الملك وتأكيد متانة اقتصادنا

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في حديث أجرته معه صحيفة «السياسة» الكويتية، نشر يوم السبت الموافق 26 كانون الأول (ديسمبر) 2009، متانة وصحة الاقتصاد السعودي وأنه بخير رغم تداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية.
من بين أبرز وأهم المعالجات التي اتخذتها الحكومة السعودية للمحافظة على وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، رصدها مبلغ 400 مليار دولار أمريكي للصرف على مشاريع التنمية خلال خمس سنوات، ما أسهم بفاعلية قصوى في توفير السيولة اللازمة لضمان استمرارية الإنفاق على المشاريع، رغم الانخفاض الحاد المتوقع في مستوى الإيرادات العامة الفعلية للدولة في نهاية عام 2009، التي يتوقع لها أن تصل إلى 505 مليارات ريال بانخفاض يقدر عن عام 2008 بمبلغ 595 مليار ريال أو ما تعادل نسبته 54 في المائة، والذي يرجع سببه الأساسي إلى الانخفاض في أسعار النفط والكميات المصدرة.
هذا الانخفاض الحاد المتوقع في الإيرادات العامة للدولة في عام 2009، مقارنة بالعام الذي سبقه، لم يثنى الحكومة السعودية عن الاستمرار في اتباع سياسة إنفاق توسعية، وبالذات فيما يتعلق بالصرف على مشاريع التنمية المختلفة، حيث يتوقع أن تبلغ المصروفات الفعلية للدولة للعام نفسه 550 مليار ريال، بزيادة مقدارها 75 مليارا عما صدرت به الميزانية للعام المالي 1430/1431هـ، وذلك نتيجة لما استجد خلال ذلك العام من الزيادة في الصرف على عدد من المشاريع التنموية، التي بلغ عدد عقودها 2350 عقداً، بقيمة إجمالية بلغت أكثر من 145.400 مليون ريال مقارنة بمبلغ 120 ألف مليون ريال في عام 2008، أو ما يعادل زيادة قدرها 21 في المائة.
هذه المعالجات حظيت باحترام وتقدير وإشادة عدد كبير من المنظمات والمؤسسات الدولية، التي من بينها على سبيل المثال، صندوق النقد الدولي، الذي أوضح في تقريره لعام 2009، أن المملكة واجهت الأزمة المالية العالمية الحالية بأساسيات اقتصادية قوية، عملت على التعزيز من مركزها الاقتصادي الكلي ومن تقوية القطاع المالي، إضافة إلى ذلك قد سهلت من تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية عملت على الدفع بعجلة النمو الاقتصادي قدماً إلى الأمام بقيادة القطاع الخاص، هذا وقد أثنى كذلك في هذا الخصوص، أعضاء مجلس الصندوق على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتعزيز من مستوى السيولة المصرفية وتحقيق الاستقرار في سوق المعاملات بين البنوك.
إن تعامل المملكة الحصيف مع الأزمة المالية العالمية، مكنها كذلك من المحافظة على سلامة البيئة الاستثمارية، وتحقيق المملكة مركزا استثماريا متقدما على مستوى العالم، حيث تضمن تقرير البنك الدولي الأخير الصادر عن مناخ الاستثمار لعام 2010، تصنيف المملكة في المرتبة 13 من بين 183 دولة تم تقييم الأنظمة والقوانين التي تحكم ممارسة الأعمال Doing Business في تلك الدول.
جهود الحكومة السعودية الرامية للارتقاء بأداء الاقتصاد السعودي والنظامين المالي والنقدي، بما في ذلك النظام المصرفي، حققت للمملكة مكانة متقدمة في التصنيف الائتماني رغم الظروف الصعبة، التي تمر بها معظم اقتصادات دول العالم، حيث أبقت «ستاندرد آند بورز» S & P التصنيف الائتماني للمملكة عند مستوى AA-، مما يؤكد متانة الوضع المالي للحكومة بفضل ميزان المدفوعات القوي جداً وقدرة المملكة على مواجهتها للمتطلبات المالية اللازمة للإنفاق على المشاريع، بما في ذلك نجاحها في انتهاجها خططا إصلاحية وإنفاقية عززت من قوة الاقتصاد السعودي، ومن متانة البيئة الاستثمارية، التي أصبحت جاذبة للاستثمارات السعودية والأجنبية على حد سواء.
آخراً وليس أخيراً، ما يؤكد على متانة الاقتصاد السعودي رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، استمرار الحكومة في تعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية في المملكة للعام المالي 2010، بإصدارها ميزانية توسعية، تعد الأضخم تاريخياً على مستوى الإنفاق على مشاريع التنمية المختلفة، وذلك بهدف تعزيز التنمية وزيادة الثقة بالاقتصاد الوطني، حيث حددت النفقات العامة بمبلغ 540 مليار ريال بزيادة قدرها 65 مليارا على تقديرات الإنفاق لعام 2009، أو ما تعادل نسبته نحو 13.7 في المائة، كما تضمنت الميزانية الجديدة للعام نفسه برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع، التي سبق أن تم اعتمادها بتكاليف إجمالية تزيد على مبلغ 260 مليار ريال، مقارنة بتكاليف بلغت 225 مليار ريال بميزانية العام المالي 2009، أي بزيادة تقدر بنسبة 16 في المائة، التي تعد الأعلى تاريخيا.
خلاصة القول، أن تأكيدات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ لصحيفة «السياسة» الكويتية على متانة الاقتصاد السعودي رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، أتت من منطلق المعالجات الحكيمة والسياسيات الرصينة والحصيفة، التي انتهجتها الحكومة السعودية في التقليل بقدر الإمكان من آثار وسلبيات تلك الأزمة على الاقتصاد السعودي وعلى أنظمته المالية والنقدية والمصرفية، بما في ذلك الاستثمارية، التي لعل من بين أبرزها وأهمها تخصيص المملكة مبلغ 400 مليار دولار أمريكي للإنفاق على مشاريع التنمية المختلفة خلال خمس سنوات.
هذه السياسة التوسعية في الإنفاق التي انتهجتها الحكومة السعودية، وبالذات المرتبطة بالصرف على مشاريع التنمية المختلفة، جنبت المملكة واقتصادها أن يكونا عرضة للتأثير المباشر والملموس لتبعات وتداعيات تلك الأزمة، مما مكن الاقتصاد السعودي من الاستمرار في النمو بمعدلات إيجابية، حققت للمواطن الحياة الكريمة ومستوى الرفاه المنشود، كما أن تلك السياسة أكسبت المملكة احترام المؤسسات والمنظمات الدولية، التي أتى في مقدمتها وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، ووكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني، التي أبقت على تصنيف المملكة الائتماني عند مستوى AA-، الذي يعد مرتفعاً للغاية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الاقتصاد العالمي، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي