تقارير و تحليلات

أداء الاقتصاد السعودي يدعم مكاسب مؤشرين دوليين لعوائد ديون الإصدارات السيادية

أداء الاقتصاد السعودي يدعم مكاسب مؤشرين دوليين لعوائد ديون الإصدارات السيادية

حقق مؤشران دوليان متخصصان في قياس عوائد ديون الإصدارات السيادية للسعودية مكاسبهما الأولى لهذا العام، بدعم من بيانات إيجابية لأداء الاقتصاد المحلي وانخفاض عوائد سندات الخزينة الأمريكية.
وتجلى نجاح الرياض في تعامل اقتصادها مع تبعات الجائحة عبر التمكن من احتوائها ومن ثم معاودة النمو التدريجي من جديد.
وأدى ذلك إلى إقبال المستثمرين الدوليين على أدوات دينها الدولارية، حيث حقق مؤشر بنك أوف أمريكا الذي يتتبع أداء أدوات الدين السعودية السيادية، ومؤشر قياس أداء الإصدارات للحكومة السعودية التابع لـ"آي إتش إس ماركيت"، مكاسب 0.78 في المائة و0.87 في المائة على التوالي.
ويعود الأداء المتواضع لهذين المؤشرين خلال الفترة الماضية إلى سبب رئيس، وهو ارتباط حركة سندات السعودية مع نظيرتها من سندات الخزينة الأمريكية بحكم ربط العملة.
ويتم تسعير أدوات الدين السيادية للسعودية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزينة الأمريكية، حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية.
ولكن مع انعكاس مستويات عوائد سندات الخزينة الأمريكية نحو الهبوط، أصبح امتلاك الإصدارات السابقة لسندات المنطقة الخليجية أمرا جاذبا لمحافظ المستثمرين بسبب ارتفاع عائدها وفقا لأوضاع السوق الحالية، إذ إن هناك "علاقة عكسية" بين ارتفاع أسعار تلك الأوراق المالية وانخفاض العائد.
وأظهر رصد وحدة التقارير في «الاقتصادية»، أن "مؤشر أدوات الدين السيادية للسعودية" المقومة بعملة الدولار، الذي يديره بنك أوف أمريكا ميريل لينش المعروف اختصارا بـICE BofAML index، حقق مكاسب بلغت 0.78 في المائة مقارنة بـمكاسب 2020 البالغة 10.78 في المائة.
ويصل وزن أدوات الدين السعودية في هذا المؤشر إلى 12.5 في المائة. وبهذا تحتل السعودية المرتبة السابعة من حيث أعلى مكاسب دولارية تحصل عليها المستثمرون الدوليون من جراء الاستثمار في تلك الأوراق المالية المدرجة في بورصة لندن وذلك في فئة الأسواق الناشئة، للدول ذات الدرجة الاستثمارية المرتفعة، وذلك منذ بداية العام حتى نهاية الأسبوع الثالث من آب (أغسطس).
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية إلى بيانات منصة الأبحاث "كريدت سايتس"، التي تنشر أداء الدول المندرجة في مؤشر ميريل لينش بصفة أسبوعية.
يذكر أن منصة الأبحاث "كريدت سايتس" تعد أحد أهم الأصوات الرائدة في أسواق الائتمان العالمية، التي تستمع لها صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول فيما يتعلق بتقييم مخاطر الائتمان الخاصة بالأوراق المالية الاستثمارية.
وتفوقت أدوات الدين الدولارية الصادرة عن الحكومة السعودية على أدوات الدخل الثابت الصادرة من الأسواق الناشئة، حيث حققت مكاسب لمن استثمر فيها خلال هذا العام.
وكشف رصد «الاقتصادية» أن أدوات الدين الصادرة من أكبر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط قد عادت بمكاسب خلال الثمانية أشهر الأولى خلال العام الجاري بلغت 0.87 في المائة مقارنة بـأداء مؤشر سندات الأسواق الناشئة الذي حقق مكاسب بلغت 0.71 في المائة.
واستند رصد الصحيفة إلى مؤشر "ايبوكس للإصدارات السيادية الدولارية للسعودية"، التابع لـ"آي إتش إس ماركيت" وهي المزود العالمي للمؤشرات التي يستعين بها شركات إدارة الأصول وصناديق التحوط العالمية.
وأغلق المؤشر، الذي يحتوي على 21 أداة دين من سندات وصكوك، عند 132.9 نقطة مقابل 131.8 نقطة أوائل كانون الثاني (يناير). وحقق مؤشر القياس أقصى ارتفاع له "أي منذ خمسة أعوام من العمل بالمؤشر" عندما أغلق في 7 آب (أغسطس) 2020 عند 133.76 نقطة.
ونجح رهان شركات إدارة الأصول على السندات ذات الدرجة الاستثمارية للسعودية هذا العام، وذلك بعد تزايد أعداد الصناديق التي اتجهت للاستثمار في تلك الفئة من السندات لتعزيز عوائدها في مواجهة انخفاض أسعار الفائدة لمستويات تاريخية.
وتمتاز الإصدارات الدولارية بجاذبية عوائدها. ويصل المعدل المتوسط للدفعات الدورية، لأدوات الدين السعودية التي يغطيها المؤشر، إلى 3.87 في المائة، بحسب بيانات منصة "آي إتش إس ماركيت".
وعلى الرغم من تفاوت المصادر التي تحدد العدد الفعلي للدول المنضوية تحت مسمى "الأسواق الناشئة أو الصاعدة"، فإن هناك إجماعا أن تعداد تلك الدول يراوح ما بين 38 دولة إلى 45 دولة، ضمنها دول الخليج، روسيا، الصين وكوريا، والهند.
فترة الصيف
وأشارت بيانات مالية حديثة إلى أن جهات الإصدار السعودية استحوذت مجتمعة على نحو 7 في المائة من إجمالي إصدارات المنطقة الخليجية خلال فترة الصيف التي تتميز بعدم كثرة الإصدارات بها. وأوضحت تلك البيانات، أن المصدرين السعوديين قد أصدروا ما يصل إلى 225 مليون دولار من السندات والصكوك وذلك ما بين تموز (يوليو) إلى آب (أغسطس)، مستغلين بذلك نوافذ الإصدار التي توافرت لهم في ظل تقلبات أسعار عوائد الخزينة الأمريكية.
ووفقا لبيانات "بوند إي فاليو" المالية، فقد بلغ إجمالي ما أصدرته جهات الإصدار الخليجية 3.2 مليار دولار من أدوات الدين خلال الـ60 يوما الماضية. ومن المنتظر أن ترتفع حصة المصدرين السعوديين في نهاية النصف الثاني.
وينتظر خلال الفترة المقبلة أن يسعى المقترضون الخليجيون إلى تدبير سيولة نقدية أو تحسين شروط تمويلاتهم القائمة، لتعكس ظروفا أفضل للسوق والاستفادة من أسعار فائدة منخفضة، قبل تشديد محتمل للسياسة النقدية من مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي. في حين قد يحاول البعض إعادة شراء الصكوك القائمة بالدولار الأمريكي من المستثمرين وإصدار صكوك جديدة لتحل محلها.
ماهية تسعير أدوات الدين
يتم تسعير معظم أدوات الدين السيادية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزينة الأمريكية، حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية.
وعندما تبدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون إلى عاملين، الأول هو هوامش الائتمان spreads الخاصة بجهة الإصدار، والثاني هو معدلات مؤشر القياس وذلك وفقا لآجال الاستحقاق المستهدفة.
وعندما يتم دمج هذه الأرقام - أي "هوامش الائتمان" مع "مؤشر القياس" - يتم الحصول على العائد النهائي المعروف بـyield وذلك عندما يغلق الإصدار. مع العلم أن هوامش الائتمان تمر بثلاث جولات للأسعار الاسترشادية، قبل أن يتم تقليص تلك الأرقام مع كل جولة وذلك بحسب حجم إقبال المستثمرين على الإصدار.
خروج سندات من المؤشرات
من المنتظر أن يتم خروج الإصدارات التي يحين استحقاقها هذا العام من مؤشرات جي. بي مورجان وذلك وفقا للإرشادات التنظيمية لكل مؤشر.
ولدى السعودية إصدار دولاري بقيمة 5.5 مليار دولار "أجل خمسة أعوام" الذي يحين أجل استحقاقه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل وفقا لمنصة "سي بوندز" للبيانات المالية.
ويعد هذا الإصدار متميزا لأنه كان من ضمن باكورة إصدارات السعودية من السندات الدولية في 2016، التي لاقت ترحيبا حارا من المستثمرين الأجانب.
استند رصد وحدة التقارير الاقتصادية حول مواعيد آجال الاستحقاق، إلى بيانات منصة "فاكتست" للخدمات المالية. يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي، من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
الانضمام لم يكن سهلا
تاريخيا، دائما ما عانت أدوات الدخل الثابت من عدم حصولها على التقدير اللازم، كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة. ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول تلك في معظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الناشئة.
لكن الأمر برمته بدأ بالتغير تدريجيا مع نهاية كانون الثاني (يناير) 2019 عندما شرعت مؤشرات جي. بي مورجان بإضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة، التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة بأدوات الدخل الثابت.
إلا أن عملية الانضمام لهذا المؤشر قد تأخر ت بشكل كبير. وعاد ذلك بسبب وجود معيار صارم، يفيد بأن دول الخليج تقع في مرتبة عالية جدا على مؤشر البنك الدولي لتصنيف الدخول المرتفعة، تتجاوز المعايير العادية التي تؤهل للإدراج في مؤشر الأسواق الناشئة، وهو أن يكون دخل الفرد أقل من 20 ألف دولار. فدخل الفرد في الإمارات يصل إلى 40 ألف دولار مقارنة بعشرة آلاف دولار في البرازيل.
بيد أنه تم إيجاد منهجية أخرى تسمح لدول الخليج بأن تكون ضمن تصنيف الأسواق الناشئة، مثل "نسب تعادل القوة الشرائية"، التي يستخدمها صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمقارنة بين ثروات مختلف الدول.
وهذا المؤشر يمكن استخدامه في بعض الأحيان لمقارنة مستويات المعيشة بين بلدين أو أكثر. وهذا المعيار يستخدم أيضا لقياس تكلفة شراء سلة سلع مماثلة لعملات دول أخرى في الأسواق الناشئة.
بالنسبة للصكوك، فإن الأنظمة الداخلية للمؤشرات تسمح باختيار الصكوك الصادرة من جهات الإصدار المؤهلة، وذلك شريطة أن تكون الصكوك حاصلة على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الائتماني العالمية وتاريخيا، تمت إضافة الصكوك إلى المؤشر منذ أواخر 2016.
إدارة الصناديق ومؤشرات قياس الأداء
معلوم أن المستثمرين في سوق السندات والصكوك وكذلك شركات إدارة الأصول يستعينون بتلك المؤشرات من أجل مقارنة أداء تلك الأدوات الاستثمارية وفقا لمنطقة جغرافية محددة أو قطاع معين. ومن المتعارف عليه مع شركات إدارات الأصول، فإن هناك مؤشر قياس لكل فئة من الأصول الاستثمارية، وذلك لكي يقيس مدير الصندوق الأداء السنوي للصندوق مع مؤشر القياس الذي يسترشد به. حيث يتم الطلب من مديري الأصول الذين يتولون إدارة صناديق الدخل الثابت بأن يحققوا عائدا قريبا من المؤشر الذي يتبعونه.
والغاية من ذلك تكمن في مساعدة المستثمر في تلك الصناديق من قياس أرباح أو خسائر الصندوق وفقا لمؤشر قياس يعتد به. ويعد مؤشر بلومبيرج باركليز أحد المزودين الثلاثة الرئيسين لمؤشرات السندات في العالم وتتبع أداءه صناديق السندات العالمية.
وكان مؤشر بلومبيرج باركليز من أوائل المؤشرات العالمية التي أدرجت سندات وصكوك الحكومة السعودية ضمن مؤشراته.
مراحل متدرجة
معلوم أن المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية قد توقع في 2019 أن تصل قيمة التدفقات نحو أدوات الدين السعودية إلى نحو 11 مليار دولار وذلك ما بين 31 كانون الثاني (يناير) 2019، وهو تاريخ الانضمام الفعلي للمرحلة الأولى، و30 أيلول (سبتمبر) من العام ذاته.
وبحسب توقعات المتخصصين في أسواق الدخل الثابت، فمن المفترض أن هذا الانضمام قد جلب ما بين 25 في المائة إلى 33 في المائة كتدفقات "إضافية" نحو أدوات الدين السيادية للمملكة وهي استثمارات بالأوراق المالية للسعودية لم تكن في المتناول قبل 2019.
في حين تصل هذه النسبة إلى 50 في المائة للكويت التي لديها إصدار واحد مؤهل وهي سندات الأعوام العشرة.
وبسبب وصول الديون الخليجية "المضافة" والقديمة ما بين 15 في المائة إلى 20 في المائة، فإن القائمين على المؤشر ارتأوا أن تتم عملية الدخول للمؤشرات عبر عدة مراحل وذلك على مدى تسعة أشهر وذلك كي لا يتسبب الحجم الكبير للديون الخليجية في إحداث اضطرابات في الديون الأخرى مع تحويل الصناديق الأموال إلى أدوات الدين الخليجية.
مقدار التدفقات الخليجية
بشكل عام هناك تباين في مقدار التدفقات الخاملة والنشطة، التي يتوقع لها أن تنجذب إلى أدوات الدين الخليجية. والسبب في ذلك يرجع لكون الصناديق النشطة قد قامت في أواخر 2018 بشراء كمية ضخمة من الديون الخليجية، ترقبا لإعلان انضمامها أوائل عام 2019 وهذا ما حدث.
وأظهر رصد «الاقتصادية» مستندا إلى توقعات بيوت الخبرة بشركات إدارة الأصول العالمية والإقليمية، أن التدفقات المتوقعة للسعودية قبل إعلان خبر الانضمام في كانون الثاني (يناير) 2019، كانت تراوح ما بين 10و11 مليار دولار وللإمارات بقيمة ثمانية مليارات دولار.
ولكن بعد الانضمام الرسمي، في أواخر كانون الثاني (يناير)، فإن هذا الرقم قد وصل إلى سبعة مليارات دولار للسعودية وخمسة مليارات دولار للإمارات ونحو 30 مليار دولار لمنطقة الخليج.
وهذا الأمر قد أكدته للمرة الأولى مذكرة بحثية صادرة من بنك أوف أمريكا ميريل لينش، التي ذكر فيها أن صناديق كثيرة زادت انكشافها على السعودية، وهو ما قلص إلى حد ما فرص مزيد من الشراء إلا أن ردود المستثمرين، في ذلك الوقت، كانت تشير إلى أنهم لم يصلوا بعد إلى الوزن الكامل، بينما يتحرك المستثمرون الخاملون تمشيا مع المؤشرات التي تضيف نسبة معينة من أدوات الدين بشكل شهري.

*وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات