«COP 16» .. السعودية الخضراء تقود المعركة ضد "القاتل الصامت"
«COP 16» .. السعودية الخضراء تقود المعركة ضد "القاتل الصامت"
12 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في حالة تدهور، ستة تريليونات دولار خسائر مالية مرشحة أن تصل إلى 23 تريليون دولار عام 2050، وثلاثة مليارات شخص مهددون بفقدان طعامهم وقد يصل التأثير إلى 40 % من سكان العالم خلال سنوات قليلة، تلك الأرقام التي وردت في تقرير الأمم المتحدة لمكافحة التصحر 2023، لا تشير فقط إلى خطورة ما وصفته بـ"القاتل الصامت" للأرض، بل تعلن أنه تخلى عن صمته ليتحدى الجميع.
ورغم توقيع 194 دولة على اتفاقية مكافحة التصحر عام 1994، وقد عرفت التصحر بأنه أي تردي في الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة عوامل مختلفة من بينها الاختلافات المناخية، لكن بعد مرور 30 عاما أثبتت الحقائق أن الاتفاقية غير فعالة، فما تم إنفاقه حتى الآن صار بجهود فردية، مثل تخصيص المؤتمر العالمي للتنمية المستدامة لمبلغ 300 مليون دولار عام 2002، وذلك لمواجهة التصحر في المنطقتين العربية والإفريقية، أو تخصيص 1.5 مليار دولار في مؤتمر كوب 15 الذي عقد في العاصمة الإيفوارية أبيدجان 2022 لمكافحة تدهور الأراضي، وهي جهود لم تستطع التصدي للخطر.
كل ذلك استدعى تدخل السعودية، بإرثها الحضاري ومكانتها الإقليمية والدولية، لتستضيف مؤتمر الرياض "كوب 16" ديسمبر المقبل، ليكون أكبر مؤتمر للأمم المتحدة من نوعه، إذ يستهدف التعاون بين 197 دولة لإعادة تأهيل ملايين الهكتارات من الأراضي المتدهورة، والحد من الجفاف وتشجيع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في الحفاظ على الثروات الطبيعية، وأوضح المهندس عبدالرحمن الفضلي، وزير البيئة السعودي، أن المؤتمر سيوفر منصة عالمية لتكثيف الجهود من أجل استدامة الموارد الطبيعية، فـ99% من الغذاء العالمي مصدره الأرض، وهناك ضرورة لاستعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030.
جهود المملكة لم تبدأ اليوم، ففي عام 2019 أنشأت السعودية المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، لوضع مبادرات وبرامج تنموية، إضافة إلى تحديد اشتراطات بيئية تعمل وفقها كل المؤسسات، بجانب تشجيع الاستثمار والتمويل البيئي، ورافق ذلك إصدار الاستراتيجية الوطنية للمراعي الطبيعي.
تلك الجهود تبلورت في 2021، حين أطلق ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، حزمة أولى من المبادرات النوعية لتكون خارطة طريق لحماية البيئة وتنمية الاقتصاد الأخضر، وذلك باستثمارات تزيد على 700 مليار ريال، وهو مبلغ غير مسبوق، ما أكد أن السعودية لا تفعل ذلك من أجلها فقط بل من أجل الإنسانية كلها، وأثبت ذلك مبادرات مثل السعودية الخضراء التي استهدفت زراعة عشرة مليارات شجرة بحلول عام 2030، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي تستهدف زراعة 50 مليار شجرة في الشرق الأوسط للحد من تآكل التربة، فنجاح المبادرة يعني استصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي.
مسعى المملكة لتوفير حياة أكثر إنسانية، لا يقتصر على التصحر فقط، فأثناء رئاستها مجموعة العشرين أطلقت مبادرة لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة، والتصدي لأي ممارسات ضد البيئة، كما تعهدت بخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 4 % من المساهمات العالمية عن طريق توليد 50 % من احتياجتها من مصادر طاقة متجددة بحلول 2030، والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2060 وتوسيع نطاق العمل المناخي بتفعيل 77 مبادرة باستثمارات تزيد على 186 مليار دولار.
ولأن السعودية تقرن دوما مبادراتها بالأفعال، فقد نجحت في زراعة 43 مليون شجرة داخل أراضيها، واستصلاح 94 ألف هكتار من الأراضي في مختلف أنحاء المملكة، وهناك 17 مشروعا للطاقة المتجددة قيد التطوير، وذلك منذ إطلاق مبادرة "السعودية الخضراء" في 2021، والقائمة تطول، لذلك فثقة العالم في مؤتمر الرياض "كوب 16 "ليس وليد الصدفة فما تم خلال أعوام قليلة جدد آمال الإنسانية بالنجاة، بعد أن استعادت أراضي المملكة الصحراوية خضرتها وزهورها اليانعة.