من الجامعة إلى الواقع الصادم .. صانعو القهوة يتفوقون في الرواتب
من الجامعة إلى الواقع الصادم .. صانعو القهوة يتفوقون في الرواتب
بعد أن ألقى خريجو جيل زد قبعات التخرج عاليا احتفالا بإنهاء الدراسة، اصطدموا بواقع قاس في سوق العمل: مهاراتهم لم تعد مواكبة للتطور المتسارع في أدوات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي، ورواتبهم بالكاد تكفي لتغطية تكاليف أساسيات الحياة، علاوة على الترفيه أو الادخار.
لكن الصدمة الكبرى تكمن في أن أصدقاءهم الذين لا يحملون شهادات جامعية ويعملون كعاملي ضيافة أو معدّي قهوة يشهدون زيادات في الأجور تفوق ما يحصل عليه الخريجون في المكاتب الفاخرة.
أظهر تحليل حديث أجرته مؤسسة "بانكريت" أن أجور العاملين في قطاع الضيافة والترفيه ارتفعت بنحو 30% منذ 2021، متجاوزة معدلات التضخم بأكثر من 4%. كما سجل العاملون في قطاع الرعاية الصحية زيادات مشابهة، بلغت نحو 25% خلال السنوات الأربع الماضية.
حسب مجلة فورتشن لم يشهد العاملون في الخدمات المهنية والتجارية، والقطاع المالي، والتعليم، زيادات في الأجور تواكب التضخم. المعلمون، على سبيل المثال، يتقاضون رواتب تقل بنحو 5% عن معدل التضخم، ما يعكس فجوة متنامية بين دخلهم وتكاليف المعيشة.
ورغم ذلك، لا يبدو أن خريجي جيل زد مستعدون لترك مكاتب الشركات ذات التصميم العصري لصالح المقاهي. فالوظائف الإدارية لا تزال توفر دخولا أعلى نسبيا، إذ يبلغ متوسط الأجر في الوظائف التقنية المبتدئة نحو 19.57 دولار في الساعة في الولايات المتحدة، مقابل نحو 16 دولارا في الساعة للعاملين في الضيافة. إلا أن هذه الأفضلية تتآكل مع الوقت.
إلى جانب ذلك، تواجه سوق الوظائف المكتبية ركودا ملحوظا، خاصة في التوظيف الجديد. فقد تباطأت وتيرة التعيينات في الأنشطة المالية والخدمات المهنية، وهو ما يضع خريجي جيل زد أمام تحديات إضافية. في هذا الأسبوع، أعلنت شركة "ميتا" عن وقف التوظيف في قسم الذكاء الاصطناعي لديها، بعد فترة من الإنفاق الضخم على استقطاب خبراء وباحثين برواتب وحوافز وصلت إلى 100 مليون دولار.
أما "أمازون"، فقد صرح مديرها التنفيذي، آندي جاسي، بأن الشركة تتجه لتحقيق "مكاسب في الكفاءة" من خلال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يترجم عمليًا إلى تقليص الوظائف الإدارية.
الأمر لا يقتصر على الوظائف المكتبية؛ فالتعليم يعاني أكبر فجوة في الأجور مقارنة بالتضخم، يليه قطاع البناء. وحتى لو نجح خريجو جيل زد في الحصول على وظائف أحلامهم في شركات التقنية، فإن فرص الترقي لم تعد كما كانت. إذ أظهر استطلاع حديث تراجع معدلات الترقية إلى 10.3% في مايو 2025، مقارنة بذروتها البالغة 14.6% في مايو 2022 خلال فترة "الاستقالة الكبرى".
في النهاية، يجد جيل زد نفسه في معركة مزدوجة: منافسة شرسة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تهدد وظائفهم، وتراجع واضح في مكاسبهم المهنية مقارنة بنظرائهم في وظائف لا تتطلب شهادات جامعية.