شمس الاقتصاد الأمريكي لا تزال مشرقة وسط سحب عاصفة قد تتحرك
دخل الاقتصاد الأمريكي 2024 بخطى قوية، لكن استمرار التضخم المرتفع أثار تساؤلات جديدة حول ما إذا كان النمو سيعاني فتورا كبيرا.
لا أحد تقريبا في وول ستريت يتوقع حدوث ركود قريب. تخلت معظم الشركات عن توقعاتها الخاصة بالركود، وتتوقع أن يستمر التوسع الذي بدأ منذ أربعة أعوام تقريبا.
في الواقع، رفع عدد قليل من الشركات توقعات نموها السنوي جزئيا بسبب مرونة سوق العمل في الولايات المتحدة.
لكن عددا أقل من المتنبئين قلصوا تقديراتهم للناتج المحلي الإجمالي، وهو سجل الأداء الرسمي للاقتصاد.
وبحسب قصة نشرها موقع ماركت ووتش التابع لشركة داو جونز آند كومباني، إذا ظل التضخم أعلى كثيرا من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 %، فقد يبقي الفيدرالي أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول مما تتوقعه وول ستريت. ومن شأن الفائدة المرتفعة أن تحد من مبيعات المنازل والسيارات، وتخفض الاستثمار في الأعمال التجارية، وتضغط أكثر على الأسر والشركات.
كتب اقتصاديون في "ويلز فارجو" في مذكرة للعملاء: "من وجهة نظرنا، صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي سيتجهون عن غير قصد إلى الركود إذا امتنعوا عن تخفيف السياسة هذا العام".
وتوقعوا أن يتباطأ الناتج المحلي الإجمالي إلى معدل سنوي 1.6 % في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2024، هبوطا من توقعات سابقة عند نحو 3%.
ترى شركة نومورا للأوراق المالية أن تباطؤا اقتصاديا يحدث بالفعل. وتوقع محللوها زيادة 1.2 % فقط في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، أي نحو نصف معظم توقعات وول ستريت الأخرى.
لا تزال الشركتان تتوقعان أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة هذا العام، لكن ليس بالسرعة التي كانت تأملها وول ستريت.
تشير أحدث التوقعات الصادرة عن أداة فيد ووتش، التابعة لمجموعة سي إم إي، إلى أن يونيو أو يوليو هما أقرب شهرين قد يخفض فيها الاحتياطي الفيدرالي الفائدة.
رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي قصير الأجل إلى 5.5 % في الصيف الماضي، صعودا من صفر تقريبا قبل بضعة أعوام، في محاولة لإبطاء الاقتصاد وترويض التضخم. لكن الاستراتيجية لم تعمل على النحو المنشود تماما.
بدلا من التباطؤ، تسارع الاقتصاد في النصف الثاني من 2023. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بأسرع معدلات ربع سنوية متتالية خلال عقد، إذا تم استبعاد أعوام الجائحة.
لكن في الوقت نفسه، تباطأ التضخم بسرعة إلى نحو 3 % بعد أن بلغ أعلى مستوياته في 40 عاما عند 9 % قبل بضعة أعوام، استنادا إلى مؤشر أسعار المستهلك.
أدى تباطؤ التضخم إلى زيادة الآمال بأن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة قريبا، لكن قراءات التضخم القليلة الأولى لعام 2024 أظهرت أن الأسعار لا تزال ترتفع أعلى كثيرا من المستوى المستهدف عند 2 % سنويا.
أثارت هذه الأخبار المخيبة للآمال احتمالات إبقاء الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتفعة حتى الخريف، ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو الاقتصادي.
وما يزيد من المخاوف حدوث تباطؤ ظاهر في الإنفاق الاستهلاكي في أوائل 2024. يقول بعض الاقتصاديين: إن الأسر -خاصة ذات الدخل المتوسط والمنخفض- تعاني ارتفاع الفائدة، والتضخم الذي لا يزال مرتفعا، واستنزاف مدخرات الجائحة.
قال بول أشوورث، كبير اقتصاديي أمريكا الشمالية في "كابيتال إيكونوميكس": إن هذا "تذكير بأن الاقتصاد الأمريكي قد لا يكون منيعا تماما أمام السياسة النقدية التقييدية في النهاية".
والجانب الآخر من الحجة -التي يدعمها أغلبية خبراء الاقتصاد- هو أن سوق العمل القوية ستدعم الإنفاق الاستهلاكي الثابت والنمو الاقتصادي.
إذا استمرت الولايات المتحدة في إضافة الوظائف وظلت البطالة منخفضة، وفقا للحجة، فإن الناس سيستمرون في إنفاق ما يكفي لتحريك عجلات الاقتصاد.