بعد المعلمين .. أزمة ممرضين!
لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ أو نسمع عن قضية المعلمين السعوديين مع وزارة التربية خاصة خريجي كليات المعلمين الذين وجدوا أنفسهم في الشارع بعد دراسة أربعة أعوام وانتظار ثلاثة أخرى. طبعا القضية من أساسها تتعلق بسوء تقدير الاحتياجات المستقبلية، واعتقاد بعض الجهات أنها فوق المساءلة فقط لأنها حكومية.
اليوم تكاد المشكلة تتكرر في قطاعات أخرى لعل من بينها المهن المرتبطة بالصحة مثل التمريض، الأشعة، الأسنان وغيرها. وللأسف فإن الناس تذهب ضحية تصريحات بعض المسؤولين الذين يكررون أن هناك حاجة ماسة في هذه الجهة أو تلك لوظائف في المستقبل. وأضرب مثالا بتصريحات مسؤولين في وزارة الصحة قبل أكثر من عام التي كرروا فيها أننا نحتاج إلى أكثر من 50 عاما لتغطية احتياج بعض التخصصات الطبية. طبعا التصريحات تغري البسطاء الذين يقذفون أبناءهم في المعاهد الصحية. وهم إن تجاوزا ضعفها صفعوا بعدم وجود توظيف في المستشفيات التي تعج بالفلبينيين والهنود.
أمس الأول كنت أستمع عبر الإذاعة إلى الدكتور محمد الفريحي أمين عام هيئة التخصصات الطبية وهو يصرخ محذرا من كارثة قادمة تتمثل في وجود أكثر من خمسة آلاف طالب يدرسون التمريض حاليا لكنهم لن يجدوا وظائف مستقبلا. السبب كما يقول الفريحي أن التخصص المذكور الذي يدرس حاليا هو فني تمريض "حاف" في حين أن حاجتنا في تخصصات أكثر تخصصية مثل "تمريض أطفال" "تمريض عناية مركزة" وغيرها من التخصصات الأكثر تخصصا. التحذير صادر من رجل مسؤول ويقف على هرم جهة تشرف على قطاع صحي مهم ويدخل ضمن تخصصها التأكد من مهنية وقدرة العاملين في القطاع الصحي، وبالتالي إن لم تؤخذ على محمل الجد فإن مشكلة المعلمين ستتكرر في "الصحة" وغيرها من الجهات. طبعا هنا لا نحتاج إلى التذكير بمصير خريجي الجغرافيا والتاريخ مضافا إليهم بعض خريجي اللغات الأجنبية النادرة والآثار وخريجي المعاهد الزراعية والتقنية. وبالمناسبة قبل أيام قال لي أحد المختصين في المحاسبة إنه منذ أكثر من أربعة أعوام لم يضف إلى السعوديين دكتور واحد في المحاسبة علما بأن العدد الحالي يعد على الأصابع، وأن الطلب على هذه المهنة في سوق العمل يفوق التصور ويعج بالوافدين.
إن من الأجدى تخصيص جهة رسمية لتحديد الاحتياجات الفعلية للبلد من القدرات الوطنية، على أن تعطى الحق في فتح التخصصات التي تتوافق مع سوق العمل وإغلاق كليات ومعاهد "أنابيب البطالة".