تدفقات متزايدة من صناديق الحوكمة البيئية إلى السعودية .. ارتفعت 5.6%

تدفقات متزايدة من صناديق الحوكمة البيئية إلى السعودية .. ارتفعت 5.6%

رفعت صناديق الحوكمة البيئية العالمية من وتيرة استثماراتها في الشركات السعودية المدرجة، وذلك خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وجاءت تلك التدفقات المالية عبر "صناديق المؤشرات" المتخصصة في الاستثمار فقط في شركات الأسواق الناشئة التي تلتزم داخليا بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات منصة "مورنينج ستار دايركت"، أن الأصول التي تديرها صناديق الحوكمة البيئية العالمية في السوق السعودية وصلت إلى 365 مليون دولار بنهاية الربع الثالث، بارتفاع 5.6 في المائة مقارنة بنهاية النصف الأول من العام الجاري والبالغة حينها 345 مليون دولار.
واجتذبت سوق الأسهم السعودية صندوقين جديدين خلال الربع الثالث، وهو ما يمثل ارتفاع بمقدار 11 في المائة مقارنة بنهاية النصف الأول عندما كانت أعداد الصناديق تبلغ 18 ليصل الإجمالي 20 صندوقا متخصصة باستثمارات الحوكمة والبيئة.
وتأتي التدفقات المتزايدة من شركات إدارة الأصول العالمية وذلك بعد تشجيع السعودية لقطاعها الخاص من أجل تبني المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.

شركات إدارة الأصول العالمية

أظهر الرصد، أن بلاك روك، وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، أصبحت تقود قاطرة صناديق المؤشرات العالمية المتوجهة للسوق السعودية، حيث خصصت تسعة من صناديقها من أجل الاستثمار في الشركات السعودية التي تطبق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية.
وتشكل تلك الصناديق التسعة ما يصل إلى 45 في المائة من اجمالي صناديق الحوكمة البيئية الموجودة في سوق الأسهم السعودية.
كما أن هناك وجود لافت في السوق السعودية لصناديق الحوكمة البيئية التابعة لشركة أموندي الفرنسية وأنفسكو الأمريكية وذراع إدارة الثروات لمصرف "يو بي إس" وشركة إدارة الأصول DWS التابعة لـمصرف "دويتشه بنك".
وشركة DWS تدير أصولا بقيمة 700 مليار يورو وهي تسعى إلى أن تصبح واحدة من أبرز عشر شركات إدارة أصول على مستوى العالم، وذلك من خلال الاستثمار في مجالات النمو والمساهمة الفاعلة في دعم وتوحيد قطاع إدارة الأصول.
واجتذبت سوق الأسهم السعودية تلك السيولة الأجنبية المرتبطة بمعاير بالحوكمة البيئية والاجتماعية وذلك بعد التوجه المؤسسي نحو تبني تلك المعايير على الصعيد الدولي.

نقطة التحول

جاءت نقطة التحول بعد أن أسهمت مؤشرات الحوكمة البيئية التي طورتها شركة "إم إس سي آي"، وهي المزود العالمي لمؤشرات كل من الأسهم و أدوات الدين، لسوق الأسهم السعودية خلال الفترة الماضية في جذب استثمارات شركات إدارة الأصول الدولية التي تتبع حركة تلك المؤشرات والشركات المؤهلة.
ويعد توجه شركات الاستثمار، التي تدير أصولا بمليارات الدولارات، نحو أحد أكبر أسواق الأسهم في الأسواق الناشئة، من أجل الاستثمار في الشركات السعودية التي تلتزم بالمعايير البيئية والاجتماعية بمنزلة اللحظة "الفاصلة" للبورصة المحلية وذلك مقارنة بغياب تبني تلك المعايير في السابق.

"تداول" ومؤشرات الحكومة البيئية

وذكرت "تداول" في آب (أغسطس) 2020 أنها تعتزم إطلاق مؤشر تصنيف مرتبط بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، أو ما يعرف بـ ESG Index بالتعاون مع "إم إس سي آي". وتم الإشارة في حينها أن المؤشر الجديد سيضم 70 شركة على الأقل، وسيعتمد معايير مؤشر "إم إس سي آي".
ونوهت نشرة إصدار "تداول" بأنه سيتم الالتزام بدعم المصدرين في رحلة ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات من خلال تقديم المساعدة المتعلقة بالإفصاحات الخاصة بهم.
وكشفت نشرة الإصدار أن "تداول السعودية تعمل على تطوير خدمات استشارية بشأن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لمساعدة المصدرين المدرجين على نشر إفصاحات ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الخاصة بهم، ضافة إلى رفع تصنيفاتهم لدى مقدمي خدمات التصنيف الدوليين".
وذكرت "تداول" أنها ماضية في عقد ورش العمل مع شركائها والجمهور والمصدرين لزيادة الوعي بالمسائل المتعلقة بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. وعن مستجدات المؤشر، أشارت نشرة الإصدار إلى أن شركة تداول السعودية تخطط في المستقبل إلى إطلاق مؤشر ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بالتعاون مع أحد مقدمي خدمات المؤشرات الرائدين.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، ذكرت هيئة السوق المالية أن هناك ست شركات من أكبر عشر شركات في السوق المالية من حيث الرسملة السوقية، تضع تقرير استدامة على الرغم من أنها غير ملزمة بالإعلان عن هذه التقارير.

المناطق الجغرافية

ومعظم استثمارات الأفراد في سوق الأسهم السعودية قادمة من دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا والولايات المتحدة وكندا.
ومن بين العملات المقومة بها تلك الصناديق، جاء الدولار كأكثر عملة مفضلة من إجمالي الصناديق المستثمرة في السوق السعودية بحكم ربط العملة المحلية بالدولار.
في حين حلت عملة اليورو ثانيا، في مؤشر لافت على وجود المستثمرين الأوربيين والألمان الأفراد في السوق السعودية عبر صناديق المؤشرات التي تدمج العوامل البيئية والاجتماعية والمرتبطة بالحوكمة في استثماراتها.
ووفرت شركات إدارة الأصول للمستثمرين الأفراد الوصول إلى الأسهم السعودية عبر إدراج وتداول تلك الصناديق في البورصات الدولية والإقليمية والمحلية.
استندت وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، إلى بيانات "مورنينج ستار"، وهي شركة الأبحاث المهيمنة في صناعة الصناديق الاستثمارية العالمية.
ويعد مديري الأصول من بين كبار العملاء لمنصة «مورنينج ستار دايركت" بسبب دخول بياناتها الخاصة بالصناديق في القرار الاستثماري للمستثمرين، الأمر الذي يعطيها قوة لا مثيل لها للتأثير في إدارة الأصول العالمية.
ويولي المستثمرون أهمية بارزة لنظام التصنيف "خمس نجوم" الخاص بالصناديق وكذلك توصيات محللي المنصة وهذا ما يجعلها بطريقة غير مباشرة قادرة على تحريك التدفقات النقدية إلى أو بعيد عن أي صندوق معين.

ماهية صناديق المؤشرات المتداولة

و"صناديق المؤشرات المتداولة" تعد صناديق استثمارية تتبع مؤشرات - كفوتسي أو غيره - ومقسمة إلى وحدات متساوية يتم تداولها في السوق المالية خلال فترات التداول، وهذه الصناديق تجمع مميزات كل من صناديق الاستثمار والأسهم.
أما عن طرق الاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة فتنقسم إلى نوعين، إما أن يتم ذلك عبر السوق الثانوية - يتم تداول وحدات الصندوق في السوق - أو السوق الأولية - يتم إنشاء واسترداد وحدات الصندوق بالتوافق مع مدير الصندوق. ومن خصائص صناديق المؤشرات المتداولة، كونها تحظى بخاصية مرونة تداولها في البورصة، فضلا عن الشفافية التي تجلبها معها بيانات الأوراق المالية بشكل يومي. مع العلم أن الصندوق يعد بمنزلة الصندوق المفتوح، أي يتغير في نهاية اليوم بناء على الإنشاء والاسترداد للوحدات.
ووفقا للصفحة التوعوية في موقع "تداول"، فإن احتساب الأسعار في السوق الثانوية يكون بحسب السوق، ويكون قريبا إلى القيمة الاسترشادية iNAV للوحدة. أما في السوق الأولية، فيتم عبر النظر في قيمة صافي الأصول NAV. ويعد وجود صانع السوق من متطلبات الإدراج. وظهرت صناديق المؤشرات المتداولة لأول مرة في الأسواق العالمية في 1993 من خلال الأسواق الأمريكية ومنذ ذلك الوقت بدأت هذه الصناديق بالنمو السريع، حيث زادت قيمة صافي الأصول للصناديق الاستثمارية المتداولة من 72 مليار دولار في 2001 إلى 700 مليار دولار بنهاية 2009 في الأسواق الأمريكية وحدها.
أما بخصوص الفوائد التي تعود على المستثمر من الاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة فهي تتمثل - بحسب ما أوردته الصفحة التوعوية في موقع شركة "إيداع" - بشكل عام في المكاسب الناتجة عن ارتفاع قيمة أصول الصندوق إضافة إلى توزيعات الأرباح.
وقبل طرح مثل هذه الصناديق في السوق السعودية، يقوم مدير الصندوق بإصدار نشرة مستقلة، حيث يلتزم مدير الصندوق بشروط هيئة السوق المالية الخاصة بصناديق الاستثمار التي من ضمنها الإفصاح عن نشرة الإصدار وشروط وأحكام الصندوق، ويلتزم بنشرها في فترة مناسبة قبل طرح الصندوق.
ويواجه المستثمر في صناديق المؤشرات المتداولة بشكل مماثل مخاطر الاستثمار في الأوراق المالية نفسها لكن بصورة أقل بسبب تنوع الاستثمار في هذه الصناديق. ولا تقتصر صناديق المؤشرات المتداولة على الأسهم فقط، إنما قد تضم صكوكا أو سلعا استهلاكية مثل الذهب والفضة.
وتدار الصناديق بشكل كامل ومباشر من قبل مدير الصندوق وتخضع لأحكام وشروط الصناديق الاستثمارية المصدرة من قبل هيئة السوق المالية، وبالتالي لا تعقد جمعيات عمومية لهذه الصناديق، مع العلم بأن عملية التحويل والمناقلة بين محافظ العملاء في السعودية ستكون متاحة، بشروط وأحكام تحويل الأسهم نفسها.
ولا تنتهي صناديق المؤشرات المتداولة ولا يعلق إدراجها في السوق إلا بعد أن تتم استعادة جميع الوحدات عن طريق مدير الصندوق.

الاستدامة البيئية

وأطلقت "تداول" السعودية أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 2021 إرشادات للشركات المدرجة للإفصاح عن القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة ESG، ما سيشجع على قيام نظام مالي يدعم نمو الأعمال المسؤولة. والدليل الإرشادي يحض الشركات على دمج قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة في تحليل الاستثمار وعمليات صنع القرار.
كما يحث الملاك النشطين على دمج هذه القضايا في سياسات وممارسات الملكية الخاصة بهم. فضلا عن تشجيعهم على الإفصاح عن القضايا ذات الشأن بـالـESG في الكيانات التي يستثمرون فيها. وتتطلع "تداول" لتعزيز قبول الشركات للمبادئ الجديدة وتنفيذها في صناعة الاستثمار، والإفصاح عن الانخراط بالأنشطة المتعلقة بقضايا البيئة والمجتمع والحوكمة والتقدم المحرز نحو تنفيذ مبادئها.
واعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في 2015 أهداف التنمية المستدامة SDGs، التي تعرف أيضا باسم الأهداف العالمية، باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول 2030.
أهداف التنمية المستدامة الـ17 متكاملة، أي أنها تدرك أن العمل في مجال ما سيؤثر في النتائج في مجالات أخرى، وأن التنمية يجب أن توازن بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
ويتوافق التمويل الأخضر للحكومة السعودية هذا العام مع تحقيق الاستدامة البيئية وفي الوقت نفسع يسهم في استقطاب التمويلات القادمة من القطاع الخاص الذي جاء هذه المرة من الجهات الدولية. بل إن وثيقة رؤية 2030 تدعو لمراعاة البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة.
وأشارت إلى أن مسألة الحفاظ "على بيئتنا ومقدراتنا الطبيعية من واجبنا دينيا وأخلاقيا وإنسانيا، ومن مسؤولياتنا تجاه الأجيال القادمة، ومن المقومات الأساسية لجودة حياتنا. لذلك، ستعمل السعودية " على الحد من التلوث برفع كفاءة إدارة المخلفات والحد من التلوث بمختلف أنواعه، كما ستقاوم ظاهرة التصحر، وستعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، وستؤسس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات، وستعمل على حماية الشواطئ والمحميات والجزر وتهيئتها، بما يمكن الجميع من الاستمتاع بها، وذلك من خلال مشاريع تموّلها الصناديق الحكومية والقطاع الخاص.

