تكاليف المعيشة تتراجع بثقة المستهلك البريطاني إلى أدنى معدلاتها منذ 48 عاما

تكاليف المعيشة تتراجع بثقة المستهلك البريطاني إلى أدنى معدلاتها منذ 48 عاما
كلما زادت الأسعار والفائدة كلما تراجعت قدرة المستهلكين على الانفاق.

تراجعت ثقة المستهلك البريطاني إلى أدنى معدلاتها منذ 48 عاما، على الأقل، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة أسعار الطاقة في البلاد.
وذكرت مؤسسة "جي.إف.كيه" للدراسات التسوقية أن مؤشرها لقياس ثقة المستهلك تراجع الشهر الجاري نقطتين ليصل إلى سالب 40، في أدنى معدل له منذ بدء تسجيل نتائج المؤشر عام 1974.
وتعد هذه القراءة بمنزلة إشارة أخرى إلى أن أسوأ موجة تضخم تشهدها البلاد خلال أربعة عقود تهدد التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا.
كما تزيد هذه القراءة أيضا الضغوط على وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك لمساعدة الفئات الأكثر تضررا، وربما تعطي البنك المركزي البريطاني سببا للتحرك بحرص فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة بشكل أكبر.
ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن ليندا إيليتن، مدير قسم الأسواق الاستهلاكية وتجارة التجزئة في مؤسسة "كيه.بي.إم.جي" للاستشارات الاقتصادية، قولها: "كلما زادت الأسعار والفائدة، كلما تراجعت قدرة المستهلكين على الإنفاق".
وارتفعت مبيعات التجزئة في بريطانيا، بشكل غير متوقع، في نيسان (أبريل) الماضي، رغم أسرع وتيرة تضخم تشهدها البلاد خلال أربعة عقود.
وذكر المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا أمس أن حجم السلع المبيعة من خلال المتاجر ومنصات التسوق على الإنترنت ارتفع 1.4 في المائة في نيسان (أبريل)، بعد تراجعه 1.2 في المائة في الشهر السابق عليه.
وتوقع خبراء الاقتصاد، الذين شاركوا في استطلاع لوكالة "بلومبيرج" للأنباء تراجع مبيعات التجزئة 0.3 في المائة.
وارتفعت مبيعات التجزئة، بعد استثناء الوقود 1.4 في المائة أيضا.
وأوضح المكتب أن الزيادة في مبيعات التجزئة جاءت مدفوعة بالإنفاق على مشروبات معينة والحلويات والتبغ في الأسواق التجارية، فضلا عن ارتفاع مبيعات الملابس عبر منصات التسوق على الإنترنت.
وارتفعت مبيعات الوقود الشهر الماضي بعد أن أدت زيادة قياسية في أسعاره في تراجع المبيعات بشكل حاد في آذار (مارس).
ومعدل التضخم في بريطانيا ارتفع في نيسان (أبريل) الماضي إلى 9 في المائة، في أعلى معدلاته منذ ثمانينيات القرن الماضي، في الوقت، الذي يشهد فيه ملايين البريطانيين قفزات مؤلمة في فواتير الطاقة الخاصة بهم.
إلى ذلك، تناقش بريطانيا قانونا جديدا يعطي هيئة الرقابة المالية السلطة للتأكد من التزام البنوك الكبرى ومؤسسات التمويل العقاري بتوفير تسهيلات السحب والإيداع النقدي في مختلف أنحاء البلاد.
وقال بيان لوزارة الخزانة البريطانية إن قانون الخدمات والأسواق المالية الجديد، يجعل هيئة الرقابة المالية مسؤولة عن ضمان قيام البنوك بتوفير خدمات السحب والإيداع في التجمعات المحلية دون أن يضطر المواطنون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أماكن توفير هذه الخدمات.
ومن المنتظر أن تحدد الحكومة خلال فترة قصيرة المسافة التي يمكن أن يقطعها أي عميل للوصول إلى مكان إيداع وسحب الأموال.
وقالت وزارة الخزانة إن الأموال النقدية هي ثاني أكثر وسيلة دفع استخداما في بريطانيا حيث يعتمد نحو 5.4 مليون شخص بالغ على النقد في كل تعاملاتهم اليومية.
وأوضح جون جلين، السكرتير الاقتصادي لوزارة الخزانة "أريد التأكد من أن الناس ما زالوا يستطيعون استخدام النقد .. من المهم التأكد من أنه لا يتم تجاهل شخص ولا تجمع محلي في مختلف أنحاء بريطانيا في ظل التحول نحو العالم الرقمي".
من جهة أخرى، حض رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن أمس لندن على احترام الاتفاقات الدولية الموقعة والانخراط في "مفاوضات جدية" حول تدابير مرحلة ما بعد "بريكست" في أيرلندا الشمالية، التي تشهد أزمة سياسية.
وأعلن مارتن في مؤتمر عقب لقائه في بلفاست القادة السياسيين للمقاطعة البريطانية تمسكه بـ"نظام قائم على قواعد دولية تحترم الاتفاقات الدولية، التي صادقت عليها رسميا حكومات ذات سيادة، ولا يتم التخلي عنها عشوائيا وأحاديا عندما يناسب ذلك أحد الأطراف".
وبحسب "الفرنسية"، جاءت الزيارة بعدما أثار تعهد لندن تعديل بروتوكول أيرلندا الشمالية المتفق عليه في إطار اتفاق "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي، حفيظة بروكسل وواشنطن.
وكان مارتن قد وصل إلى أيرلندا الشمالية لإجراء محادثات مع قادتها السياسيين سعيا لإيجاد حل للخلاف الدائر حول الملف التجاري في مرحلة ما بعد "بريكست"، في حين حذرت واشنطن المملكة المتحدة من أن سياسة حافة الهاوية، التي تنتهجها حيال أوروبا تهدد السلام.
وأقر مارتن بوجود مشكلات في البروتوكول لكنه قال إنه "لا حل آخر سوى المفاوضات الفعلية والجدية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة".
وينص البروتوكول على إقامة نقاط تفتيش للسلع الواردة من إنجلترا واسكتلندا وويلز تثير استياء الوحدويين الموالين للمملكة المتحدة في أيرلندا الشمالية، علما بأن هؤلاء يرفضون المشاركة في حكومة ائتلافية مع خصومهم القوميين في بلفاست.
وتصر حكومة المملكة المتحدة على وجوب تعديل البروتوكول من أجل وضع حد للشلل السياسي، الذي تشهده أيرلندا الشمالية، وتشدد على أن أي مبادرة أحادية لها على هذا الصعيد لن تبصر النور إلا في إطار خطة بديلة في حال فشل المفاوضات مع بروكسل.
لكن مارتن رفض الانتقادات الموجهة للاتحاد الأوروبي، التي تتهمه بعدم تليين موقفه، وحض الحزب الوحدوي على المشاركة في حكومة شراكة في بلفاست.
وقال مارتن في تصريح لمحطة "بي.بي.سي" الإذاعية إن المفاوضات المسؤولة والجادة بين حكومة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي هي السبيل الوحيد لحل هذا الخلاف، متهما الحزب الوحدوي باتخاذ برلمان أيرلندا الشمالية رهينة عبر رفضه تسمية وزراء بعد الانتخابات الأخيرة، التي فاز فيها حزب شين فين القومي.
وتمسك الوحدويون بموقفهم الجمعة، وقال زعيم الحزب الوحدوي الديمقراطي جيفري دونالدسون إنه بانتظار مشروع القانون، الذي تعده الحكومة لتحديد الخطوات المقبلة.
وبعد لقائه مارتن رفض دونالدسون إجراء تعديلات طفيفة على البروتوكول وطالب بـ"تغيير جذري".
وقبيل زيارة مارتن حذرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي من أن واشنطن لن توقع اتفاق تجارة حرة مع المملكة المتحدة إذا مضت لندن قدما في مساعيها لتعديل البروتوكول.
وجاء في تغريدة أطلقتها بيلوسي أن "سعي المملكة المتحدة حاليا لتجاهل بروتوكول أيرلندا الشمالية أحاديا يثير قلقا بالغا".
وأشارت بيلوسي إلى أن هذا البروتوكول "يحمي التقدم الكبير الذي تحقق والاستقرار الذي تم إرساؤه عبر اتفاق" الجمعة العظيمة الذي وقع في 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا.
وتابعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي "إذا اختارت المملكة المتحدة تقويض اتفاق الجمعة العظيمة، لن يدعم الكونجرس اتفاقية التجارة الحرة مع المملكة المتحدة".
وكان وفد من الكونجرس الأمريكي قد توجه أمس إلى بروكسل، حيث التقى نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش المكلف هذا الملف.

الأكثر قراءة