نظام «ساهر» .. هل سيوقف نزيف الشوارع في السعودية؟

استبشر المواطنون والمقيمون خيراً بتطبيق نظام ''ساهر'' المروري، الذي يعد من بين أحدث الأنظمة المرورية على مستوى العالم في ضبط وإدارة حركة المرور آلياً وإلكترونياً، من خلال استخدام النظام تقنية شبكة الكاميرات الرقمية المتصلة بإدارات المرور وبمركز المعلومات لدى وزارة الداخلية.
من بين أبرز أهداف نظام ''ساهر'' تحسين مستوى السلامة المرورية، والرفع من كفاءة شبكة الطرق في جميع مدن المملكة ومحافظاتها، من خلال توظيف أحدث التقنيات المتقدمة فيما يعرف بمجال النقل الذكي، والعمل على إيجاد بيئة مرورية آمنة تعمل على تنفيذ أنظمة المرور بدقة واستمرارية.
يتميز نظام ''ساهر'' بقدرته الفائقة على المراقبة الآنية للحركة المرورية، وسرعة معالجة الحالات المرورية، ما سيضاعف من كفاءة إدارة المرور والدوريات المروية في إدارة حركة المرور وفي الرصد الحي للحالات والحوادث المرورية، بما في ذلك القدرة على الضبط الآلي للمخالفات. يعول القائمون على إدارة نظام ''ساهر'' الجديد على أن يقضي تطبيقه على نزيف الدماء، الذي تشهده الطرق والشوارع في السعودية بشكل يومي وعلى مدار العام نتيجة للحوادث المرورية، الأمر الذي تؤكده الإحصائيات الرسمية، التي تفيد بوقوع 18 حالة وفاة يومية، وحدوث حالة وفاة كل ساعة ونصف تقريباً، وحدوث إصابة وإعاقة كل ربع ساعة.
هذه الإحصائيات المخيفة والمرعبة هي نتاج تهور عدد كبير من سائقي المركبات في المملكة وعدم التزامهم ومخالفتهم أساسيات ومبادئ الأنظمة والقوانين المرورية لدى قيادتهم مركباتهم، حيث ترصد أجهزة وإدارات المرور المختلفة على مستوى المملكة في كل عام نحو تسعة ملايين مخالفة مرورية، نتج عنها خلال العام الماضي فقط حدوث نحو 485931 حادثا مروريا، تسبب في وفاة نحو 6485 شخصا من الجنسين، أو ما يعادل 13 حالة وفاة لكل ألف حادث.
دون أدنى شك نظام ''ساهر'' الخاص بإدارة وضبط حركة المرور آلياً يتوقع له أن يسهم بشكل كبير في الحد من تجاوز قائدي المركبات إشارات المرور، وكذلك في عدم تجاوزهم السرعة القانونية في الطرقات وفي الشوارع، الأمر الذي سيسهم بشكل كبير في التخفيف من حدة وضراوة الحوادث المرورية في السعودية، ولا سيما أن قطع أو تجاوز إشارة المرور الحمراء في السعودية، والسرعة الزائدة يعدان عاملين أساسيين في حدوث الحوادث المرورية، لكونهما مسؤولين مجتمعين عن أكثر من 59 في المائة من عدد الحوادث المرورية التي تحدث في المملكة. إن نجاح نظام ''ساهر'' وتحقيقه أهدافه المنشودة منه يتطلب تضافر جهود الجميع، بمعنى آخر أدق وأوضح أن نظام ''ساهر'' لن يستطيع أن يعمل بمفرده، وكما يقولون (اليد الواحدة لا تصفق)، في ظل غياب وعي أفراد المجتمع وإدراكهم خطورة الحوادث المرورية، وما تتسبب فيه من حدوث كوارث بشرية وخسائر مادية كبيرة، إذ تشير إحصائية رسمية حديثة إلى أن حوادث المرور تكلف المملكة سنوياً نحو 13 مليار ريال، هذا إضافة إلى الخسارة البشرية الكبيرة، وبالذات أعداد كبيرة من الشباب والشابات في سن العمل والإنتاجية.الكاتب الزميل عبد الوهاب بن عبد الله الخميس، في مقال نشر له في ''الاقتصادية'' في العدد 5809، بعنوان '' إنفلونزا الخنازير .. وإنفلونزا حوادث السيارات''، أكد أن التحكم في أسباب حوادث السيارات في المملكة يتطلب إقرار إجراءات تشريعية وإجراءات توعوية، مستشهداً في ذلك بأن عدم وجود تركيز يوازي الحدث في الحد من بيع إطارات السيارات المقلدة وغير المطابقة للمواصفات وعدم الاهتمام بإصدار تشريعات تمنع السيارات القديمة من القيادة، وعدم وجود عقوبة مشددة على أصحاب المركبات عديمة أو منخفضة الإضاءة، يسهم بشكل كبير في حدوث الحوادث المروية. وإن كنت أختلف بعض الشيء مع مطالبة الزميل الكاتب المذكور بسن واستحداث مزيد من القوانين والإجراءات للقضاء على حوادث المرور، لكون مشكلة تزايد حوادث المرور في المملكة لا تكمن في ضعف التشريعات أو عدم وجود القوانين والأنظمة، بل هي نتيجة لعدم التزام قائدي المركبات بتطبيق القوانين، بما في ذلك التهاون في تطبيق العقوبات في حق المخالفين، الأمر الذي يؤكده أن تجاوز أو قطع إشارة المرور الحمراء أصبح في بلادنا اليوم وبالتحديد في شوارعنا وطرقاتنا أمرا مألوفا وعاديا جداً، حيث نشاهده على مدار اليوم والساعة بشكل متكرر، بما في ذلك تجاوز السرعة القانونية، هذا إضافة إلى المخالفات المرورية الأخرى، كالتجاوزات الخاطئة لاتجاهات مسارات الطرقات، وخلاف ذلك.
إن نجاح نظام ''ساهر'' يتطلب التأكيد على أهمية وضرورة نضج وعي قائد المركبة في المقام الأول، إضافة إلى سلامة المركبة من الناحية الفنية والتشغيلية، إلى جانب سلامة الطريق، حيث إن هذه العوامل مجتمعة هي الأساسيات التي تشكل سلامة البيئة المرورية والتحسين من مستوى الأداء، كما أن عدم التهاون في تطبيق العقوبات على المخالفين سيسهم إلى حد كبير في التقليل من الحوادث المرورية، إضافة إلى القضاء على التعليمات والتوجيهات المرورية الخاطئة، التي توجهها النساء لقائدي المركبات، حيث أثبتت إحدى الدراسات أنهن تسببن في نصف مليون حادث مروري داخل المملكة رغم عدم قيادتهن السيارات. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي