جيل جديد من النساء يتفوّق في الاستثمار ويغيّر قواعد اللعبة المالية

جيل جديد من النساء يتفوّق في الاستثمار ويغيّر قواعد اللعبة المالية
من المتوقع أن تضاعف النساء حجم الثروة التي يملكنها لتصل إلى 40% من إجمالي الأصول الأمريكية. "شترستوك"

الرجال يستثمرون، والنساء يدرن ميزانية الأسرة: لسنوات، حدّت هذه الأدوار الراسخة من استقلالية عديد من النساء المالية وقدرتهنّ على التحكم في مسارات حياتهن. لكن هذا الوضع يتغير بسرعة، إذ تتولى أجيال شابة من النساء زمام استثماراتهن، ويربطنها بأهداف طويلة الأجل، بل وتجاوزن أداء الرجال في الأسواق المالية في كثير من الأحيان.

تقول ديبورا مونتابرتو من مورجان ستانلي، المصنفة الأولى بين المستشارات الماليّات بحسب مجلة "بارونز" لهذا العام: "أعتقد تماما أن ما يمكن تسميته بالديمقراطية أو الحياد الجندري في الاستثمار يحدث الآن، لا سيما بين أبناء الجيل الجديد".

البيانات تدعم هذا الرأي؛ إذ تظهر أن عدد النساء الشابات، وعلى رأسهن جيل زد، اللاتي يستثمرن في سوق الأسهم أكثر من أي وقت مضى. كما أنهن يقدمن على اتخاذ مخاطر محسوبة بشكل صحي ضمن محافظهن الاستثمارية، ويحققن نتائج جيدة. ويرى المستشارون الماليون أن هذا التحول هو جزء من شعور أوسع بالتمكين، حيث تتبنى النساء التخطيط المالي لتمويل أهداف حياتية مهمة، ويستخدمن الاستثمارات كأداة لتحقيق هذه الأهداف.

تقول مارلا بيتي، من "إم إيه آي كابيتال مانجمنت" والمرتبة 92 بين أفضل المستشارات الماليات في مجلة بارون: "أعتقد أن النساء أصبحن أكثر انخراطا واطلاعا ومبادرة في شؤونهن المالية".

هذا الانخراط المتزايد للنساء يأتي في وقت تتحكم فيه المرأة بحصة متنامية من ثروة البلاد، سواء من خلال الميراث أو من خلال الكسب الذاتي. وتشير شركة "ماكينزي" إلى أنه بحلول 2030، من المتوقع أن تضاعف النساء حجم الثروة التي يملكنها لتصل إلى نحو 40% من إجمالي الأصول الأمريكية.

يُعزى جزء كبير من ذلك إلى ما يعرف بـ"التحول الكبير في الثروة"، حيث من المتوقع أن يورث جيل طفرة المواليد تريليونات الدولارات لأبنائهم. لكن النساء يحققن أيضا ثرواتهن الخاصة، بصفتهن مديرات تنفيذيات أو صاحبات أعمال، كما توضح ديبي يورغنسن من "ميريل لينش"، المصنفة رقم 28 هذا العام في قائمة أفضل المستشارات الماليّات. ترى يورغنسن أن هذا النجاح المهني يعزز الثقة في اتخاذ مزيد من المخاطر الاستثمارية.

تقول يورغنسن: "المرأة، سواء كانت رائدة أعمال، أو مستثمرة مبكرة في شركات قبل طرحها بالأسواق أو محترفة، تميل إلى أن تكون أكثر ميلا للمخاطرة وأكثر ارتياحا للأسواق المالية. قد تكون النساء اللواتي ورثن ثروة أكثر ميلا للحفاظ على محافظهن الاستثمارية وحمايتها، لذا قد يكنّ أكثر تحفظا".

وفي ظل إدراك مديري الاستثمارات لاتجاهات توزيع الثروة، بدأت شركاتهم تركز جهود التوعية والتثقيف المالي على النساء بشكل خاص.

تشير البيانات إلى أن النساء، بشكل عام، يحققن أداء أفضل قليلا من الرجال في مجال الاستثمار. فقد أجرت "ويلز فارجو" دراسة امتدت لستة أعوام قارنت فيها نتائج الاستثمار بين الجنسين، وتبيّن أن حسابات النساء تفوقت على حسابات الرجال سواء من حيث العائد المطلق أو العائد المعدل بحسب المخاطر، وهو مقياس يُظهر حجم المخاطرة التي تم اتخاذها لتحقيق عائد معين. وأشادت ويلز بنهج النساء المنضبط، وصبرهن، وانفتاحهن على طلب المشورة الاستثمارية.

ليس من قبيل الصدفة أن عدد المستشارات الماليات بدأ بالارتفاع، وإن كان بوتيرة بطيئة. فالنساء يشكلن اليوم أقل من ربع الحاصلين على شهادة "المخطط المالي المعتمد".

لكن هل تفضّل النساء التعامل مع مستشارات من نفس الجنس؟ تشير البيانات إلى أن الإجابة ليست واضحة تماما. فقد أظهرت دراسة أجرتها "فيديليتي" أن نحو ربع النساء فقط يفضلن التعامل مع مستشارة مالية والحديث مع نساء أخريات في مواضيع الاستثمار. من جهة أخرى، يؤكد المستشارون أن ما تبحث عنه النساء في المستشار المالي لا يتعلق بجنسه بقدر ما يتعلق بجودة العلاقة المهني.

وتضيف آلي فلين فيليبس من شركة "أوبرماير ويلث بارتنرز"، والمصنفة رقم 79 ضمن قائمة بارونز، أن هناك استثناء ملحوظا إذ غالبا ما تُحب رائدات الأعمال العمل مع مستشارات، لأنهن يتشاركن تجربة بناء الأعمال كنساء.

الأكثر قراءة