"الفيدرالي" و"ستاربكس" .. إشارتان تحذيريتان للاقتصاد
"الفيدرالي" و"ستاربكس" .. إشارتان تحذيريتان للاقتصاد
إلى أين يتجه الاقتصاد؟ بصورة عامة، يسير في اتجاهٍ غامض، لكن ثمة مؤشراتٌ مثيرةٌ للاهتمام.
يواجه الاحتياطي الفيدرالي موقفًا صعبًا، واتخاذ أي قرار أصبح أكثر تعقيدا. ويعود سبب خطواته المترددة إلى هدفيه الرئيسين، قد يكونان متعارضين: تحقيق أقصى معدل من التوظيف المستدام واستقرار الأسعار. بعبارةٍ أخرى، على البنك المركزي أن يوجّه السياسة النقدية بطريقة لا يخرج فيها التضخم عن السيطرة، دون أن يتسبب في ارتفاع معدلات البطالة.
أداته الرئيسية هي تحديد سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، وهو تكلفة اقتراض بنك لليلة واحدة من بنك آخر دون ضمانات مسبقة. وتتمثل المقايضة الأكثر شيوعًا في رفع أسعار الفائدة لإبطاء الاقتصاد وكبح التضخم، أو في حال بدت سوق العمل في وضع حرج، خفض أسعار الفائدة لزيادة النشاط الاقتصادي. في أوقاتٍ كهذه، عندما يرتفع التضخم ويتباطأ سوق العمل، يقف الفيدرالي على وتر حساس بين المهمتان المزدوجتان.
قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في خطاب ألقاه في 23 سبتمبر: "انخفض التضخم انخفاضا ملحوظا عن أعلى مستوياته في 2022، لكنه لا يزال أعلى من مستهدفنا طويل الأجل البالغ 2%". كما ارتفع مؤشر إنفاق الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل للتضخم لدى البنك المركزي، إلى 2.7% على أساس سنوي في أغسطس، مقارنةً بـ 2.3% في أغسطس 2024. أما مؤشر الاستهلاك الشخصي الأساسي، الذي يستثني فئات الغذاء والطاقة، فقد بلغ 2.9% على أساس سنوي، وهو يثير القلق.
وأضاف بأول: "أسعار السلع، بعد أن انخفضت العام الماضي، تسهم في ارتفاع التضخم .. وتشير البيانات والاستطلاعات إلى أن هذه الزيادات تظهر في الغالب الرسوم الجمركية المرتفعة وليس ضغوط أسعار أخرى".
بمعنى آخر، سياسات الإدارة بدأت تؤثر في المستهلكين بشكل ملموس في ارتفاع تكاليف المعيشة.
قد يستمر التضخم في الارتفاع. خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر، والذي خفضت خلاله أسعار الفائدة، كان متوسط توقعات التضخم بنهاية هذا العام يراوح بين 2.9% و3%. أما التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي، فبين 3% و3.2%. ليست كارثة، لكنه ليس الاتجاه المنشود.
قد يكون خفض الفائدة يوم 17 سبتمبر ردة فعل على تباطؤ سوق العمل، لكنه في ذات الوقت خطوة محفوفة بالمخاطر لأنها قد تسهم في رفع التضخم، وهناك مؤشرات فعلًا على أن ذلك بدأ يحدث، خاصة بعد أن بدأت آثار الرسوم الجمركية تتغلغل في الاقتصاد الأوسع. وأي تخفيضات إضافية في الفائدة قد تدفع التضخم نحو الأعلى.
قلق في كوب القهوة
"ستاربكس" لا تحتسي كوب لاتيه بهدوء. الشركة قلقة. صحيح أنها لا تزال تحقق أرباحًا، لكنها أقل بكثير من العام الماضي. فقد بلغ ربح السهم الواحد للسنة المنتهية في 29 يونيو 2025 ما يعادل 2.32 دولار، مقارنة بـ 3.32 دولار للسنة المنتهية في 29 سبتمبر 2024.
ارتفعت الإيرادات الكلية قليلًا من 34.3 مليار دولار إلى 36.7 مليار دولار، أي زيادة 1.3%. لكن الربح الإجمالي انخفض بشدة من 9.7 مليار دولار إلى 8.7 مليار دولار. وارتفعت تكلفة السلع بشكل حاد من 26.4 مليار دولار إلى 28 مليار دولار، بزيادة قدرها 6%.
تخطط الشركة للاستغناء عن 900 وظيفة حالية في قطاعات غير التجزئة وإيقاف التوظيف. كما ستقلص "ستاربكس" 1% من متاجرها في أمريكا الشمالية، ليصل عددها الإجمالي إلى نحو 18300 متجر.
رغم ثبات الإيرادات تقريبًا، إلا أن ارتفاع التكاليف 6% في إنتاج القهوة وبيعها يشير إلى أن الرسوم الجمركية بدأت تُلقي بثقلها مع دخول فصل الخريف.