الصناديق الخضراء

وبحسب "موديز"، تشكل الصكوك الخضراء أقل من 3 في المائة من الصكوك "العادية" وذلك بنهاية حزيران (يونيو) 2020. في حين ترى فيتش أن قيمة صكوك الاستدامة التي تم إصدارها بنهاية الربع الأول من هذه السنة تصل إلى 11 مليار دولار.
ومن الناحية الفنية لا يوجد أي عائق من إيجاد صناديق استثمارية متوافقة مع الشريعة لدعم هذا النوع من المشاريع الخضراء في المملكة. إلا أن هذه الصناديق ستأخذ وقتا طويلا من أجل أن يقبل الأفراد عليها بسبب وجود منحنى تعليمي حول أدوات الاستثمار الجديدة تلك.
وأخيرا قام أحد البنوك الاستثمارية بإطلاق أول صندوق استثماري للمبادرة البيئية في السعودية. إلا أنه مخصص لأسهم شركات التغير المناخي. وأوضح الصندوق أنه يقدم فرصة للاستثمار في شركات الطاقة المتجددة والنقل النظيف والإدارة المستدامة للمياه والتكيف مع التغير المناخي.
وعلى سبيل المثال يعمل "صندوق الاستثمارات العامة"، مع "بلاك روك" من أجل تطوير إطار لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات. وبعد أن يتم جمع التمويل من الأسواق، يتم استخدام متحصلات الإصدار لتمويل مشاريع مؤهلة بما يتفق مع إطار عمل للتمويل "المستدام الصديق للبيئة".

إصدار السعودية الأخضر

وأشار المركز الوطني لإدارة الدين في 28 أيلول (سبتمبر) 2021 إلى أن السعودية ستعلن قريبا إصدارات جديدة من السندات الخضراء، لتكون إحدى قنوات التمويل الرئيسة. وأنه قد تم تعيين بنوك لعملية هيكلة إطار التمويل المستدام.
وتشارك المملكة ضمن الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي. وتهدف مبادرة السعودية الخضراء لمواجهة المخاطر المتعلقة بانبعاث الغازات وللقضاء على انبعاثات الكربون عن طريق استخدام التقنية النظيفة.
وأكد محمد الجدعان وزير المالية في وقت سابق أن الجهود التي تبذلها المملكة نحو الاستدامة تأتي على رأس أولويات سياسات وأجندة رؤية المملكة 2030 خلال الأعوام الماضية، مبينا أن المملكة لم تتعامل مع موضوع الاستدامة بشكل مباشر فحسب، بل أيضا بشكل غير مباشر عبر الأسواق المالية، حيث يأتي القطاع المالي أحد الممكنات الرئيسة، لتعزيز جهود المملكة لتحقيق أهدافنا نحو الاستدامة.
وبين الجدعان أن الطاقة المتجددة تقع في قلب متطلبات الطاقة للمشاريع الضخمة، إضافة إلى الفاعلية والدقة التي تقودها تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، التي ستعمل على جذب التمويل المستدام.
وقال وزير المالية، "قمنا بتطبيق حلول مالية مستدامة ومبتكرة لتصميم البيئة بشكل لا يستدعي - كمثال - دفع الأموال للشركات، لتجديد الإضاءة أو وحدات التكييف في المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية، بل تتم مشاركة نسبة مئوية من توفير الطاقة، كما أننا نرى عائدا في النفقات الرأسمالية في فترة لا تتجاوز 20 شهرا، بعد تطبيقنا أحدث التكنولوجيات في مجال تحلية المياه، وذلك بسبب تحسن فاعلية الطاقة، وندرك تماما أن الرحلة لا تزال طويلة، وأن هناك عديدا من الأمور التي يجب العمل بها، ولذلك تتعهد الحكومة بمضاعفة جهودها، لتحقيق وعودها وأعمالها التي أعلنت عنها".

مبادرة السعودية الخضراء

وتحمل "مبادرة السعودية الخضراء" في مستهدفاتها تأكيدا لدور المملكة الريادي وعملها على إحداث نقلة نوعية داخليا وإقليميا تجاه التغير المناخي لبناء مستقبل أفضل وتحسين مستوى جودة الحياة.
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في 2016، بذلت المملكة جهودا فاعلة لحماية البيئة وتقليل آثار التغير
المناخي.
وفي جانب الطاقة يعد خفض انبعاثات الكربون أمرا بالغ الأهمية لإبطاء آثار التغير المناخي وإعادة التوازن البيئي، حيث تبذل المملكة جهودا حثيثة لتعزيز وتوحيد جهود مكافحة أزمة المناخ تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء من خلال تنفيذ مجموعة متنامية من مشاريع الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية من خلال مشاريع الطاقة المتجددة بحلول 2030، وإزالة الانبعاثات الكربونية من خلال تنفيذ عديد من المشاريع في مجال التقنية الهيدروكربونية النظيفة.
وفي إطار الخطة الاستراتيجية لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية سيصل طول السكك الحديدية إلى 9900 كيلو متر، بما سيسهم في التقليل من الازدحام المروري وانبعاثات الكربون الصادرة عن المركبات.
وسيحظى الجانب البيئي بزراعة أشجار في جميع أنحاء المملكة لتحويل الصحراء إلى أرض خضراء وإعادة تأهيل الكثير من الأراضي خلال العقود المقبلة التي تعد بمنزلة حجر الأساس لمبادرة السعودية الخضراء، حيث يسهم التشجير في تحسين جودة الهواء، وتقليل العواصف الرملية، ومكافحة التصحر، وتخفيض درجات الحرارة في المناطق المجاورة التقدم والإنجازات.
وتدرك المملكة بصفتها منتجا عالميا رائدا للنفط تماما نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، حيث تسعى إلى توفير حلول مبتكرة تدعم مكافحة تغير المناخ، وفي وقت أصبح فيه الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ضرورة حتمية، فيما ستدعم مبادرة السعودية الخضراء جهود المملكة لتصبح رائدة في مجال الاستدامة على المستوى العالمي.

الحياد الصفري

وأعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي خلال كلمته الافتتاحية لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء، إطلاق الحزمة الأولى من المبادرات النوعية في المملكة، لتكون خريطة طريق لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، التي من شأنها الإسهام في تحقيق المستهدفات الطموحة لمبادرة السعودية الخضراء.
وأشار إلى إطلاق المملكة مبادرات في مجال الطاقة من شأنها تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، ويمثل ذلك تخفيضا طوعيا بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات.
وأكد بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل ثمانية ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراض محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20 في المائة من إجمالي مساحتها.
كما أعلن ولي العهد استهداف السعودية للوصول إلى الحياد الصفري في 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوعها الاقتصادي، بما يتماشى مع "خط الأساس المتحرك"، ويحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية، في ظل نضج وتوافر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات.
وأضاف أن "هذه الحزمة الأولى من المبادرات تمثل استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال، ما يسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وتوفير فرص عمل نوعية، وفرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030".

تقسيم قطاعات السوق السعودية

ويظهر مسح أجرته وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، استند إلى شركة البيانات المالية "فاكتست" المدرجة في بورصة نيويورك، أن مزودي المؤشرات العالميين أوجدوا عدة مؤشرات فرعية للسوق السعودية.
وعلى سبيل المثال أوجدت مجموعة فوتسي مؤشرا خاصا بقطاع البنوك السعودية "متوافر بعدة عملات" وكذلك مؤشرا خاصا بالمواد الأساسية للشركات المدرجة من هذه الفئة، في حين قامت "ستاندرد آند بورز داو جونز" بإيجاد مؤشرات خاصة بقطاع الطاقة والصحة.
يذكر أن "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
ومعلوم أن السوق المالية السعودية "تداول" قامت بإنشاء قطاعات تداول جديدة بناء على المستوى الثاني من معيار GICS في 2017، وأسهم هذا الأمر في تيسير إيجاد تلك المؤشرات الفرعية من قبل تلك الشركات.

منهجية جديدة لمقارنة الأداء

وتعد مؤشرات قياس أداء الجهات المدرجة في البورصات المحلية والدولية، الخيار المفضل لشركات إدارة الأصول العالمية من أجل قياس أداء فئة معينة من الصناديق القابلة للتداول في البورصة ETF أو الأسهم - على سبيل المثال الشركات ذات رأس المال الصغير - مع نظيرتها من الفئة نفسها في منطقة جغرافية أخرى.
وذلك بدلا من الطريقة التقليدية الخاصة بقياس أداء سوق الأسهم بمجملها الذي تتفاوت حركته، وفقا لصغر أو كبر حجم السوق أو أعداد الشركات المدرجة فيها "وقيمتها السوقية"، التي تتباين من سوق إلى أخرى.
ولذلك، أوجدت مؤشرات قياس أداء الأسهم، كـ"فوتسي"، على سبيل المثال، أو "إم. إس. سي. آي" لمؤشرات الأسواق، سوقا جديدة عبر إيجاد البيئة المناسبة، أو المنصة، التي مكنت شركات إدارة الأصول من إطلاق صناديق استثمارية مفصلة خصيصا لقياس أداء مجموعة معينة من الأسهم، التي ترتبط بعدة عوامل مشتركة، كونها متخصصة في القطاع العقاري وعالية السيولة "من حيث التداول"، وتسمح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار فيها.
وبهذا، يستطيع المستثمر قياس أداء الشركات السعودية ذات رأس المال الكبير مع نظيرتها من الأسواق العالمية الأخرى، التي تشترك معها في المميزات نفسها، الأمر الذي يجعل مقارنة قياس أداء تلك الشركات - بين منطقتين جغرافيتين - أكثر منطقية وواقعية، مقارنة بالطرق التقليدية، التي يستعين بها بعض المتداولين، وتفتقد أدوات المقارنة المعيارية بين بورصتين مختلفتين.
ويتم تعريف المؤشر كمقياس إحصائي، عادة من سعر أو كمية، ويتم حسابه من مجموعة تمثيلية من البيانات الأساسية، ويعد الدور الأكثر شيوعا للمؤشر معيارا إرشاديا، ويمكن وصفه بأنه المعيار الذي يمكن من خلاله قياس أداء الأداة المالية. ومن خلال هذا الدور، يوفر المؤشر طريقة لقياس أداء شريحة معينة من السوق المالية، مثل المقارنات داخل المنطقة الجغرافية، أو قطاع الصناعة أو غيرها من الأصول.

التحول نحو الاقتصاد الأخضر

بعد اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي في 2015، أعلنت دول الخليج عن برامجها الداعمة لتقنين اعتمادها على النفط ودعم الطاقة المتجددة. وأدت تلك التطورات إلى ظهور قطاع مالي جديد بالمنطقة خلال العامين الماضيين يعنى بدعم التمويل المستدام الذي تدعو مبادئه المعنية بمراعاة البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة ESG.
وأسهمت أهداف التنمية المستدامة (الصادرة عن الأمم المتحدة) واتفاقية باريس في تحفيز دول العالم للتحول نحو تعزيز الاستثمارات بالاقتصاد الأخضر. وتم خلال الخمسة أعوام زيادة الوعي البيئي للمستثمرين والمصدرين والمقترضين. وذلك بعد أن تم دمج التمويل المستدام في القطاع المالي وذلك عبر هيكلة العديد من المنتجات الاستثمارية الجديدة الصديقة للبيئة.

التنمية المستدامة ورؤية 2030

في 2017 عادت المملكة وأكدت أنها ستظل ملتزمة بالهدف المحدد لها عبر اتخاذ الإجراءات المناخية التي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة في إطار رؤية المملكة 2030 التي ستؤدي إلى زيادة الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة.
وتسعى السعودية إلى وقف اعتمادها على النفط في إطار رؤيتها للإصلاح الاقتصادي. وتسهم السعودية في خفض الانبعاثات التي تعكس التزامها بالتطوير والتوظيف التجاري لتقنيات منخفضة الانبعاثات، حيث تهدف السعودية للاعتماد بدرجة أكبر على تكنولوجيا الطاقة الشمسية والوقود الأكثر نظافة.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة