لماذا السوق العقارية السعودية «مخترقة»؟

(أعيد هنا نشر مقال نشرته مجلة تجارة الرياض التي تصدر عن الغرفة التجارية في شباط (فبراير) الماضي لأسباب أوضحتها في النهاية)..
تعج السوق العقارية السعودية بالعديد من المنشآت التي تدعي بأنها شركات عقارية وتحمل مسميات ''جذابة'' تحمل صفات نبيلة وكرما لا تعكس واقعها الحقيقي، وكل همها الحصول على عوائد عالية غير مستحقة لعملياتها التجارية على حساب المواطنين والبلد، فدورها يتمثل في توفيق رأسين بـ''الاستغلال'' وليس بالحلال لتحصل على حصتها من هذه الصفقة وتخرج منها بفوائد بعد أن تكون قد ورطت البنك بالعميل والعكس، أو أنها تعيش على ''السعي'' من تنفيذ عمليات البيع.
والغريب أن هذه المنشآت ليس لديها ملاءة مالية تؤهلها للدخول إلى السوق العقارية الذي يحتاج إلى تحالفات ضخمة ومصادر تمويل حاضرة وسيولة متوافرة لتنفيذ المشاريع أو شراء الأراضي والوحدات السكنية، ومع ذلك حققت شهرة في سنوات قليلة تفوق ما حققه العقاريون الحقيقيون والشركات الكبرى لعقود طويلة.
لنتساءل بصراحة.. هل هذه المنشآت هي التي ستحل أزمة المساكن في السعودية.. وهل ''شطارة'' إدارتها تتمثل في إقناع إدارة التسويق والتمويل في البنوك بالموافقة على تمويل العميل..ثم هل هذا الأسلوب التسويقي ينم عن إدراك وفكر إداري واع.. وهل وضع لوحة معدنية على وحدة سكنية أو أرض تحمل اسم وشعار هذه المنشأة وأرقام اتصال مميزة ووضع ترقيم على هذه اللوحة هو غاية القيادات فيها لاقناع الناس بقوتها وانتشارها الجغرافي.. والأهم من ذلك من هم ملاك وقيادات هذه المنشآت؟
أيضا ..لماذا السوق العقارية السعودية مقصد الأفراد والمؤسسات المشبوهة؟ وأين الأسماء التي لمعت ثم اختفت فجأة بأموال وآمال عديد من الناس؟.
الدخلاء على القطاع العقاري اخترقوه عبر ثغرتين.. الأولى تتمثل في المساهمات العقارية الوهمية التي شهدتها السوق وراح ضحيتها ملايين من المساهمين.. أما الثانية فتتمثل بالعروض الإسكانية التي رمت المواطنين في مستنقع من الديون والمساكن المهترئة.
والملاحظ أن هذا الاختراق أصاب الهدف تماما بوصفه يمس حاجة الناس من تنمية المدخرات بعوائد مجزية للثغرة الأولى.. وتحقيق حلم المسكن للثغرة الثانية.. ورغم الفارق الكبير في اتجاهات هاتين الثغرتين .. إلا أنهما التقتا في السوق العقارية.
ولعل نقطة التلاقي في هذه السوق تتمثل في أن من يدير هذه المنشآت أشخاص غير مؤهلين علمياً وإدارياً ويستثنى من ذلك العقاريون الحقيقيون من أصحاب الخبرة والمهنة ومديري الشركات العقارية الموثوق برؤيتهم وعقليتهم الاستثمارية.
لقد ظن هؤلاء أن هذه السوق بالذات لا تتطلب محترفين للدخول إليها وأنها ساحة واسعة للكسب السريع والشهرة، فوقعوا فريسة لتصوراتهم الخاطئة، بينما أصحاب المهنة الحقيقيون مما عرف عنهم نزاهتهم وكلمتهم مازالوا يتاجرون في السوق بوصفهم أبنائه.
مناسبة هذا الموضوع.. أننا مازلنا نشاهد إلى اليوم ما تبقى من الدخلاء يمارسون مهامهم وأهدافهم المرسومة بـ ''تخبط''.. وهذا يعني مزيداً من الأضرار في السوق العقارية المحلية ووقوع ضحايا جدد في الوحدات السكنية والأراضي مثلما حصل في المساهمات العقارية.
السوق العقارية السعودية تحتاج إلى تنظيف من الدخلاء الذين أساؤوا إليها كثيرا، ولعل المعني بهذا الأمر هم العقاريون أنفسهم الذين لابد أن يتصدوا لهؤلاء عبر تجمع يضمهم (غير الهيئة المنتظرة واللجنة الوطنية العقارية) لا ينتمي إليه من هو مشكوك بنزاهته، من بين مهام هذا التجمع الإجابة عن تساؤلات الناس حول أي منشأة عقارية يقصدونها.
(انتهى المقال).
أعدت نشر هذا المقال بعد الجدل الذي حصل في السوق العقارية السعودية حول تقرير نشرته ''الاقتصادية'' عن تراجع الأسعار في الرياض، وبغض النظر عن التراجع أو نسبته، فإن الدخلاء الذين عنيتهم في المقال هم الذين يقومون الآن بتصرفات وأعمال تربك السوق العقارية، وكأنهم سيموتون جوعا إذا انخفضت الأراضي أو غيرها من العقارات، بينما العقاريون الحقيقيون كان لهم رؤيتهم العميقة لما يحصل في السوق فهم المرجع أمام الرأي العام فيما يتعلق باتخاذ قرار الشراء أو البيع، لأنهم أدرى من غيرهم بحساسية القطاع الذين ينتمون إليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي