«الجزيرة».. أنت وضميرك
بعد صفقة القرن الفضائية بين الجزيرة و (art) ساد الشارع الرياضي صمت وهدوء عجيبان, باستثناء تلك المناوشات بين الهلاليين والاتحاد السعودي ممثلا في لجنة الانضباط تلتها «انبراشة» من طرف ثالث بخصوص قرار إيقاف الروماني ميريل رادوي، ولا شك أن الهدوء الذي صاحب الصفقة يضع أكثر من علامة استفهام حول موقف الاتحاد السعودي منها، فالبعض فسر الموقف بأن الأخير مسيطر على الأمور ويمسك العصا من الوسط، بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك وأكدوا أن الصفقة تمت بموافقته، ولكنه تعمد تجاهل ما يخص الصفقة كي يكون هناك خط رجعة يستطيع من خلاله أن يفض هذا الاتفاق في الوقت الذي يريده بحكم أن العقد مع art.
وعلى الرغم من أن الاتحاد السعودي لم يفكر كثيرا في استشارة الأندية المعنية بعائدات النقل و»جدد» مع art دون مراعاة المشاهد الرياضي الذي يدفع رسوم الاشتراك وتوجه له إعلانات القناة وفوق كل هذا يتقبل «على مضض» إخراج وبرامج دون المستوى، فإذا سلمنا بخسارة الأندية لملايين «الريالات» فليس من الإنصاف أن نخسر متابعة الملايين لدورينا!
ولكن بنظرة من زاوية أخرى لموضوع نقل الجزيرة للدوري والمسابقات السعودية نجد أن سياسة القناة القطرية هي الأنسب لتقليل الاحتقان الذي تضاعف في الأعوام الأخيرة بسبب ما يسمى بـ «الإثارة»، وقبل كل شيء إرضاء المشاهد، فالجزيرة التي دفعت أضعاف ما دفعته سابقتها من أجل النقل الحصري للدوري السعودي في أوقات سابقة جاءتها فرصة على طبق من ذهب كي تثبت أنها صاحبة الريادة في النقل التلفزيوني في الشرق الأوسط.
إن أفضل الطرق لإشهار الدوري السعودي وتسويق لاعبيه للعالم هي «الجزيرة الرياضية»، وذلك بنقله في أرجاء المعمورة، فالإحصاءات في أوروبا أشارت إلى تضاعف عدد مشتركيها في آخر خمسة أعوام بنسبة 300 في المائة «على الرغم من أنها موجهة للشرق الأوسط». فشبكة تلفزيونية رائدة في النقل والإخراج والتعليق والحيادية وفوق كل هذا تحتكر جميع المسابقات في العالم باستثناء الدوري الإنجليزي «مؤقتا» لن يتردد أي محب للرياضة في جعلها جزءا من حياته اليومية عكس سابقتها التي تشاهد فقط في الشرق الأوسط والمغرب العربي بحكم نوعية المسابقات التي كانت تنقلها.
والحقيقة أن ناصر الخليفي مدير القنوات، يمتلك من الفكر الاحترافي في مجاله ما يجعل المشاهد يترقب بتفاؤل لما سيحدث في الأسابيع المقبلة، خصوصا أن المعلقين والأستوديو التحليلي للمباريات لم يرتقيا «حتى اللحظة» إلى طموح مشاهدي الجزيرة من حيث الأسماء مع الاحترام والتقدير للموجودين حاليا! وكذلك استخدام الكاميرات ذات الجودة العالية بالتنسيق مع الناقل الحصري art «حسب الاتحاد السعودي»!.
نتوقع نقلة نوعيه في النقل التلفزيوني لمباريات دوري زين السعودي بعد نهاية كأس الأمم الإفريقية إذا ما أخذنا في الحسبان انشغال القنوات وحاجة القائمين عليها إلى بعض الوقت، فالكرة في ملعب الجزيرة والقائمين عليها لإجبار الجميع على التمسك بهم.
نقطة توقف
يحكى أن نسراً كان يعيش في أحد الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار، وكان عشه يحتوي على بيضة، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض فسقطت البيضة وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج.
ظنت الدجاجات أن عليها أن تحمي وتعتني بالبيضة، وتطوعت دجاجة مسنة للعناية بها إلى أن تفقس, وفي أحد الأيام فقست، وخرج منها نسر صغير جميل، الذي بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة.
وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، فتمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلا له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي، وآلمه اليأس فعاش حياته مثل الدجاج!