الأهمية النسبية الدولية لقطاع النفط والغاز الخليجي
يسهم قطاع النفط والغاز في تعزيز المكانة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي على الصعيد العالمي. الجديد في الأمر هو نشر أرقام تتعلق بالقيمة المالية لاحتياطي النفط والغاز لدول مجلس التعاون، حيث تبلغ 18.3 تريليون دولار أو 18 ألف و300 مليار دولار. مصدر هذا الرقم تقرير اقتصادي صادر من سلطة مركز دبي المالي العالمي. وتم الوصول إلى هذا الرقم على فرضية متوسط سعر للنفط قدره 50 دولارا للبرميل فضلا عن تسعة دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز. بيد أنه ترتفع القيمة المالية إلى 37.7 تريليون دولار في حال افتراض متوسط سعر 100 دولار لبرميل النفط و15 دولارا لمليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز.
بالمقارنة، تم تقدير حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنحو 14.2 تريليون دولار عام 2008, الذي يعد الأكبر في العالم على الإطلاق. في المقابل قدرت وحدة المعلومات في مجموعة «الإيكونوميست» البريطانية قيمة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية عام 2008 بنحو 590 مليار دولار بالأسعار الثابتة. بمعنى آخر، تزيد القيمة المالية لنفط وغاز دول مجلس التعاون الست بواقع 31 مرة على حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية في الوقت الحاضر.
إنتاج ومخزون النفط
حسب تقرير حديث لمؤسسة بي بي البريطانية النفطية، بلغ متوسط إنتاج دول مجلس التعاون 18.8 مليون برميل من النفط الخام يوميا في 2008. شكل هذا الرقم نحو 23 في المائة من الإنتاج العالمي من أصل 82 مليون برميل يوميا في العام الماضي. تعد السعودية أكبر منتج للنفط الخام على مستوى العالم, حيث بلغ في المتوسط 10.8 مليون برميل يوميا في 2008. بدورها حلت روسيا في المرتبة الثانية دوليا حيث بلغ متوسط إنتاجها قرابة عشرة ملايين برميل يوميا في السنة نفسها.
إضافة إلى ذلك، استحوذت دول مجلس التعاون على 40 في المائة من الاحتياطي العالمي المكتشف مع نهاية عام 2008. وحدها السعودية تسيطر على 21 في المائة من الاحتياطي المكتشف من النفط الخام أي الأعلى على الصعيد العالمي. وتأتي إيران في المرتبة الثانية دوليا باستحواذها على 11 في المائة من النفط المكتشف.
وما يبعث على الاطمئنان هو توافر احتياطي نفطي ضخم يغطي حاجة الاقتصاد العالمي لعقود طويلة تمتد لأكثر من 200 سنة حسب المستويات الحالية للإنتاج. الحديث حول البديل يتأتى بين الحين والآخر عند حدوث ارتفاع غير عادي لأسعار النفط لكنه غير واقعي لأن المشتقات النفطية مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي.
الغاز الطبيعي
يشكل إنتاج الغاز في دول مجلس التعاون أكثر من 8 في المائة من مجموع الإنتاج العالمي, لكن من المنتظر أن تلعب دول الخليج دورا أكبر في السنوات المقبلة, وذلك على خلفية الاستثمارات في قطاع الغاز, خصوصا في قطر. بل تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد أن نجحت في تخطي إندونيسيا في السنوات القليلة الماضية. يبلغ حجم الإنتاج نحو 38 مليون طن في السنة في الوقت الحاضر موجها للخارج. والأهم من ذلك، تعمل قطر على زيادة إنتاجها إلى 77 مليون طن سنويا مع حلول عام 2012.
من جهة أخرى، تستحوذ دول مجلس التعاون على 23 في المائة من الاحتياطي العالمي. وبشكل أكثر تحديدا، تسيطر قطر على نحو 14 في المائة من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي. في المقابل، تمتلك كل من روسيا وإيران 23 في المائة و16 في المائة من الاحتياطي العالمي للغاز على التوالي. حقيقة القول، تعد الإحصاءات المتعلقة بالنفط والغاز نوعية بكل المقاييس بالنظر إلى بعض الأرقام الأخرى بالنسبة إلى دول مجلس التعاون. يشكل عدد دول مجلس التعاون الخليجي الست أقل من 1 في المائة من عدد سكان العالم. كما تمثل قيمة الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون أقل من 2 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي.
توظيف الفوائض النفطية
يعد القطاع النفطي مسؤولا بشكل رئيس لكثير من الإيجابيات المرتبطة باقتصادات دول مجلس التعاون مثل الاحتياطي المالي ومستويات الدخل للأفراد. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ القيمة المالية للصناديق السيادية لدول المجلس نحو 1500 مليار دولار أو تريليون ونصف تريليون دولار. تبلغ قيمة أصول الصندوق السيادي للإمارات وحدها 875 مليار دولار. يضاف إلى رقم الصناديق السيادية الأصول التابعة للأفراد والمؤسسات. وبخصوص مستويات دخل الأفراد، تحتل قطر المرتبة الثالثة عالميا بعد كل من ليختتشتاتين ولوكسمبورج يبلغ متوسط دخل الفرد في قطر 75 ألف دولار سنويا.
وفي نهاية المطاف، لا بد من انعكاس العوائد النفطية بشكل إيجابي على ترتيب دول مجلس التعاون على مؤشر التنمية البشرية. استنادا إلى تقرير التنمية البشرية لعام 2009, الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد حلت الكويت في المرتبة الأولى خليجيا وعربيا بحلولها في المرتبة 31 دوليا. توفر العوائد النفطية فرصا لتحقيق مستويات متقدمة في مجال التنمية البشرية.