عندما غير الإنترنت العالم

تعاقبت على البشرية نقاط تحول تاريخي تغيرت فيها نظرات الناس تولدت عنها عادات وأعراف ومفاهيم ونظريات واختراعات، إن ما يعنيني في هذا المقال هو نقط التحول التاريخي في تغير المعرفة لدى البشر.
منذ نشأة الإنسان ظهرت الحاجة إلى ابتكار رموز وأشكال ترمز إلى معان تعارفت عليها الجماعات البشرية ثم تحولت هذه الرموز إلى حروف لتكون اللغات التي تربط الجماعات البشرية، وتعلم الإنسان بعدها الكتابة ليوثّق الأحداث والكلام و المجريات ليدخل مرحلة جديدة. في بداياته كتب الإنسان على الصخور ثم الجلود والأخشاب والبردي إلى أن تم اختراع الورق ليدخل مرحلة مهمة من المعرفة، جميع هذه المراحل أثرت في البشرية في نطاقاتها الجغرافية والتاريخية، ثم اخترعت آلة الطباعة فعملت النقلة التي قفزت بالبشرية جمعاء وشاركت المعرفة بين الشعوب. وباختراع الحاسبات تمكن الإنسان من حفظ و تصنيف وتوثيق وتوحيد أسس المعرفة، ثم ظهرت شبكات الاتصالات لنقل المعرفة ومشاركتها بين المختصين والأجهزة في العالم، ظهر عقب هذه المرحلة البريد الإلكتروني الذي أدخل البشر في مرحلة متقدمة من التواصل فيما بينهم وكان في بداياته يعمل على الشبكات الخاصة وليس للعامة إلى أن ظهرت خدمة الإنترنت العالمية.
خدمة الإنترنت هي المرحلة الحالية ونقطة التحول المركزية التي طغت على كل المراحل السابقة. سمحت الإنترنت بربط كل أجهزة البشر على شبكة رئيسية ليستطيعوا التواصل الآني والآلي فيما بينهم، ليتشاركوا ملفات المعرفة، وليتعاملوا مع النصوص و الصوت والصورة عبر الإنترنت، وليقصروا المسافات والزمن، ليتناقلوا الأحداث بسرعة البرق. لقد غيرت خدمة الإنترنت من طبيعة البشرية ونظرة الناس للمعرفة، غيرت حتى أمزجة البشر، غيرت التواصل الاجتماعي، سهلت خدمة الإنترنت على الباحثين الوصول للمعلومات. إننا نمر حاليا بنقطة تحول (خدمة الإنترنت) التي أعتبر أنها غيرت مجرى التاريخ, فلا يوجد نشاط إنساني لم تمسه خدمة الإنترنت، وسيذكر التاريخ هذه السنين بأنها مرحلة تحول معرفي في تاريخ البشرية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي