قراءة في ميزانية عُمان لعام 2010

يتوقع أن تسهم الميزانية التوسعية لعُمان للسنة المالية 2010 بمساعدة السلطات في التكيف مع تداعيات الأزمة المالية العالمية. والإشارة هنا إلى تعزيز النفقات العامة بنسبة 12 في المائة مقارنة بالأرقام المقدرة أصلا للسنة المالية 2009. بل من شأن استمرار زيادة نفقات القطاع العامة تهيئة الأرضية لاتخاذ مستثمري القطاع الخاص خطوات مماثلة والذين ما زالوا يتطلعون للحكومة لاتخاذ زمام المبادرة.
ومن المنتظر أن يتم تسجيل نسبة نمو اقتصادي قدرها 6 في المائة بالأسعار الثابتة فضلا عن 18 في المائة بالأسعار الجارية، الأمر الذي يخدم الاقتصاد تطلعات الاقتصاد العماني وعلى الأخص توفير فرص للداخلين الجدد لسوق العمل. حقيقة القول، تتناسب نسبة النمو مع تطورات الأوضاع الاقتصادية في عمان، حيث تم تسجيل نسبة نمو قدرها 44 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في 2008.

تعزيز الإيرادات
وقدرت الحكومة الإيرادات بنحو 16.7 مليار دولار للسنة المالية 2010 ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 14 في المائة عن الرقم المقدرة للسنة المالية 2009. ويعود ارتفاع الدخل المتوقع جزئيا إلى تنامي الإنتاج النفطي من 760 ألفا يوميا في 2008 إلى 810 آلاف يوميا في 2009 ونحو 850 ألف برميل في اليوم في 2010. وتشير التوقعات إلى فرضية تخطي الإنتاج النفطي حاجز 900 ألف برميل في اليوم في 2011 نظرا للجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج.
أما السبب الآخر لزيادة الإيرادات فمرده تبني متوسط سعر للنفط قدره 50 دولارا للبرميل في 2010 مقابل 45 دولارا للبرميل في 2009 و2008. كما هو الحال مع بقية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، يعتمد الاقتصاد العماني بشكل نوعي بل ومبالغ فيه على القطاع النفطي لتمويل الميزانية العامة. وحسب الخطة المعدة، يتوقع أن تشكل مساهمة النفط 63 في المائة والغاز 13 في المائة أي 76 في المائة من مجموع دخل الخزانة العامة. وفي كل الأحوال، تعد هذه الإحصاءات أنباء غير سارة بالضرورة لأنها تعني فيما تعني بقاء الاقتصاد العماني تحت رحمة التطورات في أسواق النفط.
بل ليس من المتوقع حدوث تراجع للأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي فيما يخص دخل الخزانة العامة وذلك على خلفية سياسة تعزيز الإنتاج النفطي. وكان تحالف بقيادة أوكسيدنتال الذي يضم شركاء آخرين بينها مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من عشرة آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا. وقد نجح التحالف حتى وقتنا الحالي في زيادة إنتاج الحقل إلى 60 ألف برميل يوميا.

نمو المصروفات
كما كشفت السلطات عن مصروفات قدرها 18.7 مليار دولار في 2010 مشكلا زيادة قدرها 12 في المائة ما يعني المحافظة على نسبة النمو نفسها التي تم تسجيلها للسنة المالية 2009. تعد النفقات العامة حيوية كونها تشكل نحو 27 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يكشف الأهمية النسبية الكبيرة لمصروفات الدولة في الاقتصاد العماني.
من جهة أخرى، لا يزال العجز المتوقع وقدره 2.1 مليار دولار في حدود السيطرة نظرا لأنه يشكل نحو 13 في المائة من حجم الإيرادات المقدرة فضلا عن 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما ليس من المستبعد عدم حصول عجز فعلي كما هو الحال مع السنة المالية 2009 لأسباب لها علاقة بفرضية ارتفاع الإنتاج النفطي ومتوسط سعر النفط أو الإثنين معا. وكشفت إحصاءات حديثة بأن متوسط سعر النفط العماني بلغ 56 دولار للبرميل في السنة المالية 2009 مقارنة بـ 45 دولارا للبرميل عند إعداد الميزانية العامة. وعلى هذا الأساس، يتوقع أن تعلن الجهات الرسمية عدم حدوث تسجيل عجز فعلي بعد نشر الحسابات الختامية لعام 2009.

مواجهة التحديات

بدورنا نرى صواب توجه السلطات لتعزيز النفقات العامة وخصوصا في فترة التكيف مع الأزمة المالية وما يتطلب من زيادة المصروفات لغرض التكيف مع التحديات المختلفة التي تواجه السلطنة. يتمثل التحدي الرئيس أثناء فترة الميزانية بضمان تسجيل نمو معقول للناتج المحلي الإجمالي وإيجاد فرص عمل للمواطنين، الأمر الذي يتطلب قيام الحكومة بصرف أموال داخل الاقتصاد الوطني.
حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ نسبة البطالة في عمان عن 15 في المائة في أوساط الموطنين المؤهلين للتوظيف غالبيتهم من الإناث. وترتفع هذه النسبة في المناطق البعيدة عن المدن. يعد المجتمع العماني يافعا، حيث يشكل السكان دون سن الخامسة عشرة 40 في المائة من مجموع المواطنين وعليه يتوقع دخول أعداد كبيرة منهم لسوق العمل بحثا عن وظائف تتناسب ورغبتاهم من حيث النوعية والأجر.
في المقابل، يمكن معالجة العجز عن طريق السحب من الاحتياطي العام الذي تعزز في السنوات القليلة الماضية خلال فترة ارتفاع أسعار النفط أو الاستفادة من برنامج ارتفاع الإنتاج النفطي، فضلا عن فرضية حصول نمو فعلي لأسعار النفط في الأسواق العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي