..عندما "ترتعد" الثقة؟

الحديث عن تدني خدمات وزارة الصحة أمر غير جديد، بل يكاد يكون ضلعا أساسيا في شكاوى الناس في مختلف المناطق. لن نسأل وزارة الصحة عن الأخطاء الطبية، ولا عن الأسرَّة التي يبحث عنها المرضى دون جدوى، ولا عن المستشفيات التي لا تزال تحت الإنشاء حتى الآن، ولا عن مصير المستشفيات المحورية.
اليوم نسأل الوزارة ووزيرها الجراح الشهير هل يرضيه النقص الحاد في بعض الأجهزة الضرورية للمستشفيات الحكومية التي تزدحم بالبشر رغم سمعتها المخيفة وخدماتها المتدنية؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ ومن يتحمل مسؤوليتها أمام الله قبل كل شيء؟
خذ مثلا .. هل يرضي ضمائر مسؤولي الوزارة أن مستشفى حكوميا يرقد فيه مئات المرضى منذ عشرات السنين لا يوجد فيه أشعة مقطعية؟ والأشعة المقطعية (لغير المختصين) أحد أهم أنواع الأشعة التشخيصية التي لا يمكن الاستغناء عنها لتشخيص أمراض عديدة، كما لا يمكن الاستغناء عنها لمتابعة حالة المريض ومراقبة تطورات حالته.
لكم أن تتخيلوا عملية نقل مريض من غرفة العناية المركزة إلى مستشفى آخر لإجراء الأشعة.. وما يترتب على ذلك من معاناة المرضى، والمخاطرة بحياتهم جراء هذا النقل.
هذا الأمر يحدث في مستشفى حائل العام، الذين يطلق عليه الأهالي هناك لقب "القديم" وهو اسم على مسمى، أسماه الدهر قبل أن يسميه مراجعوه، لكن هل يبرر قدمه ووضعه المهترئ رغم جهود إدارته المماطلة عدم توفير جهاز أشعة مقطعية؟
هل يليق أن تكون ميزانية وزارة الصحة أكثر من 25 مليار ريال كل عام وتعجز عن توفير هذا الجهاز سواء لهذا المستشفى أو غيره؟ ثم ألا يتحمل الموظف الذي يرفض هكذا طلب المساءلة؟
إن افتقاد مثل هذه الأجهزة المهمة والضرورية في مستشفيات المناطق لا يهز ثقة الناس فقط (ترتعد الآن) في خدمات الوزارة، بل إنه أحد الأسباب في تفاقم سلبيات أخرى كالضغط على المستشفيات الكبيرة في المدن الكبرى بالبحث عن السرير، وتنامي الأخطاء الطبية، وأيضا المخاطرة بحياة المرضى التي هي الأهم بالتأكيد.
أخيرا .. ألا يحق لنا أن نسأل عن مصير من تضرروا من هذا النقص، بل كم شخصا تضرر من ذلك؟ ومن المسؤول عنها؟ وما رأي الوزارة حيال ذلك؟ طبعا نحن نريد الإجابة بعد أن توفر الجهاز .. أما قبل ذلك فلا يعدو "كلاما في كلام" .. وسلام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي