أسواق النفط بين المعنويات والأساسيات

تراجعت أسعار النفط الأسبوع الماضي بصورة لافتة، أثارت معها الشكوك حول صلابة وقوة الطلب العالمي لهذا العام وللعام المقبل لتكسر معها حاجز الـ80 دولارا لخام برنت والـ75 دولارا لخام غرب تكساس، هذه الشكوك صاحبها كثير من التساؤلات فيما إذا كان قرار أوبك+ بعودة التخفيضات الطوعية التي التزمت بها 8 دول بتخفيض بلغ 2.2 مليون برميل يوميا وإعادتها إلى الأسواق في الربع الرابع من هذا العام تم التسعير في الأسواق قبل وصول البراميل إليها، رغم أن القرار أشار بوضوح إلى أن هذه البراميل ستعود تدريجيا وبصورة مقننة بحيث لا تشكل صدمة للأسواق، ولا تحدث زيادة كبيرة ومفاجئة في المعروض النفطي في الأسواق العالمية.

ورغم أن البيانات الصادرة عن كل من منظمة أوبك ومجموعة أوبك+ ووكالة الطاقة الدولية أشارت إلى توقعات في الزيادة على حجم الطلب العالمي لهذا العام وللعام المقبل -وإن اختلفت الأرقام وتباينت النسب بصورة لافتة بينهما- بيد أن كلا التقريرين أكدا على الزيادة في الطلب، مع ذلك فإن الأسواق ما زالت تحت سيطرة المعنويات من حدوث تقهقر في الطلب مدفوعا بعدم رؤية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يخفف حربه الشرسة على التضخم وتخفيف نسبة الفائدة.

ويؤكد التقرير الأخير الذي صدر عن بيانات الوظائف في الولايات المتحدة الذي حمل معه أرقاما معاكسة للتوقعات بشأن نمو الوظائف حيث أبدت الأرقام نموا في الوظائف بمعدل 272 ألف وظيفة مقابل توقعات كانت عند 170 ألفا، وقادت إلى صعود في قوة الدولار أضافت بدورها ضغطا على أسعار النفط المنخفضة أصلا نتيجة مخاوف زيادة المعروض والشكوك في صلابة الطلب.

قوة الدولار مثلت رياحا معاكسة لحركة الأسعار إلى الأعلى، وهي التي دائما ما تفعل، فهي تمثل معاملا عكسيا لقوة الطلب على النفط نظير الارتفاع في قيمة الدولار الذي تسعر فيه الأسواق العالمية نفطها.

إدارة بايدن قررت بعد تردد طويل زيادة مخزوناتها الإستراتيجية من النفط، التي سحبت منه 180 مليون برميل في 2022 وحددت سقفا لسعر الشراء عند مستوى 79 دولارا للبرميل حتى يتسنى لها ملء المخزونات التي أفرغتها، مثل هذا القرار الذي أعلنته بشراء 6 ملايين برميل من النفط في الربع الرابع من هذا العام من المفترض أن يوازن الأسواق حيث يفوق القادم من إعادة تخفيضات الدول الثمانية.

قد لا نرى تأثير مثل هذا القرار التي اتخذته الإدارة الأمريكية إلا في نهاية الربع الثالث، الذي سيشهد مواسم: الرحلات، السفر، والقيادة الطويلة في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن زيادة الطلب مع تسعير الأسواق لشراء الـ6 ملايين برميل تؤديان دورا مزدوجا يفترض أن يرفع أسعار النفط.

ومع كل المؤثرات التي تحدثها التقارير الصادرة عن حجم المخزونات الأمريكية وحجم الطلب العالمي المتوقع وقوة الدولار وعملية الشراء التي أقرتها الإدارة الأمريكية والتكهنات بمستويات الخفض في أسعار الفائدة، وهي الأساسيات التي من المفترض أن تبني عليها الأسواق اتجاه الأسعار، إلا أن المعنويات تطغى الآن على كل الأساسيات وتتخطاها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي