«تاسي» يشارك النفط في الاتجاه ويختلف عنه في المقدار

تواجه أسعار النفط كثيرا من الضغوطات، بدءا من ضعف الطلب والنمو العالمي خاصة من الصين، يلي ذلك حرب الرسوم التجارية التي تهدد الاقتصاد العالمي وحركة التجارة العالمية معاً، كما أن قرار "أوبك+" بزيادة الإنتاج في يوليو بنحو 411 ألف برميل يوميا، يمثل ضغطا من خلال زيادة المعروض، رغم أن "أوبك" تعهدت بمتابعة وضع السوق مستقبلا، واتخاذ أي إجراءات من شأنها المحافظة على استقراره.

فقد تراجعت أسعار النفط بشكل عام منذ بداية العام الجاري، حيث انخفض نفط برنت بنسبة تجاوزت 29%، وذلك خلال مدة لم تتجاوز 3 أشهر فقط، فقد سجل قمة خلال منتصف شهر يناير الماضي عند 82.5 دولار، وقاعا هابطا بداية أبريل عند 58.37 دولار للبرميل، وحاليا يتداول خام برنت أعلى من 65 دولارا للبرميل مرتفعا من القاع الذي سجله بأكثر من 12%، ويقف عند مستويات مقاومة، حيث تمثل منطقة 66 متوسط 50 يوما، وهي مستويات مقاومة قوية، ولا يزال برنت من الناحية الفنية في موجة هابطة، ويحتاج للتحرر منها اختراق مستوى 70 دولارا، والإغلاق أعلى منه لمدة يومين، أو تجاوزه بكميات تداول عالية، حيث يعد هذا المستوى هو الأكثر قوة وشراسة.

أيضا لو نظرنا للرسم البياني لخام برنت نجد أن الحركة السعرية تحقق قمما وقيعانا هابطة، وهذه أبرز سمات المسار أو الاتجاه الهابط، لذلك طالما ظل برنت يتداول أقل من مستوى 70 دولارا، فمن الطبيعي أن يشهد بعضا من الارتدادات ليكوّن قمما هابطة، وبعد ذلك يكسر قيعان تلك القمم، بل ليس بمستغرب حتى لو تخلى مستقبلا عن منطقة 58 كقاع.

وتزامنا مع انخفاض أسعار النفط لأكثر من 29%، فقد تراجعت السوق السعودية منذ يناير الماضي بنحو 15%، ما يمثل نصف النسبة التي تراجع بها خام برنت، فقد تشاركت السوق مع النفط في الاتجاه واختلفت معه في مقدار الانخفاض، وهذا يُبرز أن رغم استمرار العلاقة التاريخية بينهما فإن التفاوت أصبح شاسعا، حيث خفضت السعودية اعتمادها على النفط بنحو النصف.

حاليا يتداول المؤشر العام للسوق السعودية أقل من مستويات 11 ألف نقطة، مقتربا من قاعه الذي سجله قبل شهرين عند 10650 نقطة، التي تم تسجيلها مطلع شهر أبريل الماضي، وهي مناطق تمثل دعما من الناحية الفنية، الذي قد يصحبه ارتداد لمستويات 11200-11300 نقطة، لكن الحديث عن الارتداد هنا لا يختلف عن حديثنا عن النفط بداية المقال، فلا تزال السوق تحقق قمما وقيعانا هابطة، وتعد مناطق الدعم بمنزلة مناطق ارتدادية حتى يتم اختراق المسار الهابط للسوق التي تمثلها حاليا منطقة 11300 وهي منطقة متغيرة.

وبشكل عام تمر الأسواق بمرحلة تذبذب تميل للسلبية وهذا أمر طبيعي حتى الآن، بسبب حالة عدم اليقين التي يمر بها العالم اقتصاديا، من حرب تجارية وضعف نمو وتراجع الطلب، فضلا عن الأوضاع الجيوسياسية، كالحرب الروسية الأوكرانية التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم، لذلك تعد مثل هذه الفترات مناسبة لبناء مراكز على المدى الطويل، خاصة في القطاعات الأقل تأثراً بالأزمات والدورات الاقتصادية، كما أن دراسة السوق بشكل عام والشركات بشكل خاص يمثل أهمية قصوى لدى كبار المستثمرين في مثل هذا التوقيت، مع الاستعداد لأي أحداث طارئة من خلال وجود سيولة كافية، تحسبا لأي تطورات من قرارات وأحداث قد تؤثر سلبا -لا سمح الله- في الأسواق أو تعمق من حالة عدم اليقين تجاهها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي