السلسلة القاتلة

من يكتبون لنا سلسلة متوالية من التغريدات حول موضوع معين يذكرونني بشكل أو بآخر بالذين يراسلونك على الخاص عن مناسبة أو موضوع يخصهم ملحقا بكلمة "برجاء الدعم"، فكلاهما يبحث عنك كرقم يضيفه للمتابعين أو المطلعين دون أخذ وقتك أو رغبتك في الحسبان.
أكتب عنهم لأنهم كثروا وباتوا من أسباب مللنا، وبالمناسبة مللنا من أي تقنية أو تطبيق تواصل متوقع، لكنهم يسرعونه ويزيدون من زهدنا في الإضافات المعرفية والاتصالية و"الاجتماعية" من ورائه.
أستاء في كل مرة أقرأ "ثريد" مخطوطة بالعربية، وهي ليست الكلمة العربية المعنية، إنما كتابة للكلمة الإنجليزية بحروف عربية، وهذا خطأ غريب ولا أدري ما المانع من استخدام كلمة سلسلة تغريدات، أو تغريدات متتالية.
أول أخطاء بعض أو معظم هؤلاء هو نسف حقوق الملكية الفكرية، فهو عندما يحدثك عن موضوع ما لا ينسب المعلومات لأحد، رغم أن بعضنا يعرف مصدرها، وهذا خطأ شائع وهو من مثالب التواصل الاجتماعي حيث تضيع كثير من الحقوق الفكرية.
الأمر الآخر هو أن أغلبهم لا يدخل في صلب الموضوع مباشرة، بل يبدأ بمقدمات كثيرة تذكرني بالشعراء العرب القدامى، وهذا لا يعرف أن مقدمته كفيلة بتنفير الناس من سلسلته حيث لا وقت لديهم، وأن الشعراء القدامى أولا كانوا يملكون كثيرا من الوقت، وكان المتلقي كذلك، وكانت مقدماتهم عن الأطلال أو العشق جذابة وأحيانا أهم من موضوع قصيدتهم.
أخطر أنواع هذه السلاسل التي تحاول تقييد الناس بأفكار معينة هي التي تتحدث في الجانبين الطبي بشقيه التشخيصي والعلاجي أو الدوائي، والغذائي بجميع أنواعه وأصنافه، ومكمن الخطر أنه لا توثيق لما يطرحون، ومعظمهم ليسوا أطباء أو إخصائيي تغذية، حتى لو كان بعضهم كذلك فهو قليل الخبرة أو الممارسة.
الغريب أن الأطباء والطبيبات المخضرمين وأصحاب السجلات الناصعة عمليا نادرا ما يقدمون مثل هذه السلاسل، ومن استطاع منهم إيجاد الوقت وكان ناشطا في وسائل التواصل فغالبا هو يعطي معلومات متفقا عليها علميا، أو يرد بإجابات محددة على أسئلة الناس، وفي الأغلب يطلب من الجميع مراجعة أطبائهم.
يجب على من يفتون طبيا وغذائيا أن يخافوا من الله، فبعض سلاسلهم يطلع عليها غرقى يبحثون عن أي قشة، وقد تكون قشتكم هذه لا تناسبهم صحيا أو غذائيا، وقد تكون قاتلة - لا قدر الله.
أتساءل عما يمكن للجهات المختصة عمله معهم، فهم عمليا لا يرتكبون جريمة معلوماتية، لكنهم يؤثرون في حياة المرضى، وفي جودة حياة الأصحاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي