كيف تحول إعداد بيتزا في المنزل إلى شركة ناجحة تتوسع؟

كيف تحول إعداد بيتزا في المنزل إلى شركة ناجحة تتوسع؟

كيف تحول إعداد بيتزا في المنزل إلى شركة ناجحة تتوسع؟
دارينا جارلاند وكريستيان تابانيناهو، مؤسسا شركة "أوني"، في حديقة منزلهما الذي يعود للقرن السابع عشر في إدنبرة. "بلومبرغ"

يعتقد كريستيان تابانيناهو الذي أسس شركة أفران البيتزا "أوني" (Ooni) مع زوجته دارينا جارلاند، أن العرسان الجدد يعدّون البيتزا المنزلية أكثر من أي شخص آخر تقريباً لأنهم يدخلون في حالة ترابط غريب.

كان يخرج فطيرة مارغريتا طرية ومحمرة من فرن حرارته 510 درجات مئوية في حديقة منزل عائلته العائد للقرن السابع عشر في إدنبرة، وأضاف مبتسماً "ربما ذلك بسبب بداية مرحلة حميمية في حياتكما، حين ترغبان في البقاء معاً في المنزل ولا تريدان الخروج كثيراً لتناول الطعام". وهذا ما تثبته بيانات شركته وتجربته الشخصية.

عندما تزوج تابانيناهو وغارلاند في 2010، كانا يعدّان كثيراً من البيتزا المنزلية. أو على الأقل حاولا ذلك، لكنهما لم يتمكنا من العثور على فرن منزلي يوفر الحرارة المطلوبة. وكحل لهذه المشكلة، قرر تابانيناهو أن يصنع الفرن بنفسه. رغم أنه لم يكن لديه أي تدريب في التصميم أو الهندسة.

رسم نموذجاً أولياً باستخدام برنامج تصميم ثلاثي الأبعاد، ثم دفع لورشة حدادة محلية 50 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 77 دولاراً في ذلك الوقت) لتصنيعه، وقد أدهشهما أن ذلك نجح، رغم أن أول فطيرة خرجت من الفرن "بدت مثل فاهيتا غاضبة"، كما تتذكر جارلاند.

أصبح ذلك الفرن بعدها النموذج الذي أسس لشركة "أوني"، التي أصبحت مرادفاً لإعداد البيتزا في الحدائق المنزلية خلال جائحة "كوفيد-19".

فرن مناسب لتحضير البيتزا الإيطالية
منذ أن انطلقت الشركة في 2012 برأس مال يقلّ عن 100 ألف دولار جمعه الزوجان بفضل حملة تمويل جماعي عبر "كيكستارتر"، سجلت إيراداتها السنوية قفزة هائلة، متجاوزة 200 مليون دولار في 2023، مقارنة مع 17 مليون دولار فقط قبل أربع سنوات. قالت غارلاند إنه رغم تباطؤ وتيرة النمو قليلاً منذ ذلك الحين، إلا أن هذا التراجع ظلّ طفيفاً.

تتميز أفران الشركة بشكلها المشابه لقوقعة سلحفاة وكونها قابلةٌ للنقل، ويمكن تشغيلها بالغاز أو الخشب أو الكهرباء. (في البداية، صُنّعت الأفران في فنلندا، حيث نشأ تابانيناهو، لكن عملية التصنيع نٌقلت لاحقاً إلى الصين. قبل "أوني"، كان الطهاة الهواة مضطرين لاستخدام أفران المطبخ أو الشوايات في حدائق المنازل، وهي أفران يرى المؤسسان أنها غير مناسبة لتحضير البيتزا على طريقة نابولي، أي عجينة رقيقة وطرية تتحمّر عند خبزها على درجات حرارة عالية.

وهكذا، مع أفرانهما الحائزة على جوائز، أنشأ الزوجان اللذان كانا يديران سابقاً شركة تعليمية عالمية، فئة جديدة من المنتجات.

قال تابانيناهو، فيما راح يضيف الريحان الطازج إلى فطيرته المخبوزة حديثاً: "حتى لو تواضعنا لأبعد الحدود، إلا أن الواقع يقول إن ملايين الأشخاص حول العالم باتوا يصنعون بيتزا أفضل في منازلهم بفضلنا. نحن فخورون بذلك."

قطاع البيتزا ضخم جداً. في عالم معولم، تبلغ قيمة سوق البيتزا حوالي 152 مليار دولار، تقودها بشكل رئيسي البيتزا المعدة في المطاعم، وخدمات التوصيل، والبيتزا المجمدة في السوبرماركت، وفقاً لشركة (Market.us) للأبحاث.

أمّا "أوني" فقد تكون أفضل من يجسّد هذه العولمة، فهي شركة اسكتلندية تحمل اسماً فنلندياً (كان يُكتب في البداية (Uuni)، أي فرن باللغة الفنلندية، وتم تغييره في عام 2018 كي يُفهم بشكل أفضل)، وتبيع منتجات مصنوعة في الصين لتحضير طبق إيطالي تقليدي.

رغم من أن الشركة تأسست على يد اسكتلنديين فخورين، إلا أن "أوني" لا تروج كثيراً لجذورها الاسكتلندية. قال تابانيناهو: "نحن لا نركّز على هذا الأمر كثيراً لأنه قد يشتت الناس. أعتقد أن هناك نوعاً من الوصمة. قد يتساءل البعض: هؤلاء ليسوا إيطاليين، فماذا يعرفون عن البيتزا؟ لكن في الواقع، نحن نعرف الكثير عنها".

طفرة مبيعات خلال الجائحة
تُعدّ الولايات المتحدة اليوم السوق الأكبر لشركة "أوني"، وتستحوذ على نصف مبيعاتها بفضل الطلب الهائل على البيتزا والإقبال على الشواء في الفناء الخلفي. تشمل الأسواق الرئيسية الأخرى أستراليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. حتى الإيطاليين بدؤوا يقبلون على أفران الشركة غير التقليدية. أما في اليابان، التي تشهد زيادة في الطلب على البيتزا، فقد واجهت الشركة صعوبة أكبر في اختراق السوق، كما تقول جارلاند، نظراً إلى القوانين الصارمة بشأن السلامة من الحرائق وندرة الإقبال على الشواء في الهواء الطلق هناك.

تبيع "أوني" منتجاتها مباشرة للمستهلكين عبر الإنترنت كما تقيم شراكات تجارية مع متاجر مثل "إيس هاردوير" (Ace Hardware) و"لوز" (Lowe’s) و"ويليامز سونوما" (Williams Sonoma) ومتاجر أخرى؛ حيث تنقسم المبيعات بالتساوي بين البيع المباشر والجملة.

رغم أن شركة "أوني" أُنشئت قبل سنوات، إلا أن معظم العملاء تعرفوا عليها خلال جائحة كوفيد-19، عندما أصبح الطهي في المنزل هوساً عالمياً. وللحفاظ على ميزتها كأولى الشركات التي دخلت السوق، وسّعت خط إنتاجها ليشمل أدوات متعلقة بالبيتزا، مثل الملاقط وآلات التقطيع والعجائن الجاهزة، وحتى كتاب للأطفال يحتفي بـ "سحر البيتزا" وقد ألفته غارلاند التي قالت: "نحن الآن في مرحلة النمو مجدداً. تركيزنا الحالي على سؤال: 'لماذا أوني؟' لأن هناك شركات كثيرة تقلدها".

في سبتمبر، عينت "أوني" رئيساً سابقاً لشركة "بريفيل جروب" (Breville Group)، عملاق آلات الإسبرسو، لقيادة عملياتها في أميركا الشمالية. (الذواقة الذين يدفعون 600 دولار لشراء آلة قهوة للمطبخ هم بالضبط العملاء الذين تستهدفهم "أوني"). في عام 2023، أضافت الشركة فرناً يستخدم داخل المسكن إلى مجموعتها لتلبية احتياجات من يرغبون في صنع البيتزا ولكن ليس لديهم حدائق في منازلهم.

منتجات جديدة
أطلقت الشركة أيضاً في وقت سابق من هذا العام خط منتجات جديد كلياً، هو "هالو برو" (Halo Pro)، وهو مضرب عجن حلزوني بسعر 799 دولاراً، يهدف لمنافسة منتجات شركة "كيتشن إيد" (KitchenAid)، العلامة التجارية الأمريكية للخلاطات التي تملكها شركة "ويرلبول" (Whirlpool).

جارلاند وتابانيناهو، اللذان أصبحا الآن في الرابعة والأربعين من عمرهما، قضيا خمس سنوات في تعديل وتصميم المنتج، مستهدفين هواة الخبز في المنازل الذين يصنعون عجائنهم بأنفسهم.

قالت جارلاند: "ما فعلناه هو تحويل تقنيات الخبازين المحترفين إلى منتج بحجم استهلاكي"، تماماً كما فعلنا مع أفران البيتزا.

بينما كان تابانيناهو يعدّ الطاولة في الحديقة لزوجته وولديهما، كانت جارلاند، وهي نباتية، تحضّر فطيرة بيتزا خالية من الجبن باستخدام البطاطس وإكليل الجبل.

تحتاج البيتزا إلى 60 ثانية فقط من الخبز في فرن "كودا 2 برو ماكس" الذي يستخدمه الزوجان، وهو يباع بسعر حوالي 1300 دولار. في هذه الأثناء، انتظر كلبهما الصغير من نوع جولدن دودل، يدعى مارتي ماكبرايد، بصبر على العشب لالتقاط الفتات. قال تابانيناهو، وهو يتناول قضمة من شريحة بيتزا: "دخلنا التاريخ بفضل ابتكار فئة أفران البيتزا. والآن، نريد أن نرى إلى أي مدى يمكننا الدفع بحدود فئة الخلاطات".

تأثير الرسوم الجمركية
بعد الغداء، انطلقنا في رحلة لنهضم الطعام. صعدنا منحدراً حاداً نحو تلال هوليرود الخضراء في إدنبرة، ومعنا الكلب "مارتي ماكبرايد"، لتتكشف أمامنا مدينة تشبه هوغوورتس، ببرجها القوطي وأبراجها المهيبة. هنا، طرحت بلومبرغ بزينس ويك موضوع الرسوم الجمركية، الكابوس الجديد الذي جميع الشركات المصنعة في الخارج.

في مايو، أعلنت "أوني" عن رفع أسعارها في الولايات المتحدة بسبب تأثير الرسوم "الكبير" على تكاليف الإنتاج.

قالت جارلاند "لحسن الحظ، نحن شركة عالمية بحق، لذا لا نعتمد فقط على السوق الأمريكية." لكن بالطبع، إذا حدث الركود كما يتوقع بعض الاقتصاديين البارزين، سيكون صعباً تصور أن المستهلكين سينفقون 600 دولار وأكثر على أفران البيتزا. فحتى مؤسسي "أوني" المتمسكين بها، لا يستخدمون فرنهم إلا مرةً في الأسبوع.

لكن في تلال إدنبرة الشاهقة في هذا اليوم الصيفي المشمس، وتحت سماء صافية تطل على بحر الشمال المتلألئ، لا يهتم المرء بالسلبيات. قالت جارلاند: "نكرر دائماً أن هذه مجرد البداية، ونحن نشعر كذلك حقاً".

الأكثر قراءة