حيل لجأت إليها الشركات خلف الكواليس لمواجهة رسوم ترمب .. فهل تدوم؟

حيل لجأت إليها الشركات خلف الكواليس لمواجهة رسوم ترمب .. فهل تدوم؟

حيل لجأت إليها الشركات خلف الكواليس لمواجهة رسوم ترمب .. فهل تدوم؟

ظل تأثير رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب محدودا نسبيا حتى الآن، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى الحيل التي لجأت إليها الشركات بهدوء خلف الكواليس.

بدأت الشركات باستيراد منتجات من دول ذات تكاليف أقل، وأعادت تصنيف الواردات بحيث تدخل بموجب اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا دون رسوم جمركية. كما خفضت التكاليف لتمتص أعباء الرسوم دون أن تمسّ بالربحية، رغم تأثر بعض الحالات بشكل ملحوظ.

الخلاصة هي أن هوامش ربح الشركات إجمالًا لا تزال عند مستويات مرتفعة، والمستهلكون في منأى إلى حد ما من ارتفاع الأسعار.

لكن إلى متى سيبقى الوضع على حاله؟ هناك إجماع متنامٍ في مكاتب الشركات على أن الرسوم الجمركية أصبحت جزءًا من المشهد، لكن يرى مستشارون أن الشركات ليست مستعدة بعد لإجراء تغييرات كبيرة في سلاسل التوريد أو التعهد باستثمارات للإنتاج داخل الولايات المتحدة حتى تُصبح سياسة التجارة أكثر وضوحًا.

فبادئ ذي بدء، معظم تفاصيل الاتفاقيات التجارية المعلنة لا تزال غير مكتملة، ولا تزال رسوم قطاعات معينة في الانتظار، وقد تفرض رسوم في قطاعات مختلفة.

ومن المتوقع أن تنظر المحكمة العليا في أوائل نوفمبر في استئناف الإدارة على قرار المحاكم الأدنى بأن الرسوم الجمركية غير دستورية.

وعلى الرغم من أن الرسوم كانت موضوعًا متكررًا لعدة أشهر، إلا أن جزءًا كبيرًا منها لم يدخل حيز التنفيذ إلا قريبا، بعد تأجيلات في مواعيد تطبيقها. تُقدّر مؤسسة "باركليز" أن نصف السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة تقريبًا يخضع حاليًا لرسوم جمركية، والإدارة مستمرة في إضافة سلع جديدة إلى القائمة.

تأثرت بعض الشركات الكبرى بالضربة وصرّحت بتأثيراتها، فمثلا توقعت "جنرال موتورز" أن الرسوم ستكلّفها 5 مليارات دولار هذا العام، وقدرت شركة "كاتربيلر" التأثير حتى 1.5 مليار دولار، وحذرت "أبل" من خسارة قدرها 1.1 مليار دولار في الربع الرابع بعد أن تكبدت خسارة 800 مليون دولار في الربع الذي انتهى في يونيو بسبب الرسوم.

لكن الصورة العامة وتحليل بيانات الإيرادات في الربع الثاني يظهران أن أقل من 10% من الشركات الأمريكية تتوقع أن تؤثر الرسوم تأثيرًا ماديًا كبيرًا في أرباحها، فيما قالت نحو 28% منها إن الأثر سيكون سلبيًا إلى حد معتدل، وفقا لإستراتيجيي بنك إتش إس بي سي. وهوامش الربح الصافي، أفضل مؤشّر لمعرفة إن كانت الشركات تستطيع استيعاب التكاليف الجديدة أو تمريرها إلى المستهلكين مع خسارة في حجم المبيعات، عند أعلى مستوياتها منذ أربعة أعوام.

لكن هذا التأثير المحدود يرجع جزئيًا إلى أن القطاعات البارزة في السوق - مثل التكنولوجيا والاتصالات والخدمات المالية – لم تتأثر كثيرا بالرسوم الجمركية، كما قالت نيكول إينوي، رئيسة إستراتيجية الأسهم في إتش إس بي سي للأمريكتين، لمجلة "بارونز".

في المقابل، في القطاعات التي تأثرت بشدة، مثل السلع الاستهلاكية الأساسية، الأمور مختلفة؛ فنحو 80% من مكالمات الأرباح في هذه القطاعات كانت تذكر تأثيرًا سلبيًا بفعل الرسوم، والتأثير بدأ يصل إلى النتائج.

بعض الشركات، مثل "سيجنت" للمجوهرات، قالت إنها تحاول تقليل التأثيرات من خلال التفاوض مع الموردين لإنتاج أكبر قدر ممكن محليًا، واستخدام المخزون الموجود، ونقل بعض خطوط الإنتاج، وإعادة تقييم الأسعار والعروض الترويجية.

تحاول الشركات خفض التكاليف وتجنّب آثار الرسوم الجمركية عبر خطوات سهلة مثل خصم تكاليف الشحن، وتخفيض السعر عبر تعديل تصميم المنتجات وطريقة احتساب حقوق الملكية. تلجأ إلى هذه الأساليب غالبا الشركات المتوسطة التي لا تتمتع بمرونة الشركات الكبرى في التعامل مع الرسوم.

كما يعكف المستشارون القانونيون في التجارة الدولية على اقتراح إعادة تصميم المنتجات أو استبدال مُدخلات الإنتاج، وتحليل قواعد المنشأ التي تحدّد المكونات التي يجب أن تُصنّع في بلد ما لتخضع لمعدل رسوم أقل.

علاوة على ذلك، شكلت بعض الشركات "مراكز قيادة" لتقدير تأثير الرسوم ومتابعة تحركات المنافسين وضبط الأسعار وسلاسل التوريد بسرعة. وبعض هذه المراكز مُزوَّدة بالذكاء الاصطناعي لتتمكّن من محاكاة السيناريوهات والاستجابة بدقة وسرعة.

وبناءً على استطلاعات شركة بوستن الاستشارية للمصنّعين هذا الربيع، فإن أكثر من ثلاثة أرباعهم يُعطون الأولوية لخفض التكاليف على التدابير الأخرى. فمثلا، قالت ميجان فرانك، المديرة المالية لشركة لولوليمون، إن الشركة تُعدّل الأسعار، وتتفاوض مع الموردين، وتسعى إلى خفض التكاليف.

تلجأ الشركات الكبرى إلى إستراتيجيات دبلوماسية لتخفيف الوطأة، بتقديم التزامات باستثمار مليارات الدولارات أو صفقات ضخمة. وتحاول هذه الشركات ترتيب لقاءات مباشرة بين رؤسائها والرئيس ترمب، وهو يختلف عن ولاية ترمب الأولى، التي كانت تعتمد آلية رسمية لتقديم طلبات الإعفاء من الرسوم.

وحتى مع هذه الجهود، أمام الشركات طريق من المعاناة، إذ لا يكفي أن تأخذ الشركات الحلول السهلة فحسب، بل عليها التفكير في استثمارات طويلة الأجل تهدف إلى إعادة تنظيم طرق التجارة العالمية التي هيمنت على مدى العقدين الماضيين.

من جانبها، قالت منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية "إن الأثر الكامل للرسوم، التي تقدر فعليًا بنحو 19.5%، لم يظهر بعد بالكامل. فالولايات المتحدة محمية حتى الآن بسبب المخزون قبل فرض الرسوم، وهوامش الربح المرتفعة".

وتتوقع المنظمة نمو الاقتصاد الأمريكي 1.8% هذا العام، و1.5% في العام المقبل، مقارنة بـ2.8% في 2024.
يراقب المستثمرون أرباح الشركات عن قرب، إذ قد تصل إلى نقطة لا تستطيع عندها التملّص من تأثير الرسوم كما تفعل الآن.

الأكثر قراءة