أخبار اقتصادية- عالمية

التركيبة السكانية فرصة لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي في الهند .. استثمار في رأس المال البشري

التركيبة السكانية فرصة لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي في الهند .. استثمار في رأس المال البشري

يعني استمرار النمو السكاني في الهند وانخفاض عدد السكان في الصين، أن الهند تعتلي الآن القمة، بوصفها الدولة الأكثر كثافة سكانية في العالم، الأمر الذي يؤكد أن التركيبة السكانية هي الاستثمار في رأس المال البشري الذي يعزز النمو الاقتصادي.
وترى الدكتورة جينيفر دابس سكوبا المحللة الأمريكية، أنه لا يمكن استنتاج كثير بشأن مستقبل الهند من حجم السكان فقط، لكن الغوص بشكل أعمق في الديناميكية الديموجرافية يظهر أن قادة البلاد في حاجة إلى التحرك بسرعة لتحقيق الاستفادة الأكبر من التركيبة السكانية المواتية وتعظيم فرصة البلاد لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي.
وقالت سكوبا، الباحثة رفيعة المستوى في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، إن تعداد سكان الهند اليوم الذي يبلغ مليارا و425 مليون نسمة أكبر أربع مرات تقريبا من العدد الذي كان 361 مليون نسمة في إحصاء 1951 بعد تقسيم البلاد إلى دولتين (الهند وباكستان).
وستضع عقود من الخصوبة أقل من معدل الإحلال أي دولة على الطريق إلى الانكماش، ما لم تكن هناك هجرة إليها بأعداد ضخمة. وبدأ سكان الصين بالفعل في الانكماش، لكن حتى مع معدل خصوبة منخفض، ينمو سكان الهند بمعدل مليون كل شهر، وسيظل الوضع على هذا الحال بعد منتصف القرن، قبل أن تشهد الهند انخفاضا في عدد سكانها.
وقالت سكوبا في التقرير الذي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، إن عدد سكان الهند في الحقيقة كبير للغاية، لدرجة أنه سيدفع بكثير من الزيادة المتوقعة في النمو السكاني العالمي في الفترة ما بين الوقت الحالي ومنتصف القرن.
وعندما يبلغ عدد سكان العالم تسعة مليارات نسمة في وقت ما عام 2037، سيكون مليار و600 مليون منهم هنودا، لكن التركيبة العمرية لسكان الهند تتغير بشكل جذري، وسيبلغ متوسط العمر في الهند ما بين 33 و34 عاما، بزيادة من 28 عاما في الوقت الحاضر و21 عاما عما كان في 1998. وتلك زيادة تبلغ 12عاما على مدار 50 عاما، وتعد ضئيلة بالنسبة لزيادات متوسط العمر على المستوى العالمي.
وأضافت سكوبا أن الهند ستظل دولة شابة نسبيا لفترة قصيرة، وربما يجعل ذلك توفير فرص عمل في المستقبل أمرا أكثر سهولة. ومع ذلك فإنه في ظل هذا الوضع الديموجرافي، تتوافر لدى الهند الظروف لجني العائد الديموجرافي، المتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستفادة من نسب أعلى من الأشخاص في سن العمل، إذا تم تطبيق السياسات الحكومية الصحيحة، مثل الاستثمارات في رأس المال البشري.
وكما هو الحال في الصين، عد زعماء الهند أن تحقيق نمو أقل للسكان شرط أساسي للتنمية الاقتصادية. لكن على النقيض من الصين، لم تخصص الهند القدر نفسه من الاستثمارات في رأس المال البشري لتحقيق تلك الأهداف. ويعني هذا عموما أن الهند تحتاج إلى ضخ استثمارات جادة إذا كانت تريد تعظيم عائد ديموجرافي.
وتحتاج الهند إلى أن تسرع الخطى، فقد شهدت الدول الغربية تراجع معدل الخصوبة بسبب التنمية الاقتصادية، بينما كان تراجع معدلات الخصوبة في الهند نتيجة لبرامج تنظيم الأسرة. ويعنى ذلك أن وتيرة التغير الديموجرافي كانت أسرع، وأن فترة الفرصة التي يجب أن تجنى فيها الهند العائد الديموجرافي أقصر.
واستغرق نمو السكان الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 60 عاما من 15 في المائة إلى 30 في المائة.. أوروبا الغربية 75عاما، وسيستغرق التحول نفسه 34 عاما فقط في الهند.
ولا تزال الهند دولة ريفية نسبيا، رغم أن المدن الهندية تنمو على نحو مطرد. وتعد دلهي واحدة من مدن العالم الأسرع نموا، لكن التحضر (التمدن) في الهند بصفة عامة تخلف مقارنة بما هو متوقع بالنظر إلى وضع البلاد العالمي البارز.
وتقدر الأمم المتحدة التحضر في الهند بنسبة ـ 33 في المائة فقط، وعلى النقيض تبلغ نسبة التحضر في الصين 65 في المائة. ويعد التحضر تاريخيا مؤشرا رئيسا للإمكانات الاقتصادية لأنه يركز الخدمات والأفكار والوظائف، ولذا فإن نسبة التحضر المنخفضة للهند تضع سقفا لنموها الاقتصادي.
وتوقعت دراسة باستخدام بيانات حضرية حديثة، أن تنمو خمس مدن هندية رئيسة بمتوسط 1.5 إلى 2 مرة في العقد المقبل. وتتوقع اللجنة الوطنية الهندية للسكان الوصول إلى أكثر من 38 في المائة مع حلول منتصف العقد المقبل، لكن هذه النسبة لا تزال منخفضة جدا. ولذلك، تحظى الهند بإمكانية مرتفعة للنمو الحضري، لكنها إمكانية بعيدة جدا عن المعدل المطلوب.
وبسبب الفروق في معدلات الخصوبة والهجرة الداخلية بين الشمال والجنوب، تعد الهند دولة شابة وهرمة في الوقت نفسه، وهي صورة مصغرة للانقسام الديموجرافي العالمي. وتعاني الولايات الشمالية في الهند وضعا صحيا سيئا وأمية، بينما في الجنوب تجد ولاية كيرالا بالفعل صعوبة في توفير أطقم للعمل في دور المسنين. ومن الصعب تحديد أولويات السياسة عندما يتعين على البلاد أن تعالج قضيتين مختلفتين اختلافا كبيرا بشأن السكان في الوقت نفسه.
وتلتحق النساء الهنديات بالتعليم العالي بمعدلات أعلى من الرجال الهنود، لكن اقتصاد الهند ما زال يسيطر عليه الرجال، ولكي تعظم الهند من النمو الاقتصادي، فإنها تحتاج إلى تنسيق أفضل بين المهارات والوظائف.
وتضع ديناميكيات السكان في الهند الأساس لمستقبل البلاد، لكن ليس هناك أي ضمان بأن نموا أبطأ ومتوسط عمر مرتفعا سيترجمان إلى نمو اقتصادي قوى. وبالمثل، ليس هناك أي ضمان بأن نموا أبطأ سيؤدي إلى بيئة أنظف وأكثر استدامة.
واختتمت سكوبا تقريرها بالقول إنه إذا ما سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن المليار و400 مليون شخص في الهند سيرون مستويات معيشة آخذة في الارتفاع على مدار العقود المقبلة. ويمكن أن تكون الهند نموذجا لطريق أكثر اخضرارا للاقتصادات الأكثر شبابا وديناميكية في إفريقيا التي ستحذو حذوها على الطريق الديموجرافي. ويمكن أن تدعم الأهداف البيئية الأهداف الاقتصادية أيضا، إذا تضمنت استثمارات في أسواق العمل والصناعات الخضراء.

إنشرها

سمات

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية