الصين .. الطموح العسكري في مرمى النمو الاقتصادي

الصين .. الطموح العسكري في مرمى النمو الاقتصادي
أرقام الاقتصاد ونسب النمو تبقى العائق الأكبر أمام الصين لتحقيق ما سطرته من أهداف. "شينخوا"
أعلنت الصين في أعقاب افتتاح الدورة الثانية للمجلس الوطني 14 لنواب الشعب، مطلع الشهر الجاري، عن زيادة في ميزانية الدفاع الصينية بنسبة 7.2 % عن العام الماضي، ما يعادل بالأرقام 1.67 تريليون يوان، أي نحو 232 مليار دولار، مسجلة بذلك ثاني أعلى ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة ذات ميزانية دفاع بقيمة 886 مليار دولار، بزيادة قدرها نحو 3 % عن العام السابق. زيادة اعتبرها رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، صعبة للغاية، لأنها تتزامن مع مواجهة الاقتصاد الصيني رياحا معاكسة شديدة، فهدف النمو العام المتوقع لعام 2024 يبقى عند حدود 5 %، على غرار هدف العام الماضي، وهذا أدنى رقم تعلنه بكين منذ عقود من الزمن. لكنها دليل قاطع على التزام الحكومة بتنفيذ أفكار الزعيم شي جين بينج بشأن تعزيز الجيش وفق المبادئ التوجيهية للاستراتيجية العسكرية للعصر الجديد، حيث حدد ثلاثة أهداف في ثلاثة أعوام، 2027 (مئوية التأسيس) و2035 (تحديث عسكري) و2049 (جيش بطراز عالمي). يظهر أن الصين، على الرغم من ضعف معدل النمو الاقتصادي، مصممة على السير قدما في الإنفاق العسكري، لكسب رهان تحدي الولايات المتحدة وحلفائها في آسيا (اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين وتايوان...). فقد تضاعف حجم ميزانية الدفاع، منذ عام 2015، حيث كانت نسبة النمو مكونة من رقمين، خلال سنوات العقد الماضي، مستغلة الازدهار الاقتصادي الذي شهدته الصين، إذ أصبح يوازي نحو أربعة أضعاف نظيره في اليابان، ونحو 12 مرة من إنفاق تايوان. يتحفظ خبراء من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام عن هذه الأرقام، معتبرين ما أعلن عنه ضئيلا مقارنة بحجم الإنفاق العسكري الفعلي لجيش التحرير الشعبي، فهذه الميزانية عام 2022 مثلا كانت أعلى بنسبة 27 % مما أعلن عنه. لذا يتوقع هؤلاء أن تصل النسبة، خلال العام الجاري، إلى نحو 30 % حتى 35 % من الميزانية الرسمية، متى تم تضمينه ميزانية الإنفاق على البحث والتطوير. فقد شهدت بدورها زيادة بنسبة 10 %، لتصبح ميزانية العلوم والتكنولوجيا 370.8 مليار يوان (51.6 مليار دولار)، محققة بذلك أكبر زيادة منذ عام 2019. تزيد عدة مؤشرات تأكيد هذه الفرضية، من قبيل تعهد الحكومة الصينية بتعزيز الجهود في مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكبرى، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وضمان الإفلات من التطويق الأمريكي. فضلا عن توجه الصين نحو اعتماد معادلة جديدة في استراتيجية التحديث، باعتماد سياسة إعادة التخصيص الذكية، فبدل الإنفاق على الأفراد (زيادة في الكتلة البشرية) اختارت الاستثمار في المعدات العسكرية الجديدة، حيث ارتفع الإنفاق عليها لما يقرب من ثمانية أضعاف، منذ عام 2000. لكن أرقام الاقتصاد ونسب النمو تبقى العائق الأكبر أمام القيادة الصينية لتحقيق ما سطرته من أهداف، فقياس ميزانية الدفاع في الصين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا يزال دون المعدل العالمي، فعام 2022 شكل الإنفاق العسكري نسبة 1.6 % فقط، وهو أقل من المتوسط العالمي المحدد في 1.8 %، ودون الولايات المتحدة (3.4 %) وحتى بعض الدول في حلف الناتو (2 %).

الأكثر قراءة