«أيسك» تتجه لاستحداث صندوق إسلامي يحمي مستثمري الصكوك من تعثر المصدرين
كشفت لـ «الاقتصادية» مصادر من داخل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية أن الذراع التابعة للبنك وهي المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات (أيسك) تدرس حاليا إيجاد منتج استثماري يحمي حملة الصكوك من الآثار السلبية لتعثر صكوكهم، من خلال إنشاء صندوق ضمان متوافق مع الشريعة لحماية مستثمري الصكوك عند تعثر المصدرين وذلك بعد استكمال جميع جوانب الدراسة.
وينتظر لهذه الخطوة أن تسهم في دعم صناعة الصكوك العالمية، فضلا عن تلبية هذا الصندوق لحاجة المستثمرين للضمان ضد مخاطر التعثر من ناحية ومساعدة المؤسسات على تسويق إصداراتها في الأسواق الأولية وتداولها في الأسواق الثانوية من ناحية أخرى.
تأتي تلك التطورات بعد أن نشرت «الاقتصادية» تقريراً مفصلاً حول آلية إيجاد منتج تأميني إسلامي يقدم الضمان الخاص بحماية حملة الصكوك من التعثر.
وبين التقرير في حينه كيف قامت شركات التأمين الغربية بالتحالف مع البنوك الاستثمارية من أجل إيجاد منتج مالي يدعى» مقايضة العجز عن سداد قروض الائتمان»CDS والذي يساهم في حماية حملة السندات التقليدية (الربوية) من مخاطر التعثر.
وأوضحت «الاقتصادية» في ثنايا التقرير أن شركات التأمين الإسلامي ربما لا تستطيع القيام بهذه المهمة على أكمل وجه، نظرا لأن رأسمالها يعد صغيرا مقارنة بحجم إصدارات بعض الصكوك التي تفوق رأسمال تلك الشركات بأربع مرات على سبيل المثال.
#2#
وقال الدكتور عبد الرحمن الطيب طه مدير عام المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات (أيسك) في تعقيبه على تقرير»الاقتصادية» «المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات «أيسك» هي أول من بادر بالاهتمام باستحداث وابتكار منتج تأميني يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية يوفر الحماية لحملة الصكوك ويدعم صناعة الصكوك بصورة عامة ويساعدها على الانطلاق كأداة تمويل لمشاريع التنمية وتلبي حاجة المصارف للسيطرة على مخاطر السيولة وتنويع المنتجات الإسلامية التي يمكن تداولها في أسواق المال الثانوية بواسطة المدخرين والمستثمرين».
وأضاف طه «شعرت المؤسسة بأهمية لاستحداث منتج لحماية حملة الصكوك خاصة بعد صدور قرار المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في شباط (فبراير) 2007م لتصحيح وتقويم إصدارات الصكوك الإسلامية، والذي قضى أيضا بمنع مدير الصكوك سواء أكان مضاربا أو شريكا أو وكيلا بالاستثمار أن يلتزم بتقديم قرض عند نقص الربح الفعلي عن الربح المتوقع.
علما بأنّه حسب أنظمتها الحالية فإنّ خدمات المؤسسة تقتصر فقط على حماية حملة الصكوك السيادية إذا ما أخلت الدولة المصدرة للصكوك بالتزاماتها التعاقدية».
ولفت مدير عام المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات بأن المؤسسة عرضت مبادرتها الداعمة لصناعة الصكوك في مؤتمر «قمة لندن للصكوك 2008م» الذي عقد في الفترة بين 25 و26 حزيران (يونيو) 2008م في العاصمة البريطانية، وقد عرضت المؤسسة خدماتها على المشاركين في المؤتمر من كبار مصدري الصكوك وبنوك الاستثمار، وقد وجدت المؤسسة تجاوبا كبيرا من المشاركين والمهتمين بصناعة الصكوك.
وكشف الدكتور عبد الرحمن طه أن المؤسسة حالياً بصدد استكمال دراسة لإنشاء صندوق ضمان متوافق مع الشريعة لحماية حملة الصكوك عند تعثر مصدري الصكوك.
وأنها ستعلن عنه وتبدأ تسويقه عند اكتمال الجوانب الفنية و يحصل على موافقة مجلس الإدارة وربما تسعى لتسجيله كشخصية اعتبارية في أحد المراكز المالية في المنطقة.
كما سيساعد الدول الأعضاء والشركات التي يقل تصنيفها عن «درجة الاستثمار» Investment Grade إلى حد كبير في الولوج لأسواق المال والحصول على تمويل لمشاريعها التنموية وذلك بإصدار الصكوك.
وبيّن المدير العام أن الصندوق سيقدم ضماناته لجميع الصكوك المتداولة في الدول الإسلامية الأعضاء.
وتابع «بما أنّ المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات «أيسك» مؤسسة دولية تعمل في جميع الدول الإسلامية الأعضاء فيها، فإنها ستقوم بتوفير خدمات تأمين ضد المخاطر التجارية والسياسية لصادرات الدول الأعضاء والمخاطر السياسية للاستثمارات الأجنبية المتدفقة على هذه الدول».
وفي سؤال يتعلق بإمكانية حصول صكوك القطاع الخاص الإسلامية على الضمان أم أنه سيكون للصكوك السيادية، قال الدكتور عبد الرحمن إن المؤسسة في الوقت الحالي يمكن أن تنظر في طلبات تأمين مخاطر الصكوك الصادرة لتمويل مشاريع الاستثمار الأجنبي المتدفقة على دولها الأعضاء بما فيها الخليجية، وسينظر في صكوك القطاع الخاص حين يكتمل المنتج وتطوير أنظمة المؤسسة، مشيراً إلى أنه لم يتم تحديد رأسمال الصندوق حتى الآن لحين اكتمال المنتج والحصول على موافقة مجلس الإدارة عليه.
وكان مجموعة من المطلعين في صناعة الصيرفة الإسلامية طالب بـ (تحالف) صناعة التكافل الإسلامية مع الصكوك، وذلك بغية مساعدة الأخيرة في تقديم «الوقاية» للمستثمرين من مخاطر خسارة أموالهم التي استثمروها في تلك الأدوات الإسلامية.
وازدادت حدة تلك المطالبات بعد أن سجلت أخيرا شركة أسمنت باكستانية (مابل ليف) نفسها كآخر شركة تتعثر في سنداتها الإسلامية التي تبلغ قيمتها ثمانية مليارات روبية.
واقترح الخبراء خلال حديثهم مع «الاقتصادية» على شركات التكافل إيجاد منتج تأميني جديد على الصكوك، يقدم الحماية لحملة الصكوك من خطر التعثر، وذلك بتقديم تعويض «جزئي» لهم في حالة التعثر.
وترتكز حجة حملة الصكوك على أهمية وجود هذه المنتجات التي تقيهم من خسارة استثماراتهم، بعد انتشار مشتقات مالية معقدة تدعى Credit Default Swaps والتي تسهم في حماية حملة السندات التقليدية من مخاطر التعثر.
وحذر الخبراء أنفسهم من أن التغاضي عن إيجاد منتجات تحوط لمساندة الصكوك، سيسهم في ترك الأمر لقوى السوق، الأمر الذي سيؤدي إلى جعل المستثمرين يفضلون على الأرجح اختيار السندات التقليدية، نظراً لسهولة توفر منتجات التحوط (والمضاربات) لهذه الأدوات الاستثمارية في السوق التقليدية.
إلا أن المراقبين أبدوا تخوفاً من أن هذا المنتج التكافلي لن يكون قادرا على تقديم الضمان «كاملا» لبعض إصدارات الصكوك الضخمة التي يتعدى رأسمالها شركة التكافل نفسها.
يذكر أنه عندما بدأت أزمة ديون دبي تطفو على السطح، ارتفعت على الفور عقود مبادلة المخاطر على السندات التقليدية لدبي، وترك حملة صكوك نخيل من دون أية حماية لاستثماراتهم.
وتسأل حملة الصكوك في وقتها في إذا ما كانت الصناعة قادرة على استنساخ «عقود تأمين على الصكوك ومتسائلين في الوقت نفسه عن سبب عدم قدرة المستثمرين من التحوط ضد مخاطر تعثر الصكوك التي استثمروا فيها، وذلك مقارنة بحملة السندات التقليدية.
وتتلخص طريقة عمل سوق مقايضة العجز عن سداد قروض الائتمان في التالي: يتم شراء وبيع الحماية ضد عجز الشركات عن سداد ديونها - وذلك عبر شراء المستثمر أحد عقود التأمين والذي يتلقى على أثره حماية على السند، في حين أن الجهة التي تبيع التأمين المقابل تضمن الجدارة الائتمانية للمنتَج.