تحذير لتطبيقات الطعام
المسح الذي أجرته جريدتنا «الاقتصادية»، الأسبوع الماضي، حول أسعار الوجبات في تطبيقات التوصيل مقارنة بأسعارها الأصلية، أثبت عمليا وبالأرقام ما كان الناس يعرفونه، لكنهم لم يضعوه في جدول مقارنات، كالذي نفذه التحقيق المهم الذي نشر بناء على هذا المسح.
ومهما حاول أصحاب أو مديرو هذه التطبيقات التبرير والمراوغة إلا أن الشمس لا يمكن حجبها بغربال، وأعرف شخصيا ومن تجربة واقعية أن أسعار أطباق أو وجبات أو طلبات معينة تزيد بين 10 و20 في المائة على سعرها في المطعم.
المسألة لها جانب أخلاقي مهم فكلاهما التطبيق والمطعم كان لزاما عليهما أن يعلنا للملأ أن السعر في التطبيق يختلف عنه في قائمة الطعام لدى المطعم، لماذا؟ لأن الناس كانت لديها ثقة بأن التطبيق يستفيد من سعر التوصيل الذي يضيفه إلى الفاتورة فقط، ولا يقوم بدور تاجر وسيط يشتري لك الوجبة بسعر ويضيف إليها هامش ربح، ثم يضيف إليها قيمة التوصيل، وهو هنا لم يعد تطبيق توصيل، إنه أصبح تاجرا، وهو أيضا ربما يأخذ نسبة من مبيعات المطعم من خلال تطبيقه.
إذا نحن إزاء حالة طمع أو استغلال تضرر منها المستهلك، وأيضا تتضرر منها المطاعم على المدى الطويل، لأنها تخسر حصصا سوقية، وتخسر جزءا من مصداقيتها مع عملائها مع الوقت.
من حق هذه التطبيقات أن تكسب، لكن يجب أن تكون واضحة مع الناس، فالبعض قد يغير قرار الشراء عن طريقهم إذا أدرك أن هناك فرقا في السعر قد يجعله يترك كسله وأريكته ويقوم ليجلب طعامه بنفسه، أو حتى يستفيق من هذه الغيبوبة الاستهلاكية التي وقع في شركها بزعم الرقمية وعصر التقنية، بحيث أصبح يشتري "حبة شاورما" بالتطبيق بقيمة وجبة تكفي عائلة كاملة!
سوق التطبيقات وتوصيل الطعام من سمات العصر، لكن هذا لا يبرر استغفال الناس، ومحاولة "التشطر" عليهم وعلى أصحاب المطاعم على حد سواء.
يجب أن يحذر ملاك ومديرو تطبيقات التوصيل أن بعض الإخوة والأصدقاء الأجانب الذين يسيطرون على سوق أو وظائف التوصيل قد يتفتق ذهنهم عن آلية تفك الارتباط بهم، بحيث يصبحون هم من يشترون الوجبات ويبيعونها على الزبائن بنصف الربح الإضافي الزائد الذي تضعونه على الأسعار ونصف قيمة التوصيل.
تعتقدون أن ذلك صعب، ربما، لكنه وارد فواحدهم يحتاج فقط إلى قاعدة بيانات صغيرة بـ50 عميلا يتخصص في طلباتهم شبه المكررة، ويبدأ العمل لحسابه، وهنا قد ينقلب السحر على الساحر.