لغة الجسد

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه لا بد له من التواصل مع الآخرين. هذا التواصل إما أن يكون لفظيا من خلال الكلام أو غير لفظي من خلال الإشارات والإيماءات والحركات، وهو ما يعرف بلغة الجسد، وإما أن يكون خليطا من الكلمات وحركات الجسم. أظهرت دراسة أجريت في إحدى الجامعات الأمريكية، أن ما معدله 7 في المائة من التواصل بين الناس يقتصر فقط على الكلمات، بينما 55 في المائة منه يعتمد على لغة الجسد، على حين أن 38 في المائة يعتمد على نبرة الصوت والوقفات المستخدمة. تختلف لغة الجسد من إنسان إلى آخر، حسب تنشئته وطبيعته الشخصية، وتستخدم لإيصال رسائل لا يرغب صاحبها أن ينطق بها. وقد عرفت منذ آلاف الأعوام، وأشير إليها في القرآن الكريم (.. فسينغضون إليك رؤوسهم..) أي يحركونها إلى أعلى وإلى أسفل تكذيبا واستهزاء. تتميز لغة الجسد أنها لا تحتاج إلى مترجم، ولذا فهي لغة عالمية، وسميت لغة لأن لها تعابير ومعاني وتوصل إشارات محددة، بالتالي فإن التركيز عليها يعطي انطباعات صادقة وواضحة عن مستخدمها ويساعد المتلقي على فهم تلك الرسائل غير اللفظية. وقد أُلف كثير من الكتب لشرح هذه اللغة وسبر أغوارها. إن لغة الجسد قد تحسم قرارا، إذ يكفي أن يهز المسؤول رأسه لتتضح موافقته من عدمها، وذلك بالنظر إلى كيفية هز الرأس! أما نظرات العين، فلها شأن آخر وتعطي دلالات معينة. يقول ابن الرومي:
نظرت فأقصدت الفؤاد بطرفها
ثم انثنت نحوي فكدت أهيم
ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت
وقع السهام ونزعهن أليم
والشاعر الشعبي يقول:
يغنيك عن بعض الحكي غمزة العين
ويغنيك عن بعض المصاعب سكوتك
يرى المختصون أن لغة الجسد تشمل ما لا يقل عن عشرة تعابير، تشمل بجانب العين كلا من حركة الرأس والأصابع واليدين والحاجبين والذراعين والابتسامة وحك الأنف أو نتف الشعر أو قضم الأظافر، وتشمل كذلك الرغبة في التقارب والتباعد بين المتحدثين. لغة الجسد في كثير من الأحيان تكون أكثر تعبيرا وبلاغة من الكلمات، بل أكثر صدقا لأنها في الأغلب ما تكون عفوية غير متكلفة وأقل تصنعا من الكلمات المنمقة التي يلجأ إليها البعض لأهداف معينة لا تعبر بالضرورة عما يقصد. ولذا فإن تعلم لغة الجسد واستخدامها عند الحاجة يعد أمرا مهما، فرب إشارة أو حركة تغني عن ألف كلمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي