أوروبا تحيي علاقاتها التجارية مع أمريكا اللاتينية .. تنويع مصادر التوريد بعيدا عن روسيا والصين

أوروبا تحيي علاقاتها التجارية مع أمريكا اللاتينية .. تنويع مصادر التوريد بعيدا عن روسيا والصين
اتفاقية أوروبا مع دول ميركسور معلقة بسبب مخاوف البيئة والمنافسة.

سعى زعماء الاتحاد الأوروبي ونظراؤهم من أمريكا اللاتينية والكاريبي، إلى إحياء العلاقات بين الجانبين خلال قمة عقدت أخيرا واستمرت يومين.
وركزت القمة على الاتفاقيات التجارية والاستثمارات، غير أن الدول الـ60 المشاركة لم تتفق على إدانة جماعية للحرب الروسية في أوكرانيا.
وكانت القمة التي استضافتها العاصمة البلجيكية بروكسل الثالثة من نوعها، والأولى منذ ثمانية أعوام، وجاءت في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى التحول عن روسيا والصين، كشريكين تجاريين، وتنويع مصادر التوريد للتكتل.
وتعهد عديد من الزعماء خلال قمة الأسبوع الماضي، بوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتجمع ميركسور (البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وباراجواي)، بحلول نهاية العام، رغم مخاوف تتعلق بحماية البيئة والمنافسة غير النزيهة.
وتضع بروكسل نصب عينيها المواد الخام ذات الأهمية البالغة والموجودة بشكل طبيعي في أمريكا اللاتينية، التي يزداد الطلب عليها من قبل الاتحاد الأوروبي.
ورغم ذلك، أحجم عدد من قادة الكاريبي وأمريكا اللاتينية عن فرض عقوبات بعيدة المدى على روسيا، وألمحوا إلى وجهة نظر مختلفة بشأن الحرب التي تشنها موسكو على أوكرانيا.
وتلقت اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتجمع ميركسور دفعة الأسبوع الماضي، حيث أعرب زعماء الجانبين عن التزامهم بالانتهاء من الاتفاقية، المتعثرة منذ فترة طويلة، فهي معلقة منذ ختام المفاوضات في 2019.
ووفقا لـ"الألمانية"، طلبت بعض دول الاتحاد الأوروبي بملحق إضافي للاتفاقية يتعلق بالمناخ، والبيئة وحقوق الإنسان، في أعقاب التصاعد الكبير في إزالة الغابات بأمريكا اللاتينية.
وقالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، "ينصب طموحنا على تسوية أي خلافات متبقية في أقرب وقت ممكن، حتى ننتهي من هذه الاتفاقية".
وليس من الواضح بعد ما إذا كان من الممكن الانتهاء من الاتفاقية بنهاية العام الجاري. ومن شأن هذه الاتفاقية أن تؤدي إلى إقامة واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، تضم أكثر من 700 مليون نسمة.
وأعرب ليو فارادكار رئيس وزراء أيرلندا، عن معارضته الاتفاقية المعلقة، ما لم تتم إضافة نصوص جديدة حول حماية المناخ وإزالة الغابات. كما أعربت فرنسا وألمانيا وهولندا عن مخاوف مماثلة في السابق، وصوت البرلمان النمساوي، في اقتراع ملزم جرى في 2019، ضد الاتفاقية على خلفية مخاوف تتعلق بالبيئة والمنافسة.
وفي الوقت نفسه، شدد الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو دا لا سيلفا، على أهمية المشتريات الحكومية في الاتفاقية بين "ميركسور" والاتحاد الأوروبي. وأوضح لولا، "من شأن الاتفاقية المتوازنة بين ميركسور والاتحاد الأوروبي، التي نعتزم، الانتهاء منها هذا العام، أن تفتح آفاقا جديدة".
كما دعا رئيس الأرجنتين ألبرتو فرنانديز، إلى توازن في العلاقات بين القارتين، وإلا تحولت الاتفاقية إلى "مزحة".
وفي طريق الانصراف عن الصين وتجديد الوصال مع أمريكا اللاتينية، سعى الاتحاد الأوروبي إلى إظهار اهتمامه المتجدد في منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، عبر الالتزام بإنفاق أكثر من 45 مليار يورو (50.4 مليار دولار)، بحلول 2027، على هيئة خطط استثمارية للشركاء بالمنطقة.
يأتي ذلك في إطار استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتعزيز العلاقات مع باقي العالم ومنافسة إنفاق الصين في البنية التحتية بأنحاء العالم.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي وشركاء الاستثمار اتفقوا على أن تكون الأولوية لقطاعات تمتد من "الطاقة النظيفة والمواد الخام الأساسية، إلى الصحة والتعليم". وأشارت فون دير لاين إلى أكثر من 135 مشروعا في مجال التحول الأخضر والرقمنة على جانبي الأطلسي، "في طورالإعداد بالفعل". وتشمل هذه الخطط توسيع شبكات الاتصالات اللاسلكية في الأمازون بالبرازيل، وتطوير شبكة الجيل الخامس بجامايكا، وتحويل وسائل النقل العام في كوستاريكا للعمل بالكهرباء، إلى جانب استثمارات في مناجم الليثيوم في الأرجنتين وتشيلي.
وعلى هامش القمة، وقعت تشيلي والمفوضية الأوروبية اتفاقية شراكة بهدف تعزيز التعاون في مجال توفير المواد الخام لأوروبا. وقالت تانيا فايون وزيرة خارجية سلوفينيا، إن بلادها تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، ومكافحة التغير المناخي.
وأشار أندريه بلينكوفيتش رئيس وزراء كرواتيا، إلى أن 650 ألف مهاجر من بلاده يعيشون في دول أمريكا اللاتينية والكاريبي.
وإضافة إلى التعاون الاقتصادي، تصدرت رغبة الاتحاد الأوروبي إظهار التضامن مع أوكرانيا التي مزقتها الحرب، جدول أعمال القمة مع أمريكا اللاتينية والكاريبي.
حلفاء روسيا يوجهون صفعة لجهود الاتحاد الأوروبي في دعم أوكرانيا
أخفق زعماء أوروبا وأمريكا اللاتينية والكاريبي في الاتفاق على بيان يحمل روسيا مسؤولية الحرب في أوكرانيا، وهو ما أبرز الخلافات بين الجانبين بشأن الأزمة.
وبدأت هذه الخلافات قبل القمة، عقب اجتماع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في كييف أوائل الشهر الجاري. وقال زيلينسكي، إن عديدا من دول أمريكا اللاتينية عارضت مشاركته في القمة.
وأعرب الإعلان الذي صدر عقب ختام القمة عن "قلق عميق" بشأن الصراع، لكنه لم يذكر روسيا، بالاسم. ووافقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، و32 من الدول الـ33 من أمريكا اللاتينية والكاريبي الممثلة في قمة بروكسل، على البيان، ولم تؤيد نيكاراجوا الصيغة النهائية له.
وقال دبلوماسيون إن نيكاراجوا وكوبا وفنزويلا عارضت اللغة التي تنتقد روسيا، وشددت دول أخرى -وافقت على دعم سيادة أوكرانيا- على أن الأزمات والصراعات المختلفة جديرة بأن يتنبه لها العالم.
وقال رالف جونسالفيس رئيس وزراء سانت فنسنت وجزر جرينادين، الذي ترأس مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي في قمة بروكسل، "لا يمكننا أن نجعل من هذه القمة.. قمة أوكرانيا." وأضاف، "ولكن، وبوضوح، أوكرانيا أمر عظيم الاهتمام لأوروبا والعالم- وكذلك الصراعات الأخرى"، في إشارة إلى أن الأزمة في هايتي، والصراع الفلسطيني من أجل إقامة دولة مستقلة، والحروب الأخرى في إفريقيا، جديرة بأن تهتم بها أوروبا.
وقال ماتيوش مورافيتسكي رئيس وزراء بولندا، إن الدول التي عانت ويلات الاستعمار الأوروبي في الماضي، عليها الآن أن تقر بأن روسيا تشكل تهديدا استعماريا.
وأضاف مورافيتسكي، "هنا في أوروبا، من الصعب تخيل (ذلك)، لكن يتم تقديم روسيا في أمريكا اللاتينية على أنها دولة مسالمة يهاجمها (حلف شمال الأطلسي) الناتو".
وفي الوقت الذي التقى فيه زعماء أوروبا وأمريكا اللاتينية والكاريبي في بروكسل، رفضت روسيا تجديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، مما حدا بالأمم المتحدة أن تصدر تحذيرا من أن الملايين من فقراء العالم سيدفعون ثمن ذلك".
وقبل اتخاذ موسكو قرارها، لطالما شدد زعماء أمريكا اللاتينية والكاريبي من تبعات الحرب على أسعار المواد الغذائية والطاقة في العالم، ودعوا إلى إجراء محادثات سلام.
ورغم ذلك، حذرت جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا، في بروكسل، من إجراء محادثات سلام متسرعة.

سمات

الأكثر قراءة