الجامعات الجديدة.. ووطن أكبر من الإرهاب

نحن في وطن أكبر من الإرهاب
وأكبر من الدمار والأحقاد.. والغدر
وطن أسّسه الملك عبد العزيز ـ رحمه لله ـ ليكون حاضنا محتويا رحيما كريما، ينظر للمستقبل، يتجاوز الصغائر إلى تحقيق الإنجازات الكبار، لأنها هي التي تبقى، وهي التي تكرّس الولاء والانتماء وتدعم الاستقرار وتأخذ الناس إلى ما هو أهم، إلى بناء مقومات حياتهم ومستقبل أبنائهم.
وما هو أكبر من الإرهاب هو (تكريس التعليم) ودعمه، وفي هذا الإطار احتفينا الأسبوع الماضي بموافقة خادم الحرمين الشريفين على إنشاء أربع جامعات جديدة تضم 54 كلية حديثة التخصصات، ثلاث في منطقة الرياض وواحدة في الشرقية، وهذا الحدث له دلالاته الوطنية والإدارية والسياسية.
في البعد الوطني، هذه الجامعات هي تكريس لتوجه الدولة لدعم التعليم ليكون الرافد الأساس لتكوين رأس المال البشري الحقيقي لمستقبل بلادنا، والتعليم هو الاستثمار الذي نحتاج إليه في المستقبل، وهو الرد العملي والحضاري لنزاعات العنف والإرهاب.
فالمجتمعات المتعلمة المستنيرة تبقى مشغولة لتحقيق المكتسبات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، ومن يعرف البناء وتكاليفه المادية والنفسية، يكون هو الأكثر تمسكا بالمنجزات، وهذا ما يجعل شعوب الدول التي استثمرت في التعليم هم الأكثر حفاظا على بلادهم ومنشآتهم العامة قبل الخاصة، وعندما تواجههم المشكلات ينزعون إلى السلم والحوار والتفاهم، فلا خراب ولا تدمير ولا اغتيالات أو انقلابات.
في البعد الإداري، نجد أن الجامعات الجديدة هي تحقيق عملي للتوجه الذي بدأته الحكومة لخفض مركزية المؤسسات الحكومية، ونقل إدارة التنمية للمستويات المحلية في المحافظات، فالجامعات الجديدة ستكون لديها المرونة المالية والإدارية لتحقق أهدافها وبرامجها في أسرع وقت وأقل تكلفة, بحيث ينعكس وجود هذه الجامعات على البيئة القريبة منها عبر تحريك النشاط الاقتصادي وفتح مجالات جديدة للعمل ودراسة المشكلات عن قرب, كما أن الجامعات, كمؤسسات تعمل للترقي الفكري, سوف ترقى بالتطلعات الاجتماعية للسكان المستفيدين من خدماتها.
ومثل هذه التأثيرات المتعددة هي ما يتطلع إليه خادم الحرمين الشريفين من تكثيف التنمية في المناطق ونقل أعباء إدارة التنمية من المدن الكبرى التي ظلت لسنوات تستقطب من السكان ما يفوق قدراتها ومواردها ويرهق قياداتها السياسية والإدارية.
والأمر الإيجابي أن إنشاء الجامعات الجديدة جاء مدعوما بتصورات وقناعات قيادات التعليم العالي وقيادات التنمية في المناطق, فجامعة الملك سعود ومعها بالطبع الوزارة، عملتا على تهيئة الظروف المناسبة إداريا وماديا لإنشاء الجامعات الثلاث بحيث وفرت لها ما تحتاج إليه للعمل كمراكز إدارية ومالية جديدة، وهذه (نقلة نوعية) إيجابية في أداء الجهاز الحكومي, ففي التصور الاجتماعي ثمة انطباع أن القيادات الإدارية الحكومية تنزع عادة إلى تجميع الإدارات والمنشآت والصلاحيات .. لا أن تتخلى عنها!
ونحن متفائلون بالدور الذي ستضيفه الجامعات الجديدة، ففي منطقة الرياض، سوف تستفيد الجامعات الجديدة من الدعم السياسي والإداري الذي يوفره الأمير سلمان بن عبد العزيز للمؤسسات الحكومية في منطقة الرياض، لكي تنعكس خدماتها على الناس مباشرة، وفي بضع سنوات ـ بحول الله ـ سنرى الجامعات الجديدة وقد تحولت إلى مؤسسات تكبر وتنمو في إمكاناتها وخدماتها، وتحقق رسالتها في تكريس الاستقرار، وستبقى بلادنا أكبر من الإرهاب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي