«طقها والحقها»

أقدم طريقة للعب كرة القدم يطلق عليها "طقها والحقها"، ويبدو أن من ابتكر اللعبة أو "اكتشفها" لاحظ أن سهولة تدحرجها بمنزلة مغناطيس جاذب للحاق بها فكانت أفضل وسيلة للهو وملء الفراغ، ولأنه لا حدود نهائية للطق واللحاق في ظل التنافس على المستديرة، تم وضع خطوط يفقد "المغناطيس" على حدودها قوته بفعل القوانين. تطورت اللعبة وصارت صناعة ضخمة لها قواعد ومدارس وكيانات.
ومع الاحتراف تسارعت حركة اللاعبين والمدربين المكوكية بين الأندية والمنتخبات وبقي الجمهور في المدرجات وخلف الشاشات، إذ أصبح المغناطيس هو المال والجمهور من مصادره ولأنه ـ المال ـ تحول إلى الحكم وبأرقام فلكية كرواتب وشراء عقود وشروط جزائية تمنيت الاطلاع على نموذج لعقد لاعب محترف في بلادنا، كل عقد لا بد أن يحتوي الحقوق والواجبات، والحقوق معروفة وشبه معلنة ولو من خلال التسريبات، أما واجبات اللاعب فلا علم لي هل هي محددة واضحة المعالم أم "طقها والحقها"، أيضا لا أعرف هل هناك عقد موحد نموذجي تلتزم به الأندية، أم لكل ناد شكل من أشكال العقود؟. سبب رغبتي في الاطلاع على نموذج لعقد لاعب محترف هو معرفة كيفية إدارة والمحافظة على حقوق النادي، فهو الثابت واللاعب "متنقل"، وأيضا بالتالي آمال جماهيره وتطلعاتهم، خاصة أن المزاج لدى لاعبي كرة القدم غلاب والإغراءات حاضرة.
ولا بد أن من مارس الإدارة قد مر به موظف يعمل بالقطارة أو "بشين نفس" وإذا ما عوتب قال "اشتغل على قد الراتب" فهل ينطبق هذا أيضا على لاعب كرة القدم المحترف مع رواتب ضخمة في نظرنا، وقد تكون في نظرة مقارنة بزملاء له أقل من طموحاته، هنا يبرز السؤال كيف تتم محاسبة اللاعبين إذا ما أخلوا بواجباتهم أو ظهر منهم تراجع دون سبب قاهر مقنع.
لا شك أن هناك دعما ماليا كبيرا للأندية بالذات في كرة القدم يوضحه حجم تكاليف الصفقات حسب ما ينشر، ومع ما يرشح من أخبار وبيانات أندية وشائعات ومماحكات وتحريضات "وطقطقات" عن انتقال لاعبين واعتراضات عليها، واستقطاب لاعبين ومدربين أجانب دون الاستفادة الفاعلة منهم، كل هذا يشير في ظني إلى أن "طقها والحقها" متوافرة في كواليس إدارة كرة القدم بالمجمل. هذا الخلل يلقي بظلال من الشكوك حول الاستفادة الحقيقية من الدعم الضخم لتطوير مستويات هذه اللعبة لتكون أنديتنا في مصاف الأندية العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي