصغيرة والمتوسطة، سواء كانت في مراحل الترابـط الأمامي UP-STREAM، أو في مراحل الترابط الخلفي DOWN-STREAM، أو لتقديم خدمات الإصلاح والصيانة. كما دعت التوصيات إلى مبادرة الغرف التجارية والصناعية الخليجية بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للاندماج بين المشروعات الصغيرة أو المتوسطة، وذلك في فروع النشاط الاقتصادي المختلفة صناعة وتجارة وزراعة وتعدين وخدمات.